عشتار تيفي كوم - سيريك برس/
تعيش مناطق سيطرة الحكومة السورية خلال الأشهر الأخيرة موجة متصاعدة من الانفلات الأمني، انعكست على الفئات الأقل تمثيلا، وبينها المسيحيون الذين وجدوا أنفسهم في مواجهة سلسلة انتهاكات متباينة، من نبش قبور وصولاً إلى اعتداءات مسلّحة وتحريض طائفي علني، من دون مؤشر فعلي على محاسبة أو إجراءات رادعة.
في ريف حموث (حمص) الغربي، أثارت حادثة نبش قبور المسيحيين في قرية الناصرية موجة استياء واسعة. حسابات محلية على فيسبوك أفادت بأن عناصر مرتبطين بالحكومة السورية أقدموا على نبش القبور، في خطوة اعتبرها الأهالي “انتهاكاً فاضحاً لحرمة الموت“ ورسالة مقلقة حول غياب سلطة القانون في المنطقة.
وبعيداً عن حموث، كانت مدينة البوكمال في ريف ديرو زعورو (دير الزور) الشرقي على موعد مع توتر من نوع آخر، بعدما انتشرت على جدران أحيائها عبارات تحريضية تدعو صراحةً إلى قتل المسيحيين، في مؤشر خطير على توفر بيئة خطاب كراهية دون تدخل واضح من السلطات لوقفها أو ملاحقة مطلقيها.
وفي محردة بريف حمتو (حماة)، نجا الشاب أيهم أسعد من محاولة قتل خلال عملية سطو مسلّح في مدينة تلبيسة بحموث. أسعد كان قد توجّه لتسلّم دراجة نارية اشتراها عبر وسيط، ليفاجأ بشخصين مسلّحين اعترضا طريقه وأطلقا النار عليه مباشرةً قبل الاستيلاء على الدراجة. أصيب بثلاث رصاصات في الصدر والكتف والرأس، وما يزال في العناية الطبية بحالة حرجة.
اعتداء مشابه وقع في سقيلبية بريف حمتو، حيث هاجم ثلاثة مسلّحين ملثمين الشاب سهيل اسبر أثناء عودته من أرضه الزراعية. سلبوه دراجته وهاتفه والمبلغ المالي الذي كان بحوزته، ووجّهوا إليه تهديدات مباشرة “على خلفية كونه مسيحياً“، بحسب روايات مقربين من عائلته.
وفي صحنايا قرب دارمسوق (دمشق)، تحوّلت حادثة تحرّش لفظي بفتاة مسيحية إلى ملف معقّد انتهى بجلسة “صلح“ بلا مساءلة فعلية. والد الفتاة، لؤي شحادة، احتُجز في المخفر إلى جانب ابنه، بينما جرت محاولة لتحويل الحادثة من اعتداء على فتاة إلى “قضية سيادة دولة“، استناداً إلى ادعاء بأن أحد عناصر الأمن تعرّض للاعتداء وهو ما نفاه شهود كانوا في موقع الحادثة وقت وقوعه.
تتزامن هذه الوقائع مع شعور متزايد بين سكان تلك المناطق بأن غياب المحاسبة، وتعدد الجهات الأمنية، وتفشي السلاح، كلها عوامل تُسهم في خلق بيئة تسمح بانتهاكات تستهدف المدنيين بوجه عام، والمسيحيين على نحو خاص. ورغم تكرار الشكاوى، لا توجد مؤشرات على تحركات حكومية فعّالة تحدّ من هذه الاعتداءات أو تفتح تحقيقات علنية بشأنها. |