قناة عشتار الفضائية
 

توتّر متصاعد يهزّ المجتمعات المسيحية في ريف حموث(حمص)

 

عشتارتيفي كوم- سيرياك برس/

 

حموث(حمص) – سوريا: يعيش السكان المسيحيون في “وادي المسيحيين” حالة جديدة من الخوف والقلق بعد أن دخلت مجموعة من الموالين للحكومة إلى قريتين ذات أغلبية مسيحية وهم يرفعون شعارات جهادية ويهتفون بهتافات دينية مُهينة، وفقاً لما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان. 

ووقعت الحادثة في محيط كنيسة مار إلياس التابعة لقريتي عنّاز والحواش، حيث كان الأهالي قد تجمعوا لتزيين شجرة الميلاد السنوية. وقال السكان إن المجموعة، المؤلفة من نحو عشرة دراجات نارية، توقفت بالقرب من الكنيسة، وردّد أفرادها صيحات “تكبير” (الهتاف بـ“الله أكبر”) وأطلقوا شعارات استفزازية، ما أثار الذعر بين العائلات التي كانت تستعد لاحتفالات العيد. 

وقد تحوّلت شجرة الميلاد، التي تعدّ رمزاً لاستمرارية الوجود المسيحي في حمص المنهكة، إلى خلفية لمشهد وصفه كثير من الأهالي بأنه “مقلق للغاية”.  

أفاد ناشطون للمرصد السوري لحقوق الإنسان بأن الأشخاص الضالعين في الحادثة يُعتقد أنهم من الموالين للسلطات السورية الحالية. وأثار رفعهم رايات جهادية، في قرى كانت تاريخياً هدفاً لفصائل متطرفة خلال المراحل السابقة من الصراع، حالة إنذار شديدة بين السكان. 

وتأتي هذه التوترات في ظل نمط أوسع من الضغوط في عدد من المحافظات، حيث أبلغت مجتمعات مسيحية وعلوية عن تعرّضها للإكراه للمشاركة في مسيرات مؤيدة للحكومة. ففي حموث (حمص) وكذلك في اللاذقية وطرطوس وحمتو (حماة) وريفها، طُلب من مديري المدارس ضمان مشاركة الطلاب والمعلمين في مظاهرات موالية للحكومة تحت مسمى “يوم التحرير”. ووفق مصادر المرصد السوري، يواجه المعلمون خطر الفصل من العمل في حال رفضهم المشاركة  

تقول العائلات المسيحية في ريف حموث إن حملة الاجبار باتت أكثر حدّة بعد المظاهرات السلمية التي نُظّمت مطلع الشهر الجاري. وكانت تلك التجمعات — التي قادها وجهاء محليون طالبوا بحماية المجتمعات الصغيرة ووضع حد للعنف — صغيرة من حيث العدد لكنها حملت دلالات رمزية مهمة. ويؤكد سكان شاركوا فيها أنهم يواجهون اليوم رقابة متزايدة وتهديدات ضمنية من مسؤولين محليين وجهات أمنية. 

وقد عمّق حادث الدراجات النارية الأخير المخاوف من تصعيد أساليب الترهيب. وقال أهالٍ في الحواش وعنّاز للمرصد السوري إنهم يخشون أن تؤدي هذه المواجهات إلى منع المصلّين عن حضور قداديس عيد الميلاد. كما أفاد بعضهم بأنهم أبقوا أبناءهم في المنازل بعد أن وسّعت القوات الأمنية انتشارها في المناطق المجاورة. 

وفي الوقت نفسه، شهدت مدينة اللاذقية الساحلية إحدى أكبر المسيرات الموالية للحكومة منذ سنوات. فقد شكّل مئات المتظاهرين سلسلة بشرية، وهم يلوّحون بالأعلام ويردّدون هتافات تدعو إلى الوحدة الوطنية. ورغم مرور الفعالية دون أي مواجهات، فإن الانتشار الأمني الكثيف عزّز الانطباع لدى مجتمعات الأقليات بأن المسيرة لم تكن تعبيراً عفوياً عن الدعم بقدر ما كانت عرضاً منظماً لإظهار السيطرة. 

وبالنسبة للمسيحيين في حموث — الذين أنهكتهم سنوات النزوح والتهديدات الطائفية والصراع — فقد أعادت أحداث الأسبوع الماضي إحياء مخاوف قديمة. ويحذّر وجهاء المجتمع من أن مزيج الضغوط والمراقبة وعروض الولاء القسرية قد يزعزع النسيج الاجتماعي الهش الذي أعيد ترميمه ببطء ومشقّة منذ طرد تنظيم داعش وفصائل مسلحة أخرى من المنطقة. 

ومع تقدّم شهر كانون الأول، يجد المسيحيون في ريف حمص أنفسهم يسيرون على الحبل ذاته من جديد: محاولة التمسّك بالتقاليد في وقت يضطرون فيه إلى التكيّف مع رياح سياسية متقلبة من حولهم.