قناة عشتار الفضائية
 

غبطة البطريرك مار أفرام الثاني : واجب الكنائس العمل معًا حفاظًا على الإيمان

 

عشتار تيفي كوم - أسي مينا/

تحدَّث أفرام الثاني عن أجواء الصلوات في مكان انعقاد مَجْمَع نيقيا الأوّل، مؤكّدًا أنّه شعر كأنّه يعيش «لحظات تاريخيّة عاشها آباؤنا، خصوصًا الآباء الـ318 الذين اجتمعوا حول الإيمان المستقيم». وقال: «هذا المشهد ذكّرني بمسؤوليّتنا، نحن القادة الروحيّين، تمامًا مثلما حَمَلها الآباء يوم واجهوا بدعة آريوس وتشويشات تستهدف الإيمان. ما نعيشه اليوم ليس بعيدًا عمّا واجهته الكنيسة قبل 1700 عام؛ إذ إنّ التشويش والتخريب قائمان، ومن واجب الكنائس البحث والعمل معًا حفاظًا على الإيمان».

الوحدة… مسار لا يتوقّف

وشدّد البطريرك على ضرورة أن يكون المسيحيّون، على مثال آباء مَجْمَع نيقيا، «كنيسة قويّة ومتّحدة، كي تكون شهادتنا صادقة ومؤثّرة أمام الآخرين». وأضاف: «الوحدة ليست حدثًا يقع وينتهي، بل هي مسار طويل. نحن اليوم أقرب إلى بعضنا ممّا كنّا عليه قبل قرون… المهمّ ألّا نتراجع». وأوضح أنّ سبب الانقسام في الكنيسة يعود إلى اختلاف التعابير اللاهوتيّة لا اختلاف الإيمان نفسه.

 

ووصَفَ علاقة كنيسته بالكنيسة الكاثوليكيّة بأنّها «جيّدة جدًّا»، مذكّرًا بأنّ سبعينيّات القرن الماضي شهدت رحلة تاريخيّة أجراها البطريرك يعقوب الثالث إلى الفاتيكان، حيث التقى البابا بولس السادس، تلتها وثيقة العام 1984 الموقّعة بين البطريرك زكّا الأوّل والبابا يوحنّا بولس الثاني. وتميّزت الوثيقة بأنّها «ذهبت خطوة أبعد» لأنّها أتاحت لمؤمني الكنيستَين التناول المتبادل وتلقّي بقيّة الأسرار كالعماد وغيره.

مسيحيّو سوريا… واقع صادم

في ما يتعلّق بوضع مسيحيّي الشرق، كشف أفرام الثاني وجود تقارير «صادمة» تشير إلى انخفاض عدد المسيحيّين في سوريا بنسبة 80%. وقال: «هناك خطر حقيقيّ، وأخشى أن يُصبح الشرق خاليًا من المسيحيّين، وهذا الخطر يجب أن يدفعنا إلى العمل معًا». وأوضح أنّ الأسباب التي تدفع المسيحيّين إلى الهجرة تتمثّل في الخوف وانعدام الأمن والفقر والبطالة، رغم انفتاح كثير من الدول العربيّة والأجنبيّة على سوريا. وبيَّنَ أنّه «لا يوجد تهديد مباشر يُحدِق بالمسيحيّين اليوم، لكنّ غياب الأمن يولّد الخوف ويدفع الناس إلى البحث عن حياة مستقرّة». وأشاد بدور الكنائس في سنوات الأزمة. وشدّد على أنّ بقاء المسيحيّين في وطنهم يتطلّب «العيش بكرامة على أساس المواطنة». أمّا عن عودة المهاجرين، فقال: «مَن خرج في معظم الحالات لن يعود؛ ما يهمّنا هو أن يبقى الموجودون».

السريان في تركيا

شدّد أفرام الثاني أيضًا على أنّ جنوب شرق تركيا «هو وطن السريان التاريخيّ، أرض الآباء والأجداد». ورغم الهجرة الواسعة في سبعينيّات القرن الماضي وثمانينيّاته، فإنّ الواقع اليوم يبدو مختلفًا. ففي زيارته الأخيرة لولاية ماردين وقرى طور عبدين، شهد أفرام الثاني بوادر رجاء حقيقيّ. وقال: «رُمِّمَ كثيرٌ من الكنائس والأديرة التي اعتقدنا أنّها لن تعود إلى سابق عهدها، وثمّة سريان عادوا من أوروبا وبنوا بيوتًا جديدة، وهم يأتون مع أولادهم في الصيف… وهذا يُفرح القلب».

وتحدّث عن زيارته عشرات القرى السريانيّة التاريخيّة وكنائسها وأديرتها، مثل دير مار كبرئيل (القرن الرابع)، ودير الزعفران الذي كان مقرًّا للبطريركيّة طوال 600 عام. أمّا في إسطنبول، فكشَفَ أنّ كنيسة مار أفرام هي أوّل كنيسة تُشيَّد منذ أواسط القرن التاسع عشر، وأنّ الحكومة التركيّة سهّلت بناءها، وقد حضر الرئيس رجب طيّب إردوغان وضع الحجر الأساس لها وافتتاحها.