قناة عشتار الفضائية
 

"زوال الحضارة".. لماذا أغضبت وثيقة ترامب الأوروبيين؟

 

عشتارتيفي كوم- العربية نت/

 

عرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الجمعة استراتيجية بلاده للأمن القومي، التي بينت تحوّلاً جذرياً في سياسة الولايات المتحدة الخارجية. إذ نقلت تركيز القوة العظمى من الساحة العالمية إلى الجوار الإقليمي وأنذرت بزوال الحضارة الأوروبية، واضعة الحد من الهجرة الجماعية على رأس أولوياتها.

وبناء على وثيقة الأمن القومي التي نشرها البيت الأبيض، تصدّرت أميركا اللاتينية أجندة الولايات المتحدة في تحوّل جذري عن دعوتها تاريخياً للتركيز على آسيا في مواجهة صعود الصين، مع تسجيل تراجع كبير في اهتمام الإدارة الحالية بالشرق الأوسط.

لكن لماذا أغضبت هذه الوثيقة الأوروبيين، فكانت ألمانيا أمس أولى المنتقدين لها؟

 

زوال الحضارة الأوروبية

للإجابة على هذا السؤال، لا بد أولاً من العودة إلى نص تلك الوثيقة، فقد أشارت إلى ما وصفته "زوال الحضارة الأوروبية".

كما اعتبرت أن أوروبا في حالة تراجع اقتصادي، لكن "مشاكلها الحقيقية أعمق" بكثير، مضيفة أن "أنشطة الاتحاد الأوروبي تقوض الحرية السياسية والسيادة"، وتعتمد سياسات هجرة تغيّر القارة، وتفرض رقابة على حرية التعبير وقمع المعارضة السياسية، وفقدان الهويات الوطنية. وأوضحت الاستراتيجية أن تراجع حصة أوروبا في الاقتصاد العالمي، ناجم إلى حد كبير عن صعود الصين وغيرها من القوى، قائلة إن "التراجع الاقتصادي يطغى عليه احتمال حقيقي وأكثر وضوحا يتمثل بالمحو الحضاري.. إذا استمرت الاتجاهات الحالية، فلن يعود من الممكن التعرّف على القارة في غضون عشرين عاما أو أقل".

 

"زرع المقاومة

كذلك لفتت إلى أنه على الولايات المتحدة أن "تزرع المقاومة" داخل القارة ضد "المسار الحالي لأوروبا".

هذا وأوضحت تلك الاستراتيجية دعم واشنطن الصريح للأحزاب القومية اليمينية المتطرفة في أوروبا. وأكدت الوثيقة أن "عصر الهجرة الجماعية يجب أن ينتهي". كما أوضحت أن أميركا في عهد ترامب ستسعى لتحقيق أهداف مشابهة في أوروبا، تتوافق مع أجندات أحزاب اليمين المتشدد، وفق فرانس برس.

ففي لغة غير مألوفة عند مخاطبة حلفاء مقرّبين، لفتت الاستراتيجية إلى أن الإدارة الأميركية ستعمل على "تنمية المقاومة لمسار أوروبا الراهن داخل البلدان الأوروبية نفسها".

لكل تلك الأسباب، أتى الرد الأوروبي غاضباً، عبر ألمانيا. إذ شددت برلين على أنها ليست بحاجة إلى من يعطيها "نصائح من الخارج".

فيما اعتبر النائب الديموقراطي غريغوري ميكس أن الوثيقة "تطيح بعقود من القيادة الأميركية القائمة على القيم لحساب رؤية عالمية جبانة وغير قائمة على مبادئ"، وفق تعبيره.

وفي وقت يسعى ترامب لوضع حد للحرب في أوكرانيا بموجب خطة تمنح روسيا مزيدا من الأراضي، تتّهم الاستراتيجية الأوروبيين بالضعف وتؤكد أن على الولايات المتحدة أن تركّز على "محو الانطباع بأن الناتو حلف يتمدّد بلا انقطاع، والحيلولة دون تجسّد ذلك على أرض الواقع".

 

تحديث "مبدأ مونرو"

إلى ذلك، تحدّثت الاستراتيجية صراحة عن تعزيز هيمنة الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية حيث تستهدف إدارة ترامب مهرّبي مخدرات مفترضين في البحر وتتدخل ضد قادة يساريين وتسعى علناً للسيطرة على موارد رئيسية مثل قناة بنما.

ما أعاد إلى الأذهان "مبدأ مونرو" القائم منذ قرنين والذي أعلنت في إطاره الولايات المتحدة التي كانت حديثة العهد حينذاك أن أميركا اللاتينية منطقة محظورة على القوى المنافسة.

في المقابل، أولت الاستراتيجية اهتماما أقل بالشرق الأوسط، المنطقة التي لطالما شغلت واشنطن.

يذكر أن الرؤساء الأميركيين عادة ما يصدرون "استراتيجية للأمن القومي" في كل ولاية لهم في البيت الأبيض. ومنحت الأخيرة التي نشرها جو بايدن في 2022 أولوية للتفوّق في المنافسة مع الصين مع كبح جماح روسيا التي وُصفت بأنها "خطيرة".