عشتارتيفي كوم- اندبندنت/
تشير دراسة حديثة إلى أن تغيرات تطاول بنى مجهرية موجودة في الدماغ، ويمكن رصدها عبر التصوير بالرنين المغناطيسي MRI، قد تمثل مؤشراً مبكراً محتملاً على الإصابة بداء ألزهايمر.
ومعلوم أن الخرف المرتبط بألزهايمر يتفاقم شيئاً فشيئاً، إذ يعاني المرضى تراجعاً في الذاكرة، وضعفاً في القدرة على التركيز، وصولاً في نهاية المطاف إلى تدهور القدرة على أداء شؤون الحياة اليومية.
وفق الإحصاءات، من المتوقع أن يرتفع عدد المصابين بالخرف حول العالم إلى 78 مليون شخص بحلول عام 2030، ثم إلى 139 مليون شخص بحلول 2050، مما يسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى تطوير وسائل أكثر فاعلية تتيح اكتشاف الداء في مراحله المبكرة.
وفي سباق مع الزمن، ينكب علماء من مختلف أنحاء العالم على تطوير طرائق أكثر دقة لقراءة صور الدماغ ورصد التغيرات الدقيقة فيها [مثل تراكم البروتينات]، إلى جانب أدوات تشخيصية أخرى أقل كلفة، تتيح تشخيص المرض قبل ظهور أعراضه، لا سيما أن رصد ألزهايمر في مراحله المبكرة يسمح للأطباء بالتدخل في وقت أبكر، وربما يسهم في إبطاء تطور الأعراض.
والآن، توصل الباحثون إلى أن انسداد المساحات المسؤولة عن تصريف الفضلات من الدماغ، والتي يمكن رصدها في صور التصوير بالرنين المغناطيسي، قد يشكل مؤشراً مبكراً على الإصابة بألزهايمر، قبل حدوث أضرار كبيرة في أنسجة الدماغ.
ووجد الباحثون أن هذه القنوات الطبيعية المسؤولة عن تصريف الفضلات في الدماغ تكون أكثر عرضة للانسداد لدى من تظهر لديهم مؤشرات مبكرة للإصابة بألزهايمر.
علمياً، يعرف هذا الانسداد باسم "توسع المساحات المحيطة بالأوعية الدموية" Enlarged Perivascular Spaces، وقد يشكّل إشارة مبكرة بالغة الأهمية على الإصابة بالخرف، بحسب الدراسة المنشورة في مجلة "نيورولوجي" Neurology (علم الأعصاب).
تطرق إلى النتائج طبيب الأعصاب ناغيندران كاندياه، من "جامعة نانيانغ التكنولوجية" في سنغافورة، فقال إنه "يمكن رصد هذه التشوهات الدماغية بالعين المجردة في صور الرنين المغناطيسي الروتينية التي تستخدم لتقييم حالات التراجع المعرفي.
وأضاف الدكتور كاندياه "أن رصد هذه العلامات من شأنه أن يعزز الوسائل الطبية المتاحة حالياً والمعتمدة في الكشف المبكر عن ألزهايمر، من دون الحاجة إلى فحوص طبية إضافية أو تكبد أعباء مالية جديدة".
وأوضح الباحثون أنه عندما يفقد نظام صريف الفضلات في الدماغ كفاءته، تبدأ هذه المساحات في التوسع على نحو يمكن رصده بوضوح في صور التصوير بالرنين المغناطيسي.
وشملت الدراسة فحص صور أدمغة نحو ألف شخص في سنغافورة من خلفيات عرقية مختلفة، من بينهم قرابة 350 شخصاً لا يعانون أي مشكلات معرفية.
وقارن العلماء بيانات صور الدماغ لأشخاص لا يعانون أي صعوبات معرفية ببيانات أشخاص أظهروا مشكلات في التفكير.
في النتيجة، وجدت الدراسة أن الأشخاص المصابين بضعف إدراكي خفيف كانوا أكثر عرضة لانسداد هذه المصارف الدماغية، أو لتوسع المساحات المحيطة بالأوعية الدموية، مقارنة مع بقية المشاركين.
وقيَّم الباحثون مؤشرات دموية مرتبطة بألزهايمر لدى المشاركين، شملت بروتين "بيتا أميلويد" Beta Amyloid وبروتين "تاو" Tau، المعروفين بدورهما الرئيس في تطور المرض.
وأظهرت الدراسة أن الانسدادات في المصارف الدماغية مرتبطة بأربع من أصل سبعة مؤشرات جزيئية في الدم [قياساًت لجزيئات محددة مرتبطة بألزهايمر]، من بينها "لويحات الأميلويد" Amyloid Plaques، وتشابكات بروتين "تاو".
رايتشل تشيونغ تشين يي، الخبيرة في طب الشيخوخة، التي لم تشارك في الدراسة، تحدثت عن النتائج أيضاً فأكدت أهميتها البالغة، إذ "تشير إلى أن صور الدماغ التي تكشف توسع المساحات المحيطة بالأوعية الدموية ربما تساعد في تحديد الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بألزهايمر، حتى قبل ظهور أي أعراض".
وأخيراً، يأمل العلماء إجراء تقييمات متابعة للمشاركين في الدراسة، بغية تحديد عدد الأشخاص الذين سيصابون لاحقاً بألزهايمر، والتأكد من أن توسع المساحات المحيطة بالأوعية الدموية يمكن أن يتنبأ بالأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالخرف لاحقاً.
|