قناة عشتار الفضائية
 

الكورديات الإزيديات يقدمن مسلحي داعش السابقين للمحاكمة في أوروبا

 

عشتارتيفي كوم- رووداو/

 

كانت (إيفانا) في الثامنة من العمر عندما بيعت لداعشي أمريكي بعد أن قتل مسلحو التنظيم والديها في منطقة سنجار. تعمل إيفانا الآن مع عشرات الكورديات الإزيديات، من خلال الإدلاء بشهاداتهن، على تقديم مسلحي داعش إلى محاكم الدول الغربية.

خلال العامين الماضيين كانت الدول الغربية تتعامل بحذر وتردد مع مسألة استعادة مسلحي داعش الأجانب، وكان من بين حججها صعوبة العثور على أدلة تثبت انتماء هؤلاء إلى تنظيم داعش، وكذلك الخوف من أن تفرض الأنظمة القضائية في تلك الدول عقوبات مشددة على أشخاص لا تتوفر أدلة كافية لإدانتهم.

شاركت إيفانا، 13 سنة، في فلم وثائقي عن عنف داعش الذي مورس ضد المجتمع الكوردي الإزيدي. الوثائقي من إنتاج (دوزن تكال) المحامي الألماني المنحدر من أصول كوردية إزيدية. من المقرر عرض الفلم الوثائقي في مقر الأمم المتحدة كجزء من مسعى شامل لتوثيق الإبادة الجماعية للإزيديين والعنف الذي مورس ضدهم.

في صيف 2014، شن داعش هجومه على منطقة سنجار والذي أسفر عن قتل أكثر من خمسة آلاف رجل من أبناء المنطقة، ونزوح نحو نصف مليون شخص من سكانها. كما أدى الهجوم إلى خطف أكثر من ستة آلاف امرأة وفتاة إزيدية مازال مصير قسم منهن مجهولاً.

في سوريا وحدها، يوجد أكثر من ألفي مسلح أجنبي في سجون قوات سوريا الديمقراطية، وقالت النساء الإزيديات اللواتي تحدثن لجريدة (وول ستريت جورنال) الأمريكية، إن المسلحين ليسوا وحدهم من أرهب النساء الإزيديات بل كان لنسائهم أيضاً دور في إرهابهن. لم تشارك نساء الدواعش في المعارك ولذلك فإن عقوباتهن ستكون أخف.

تقول إيفانا في مقطع من فلم (الحياة: صرخة من أجل الحياة) الوثائقي: "كان الداعشي متوحشاً للغاية، كان هو وزوجته يرون أنهما يمتلكانني أنا وفتاتين إزيديتين أخريين".

وقال مدير شركة الاستشارات الأمنية، أوليفر غويتا، للجريدة الأمريكية: من المتوقع أن يعود المزيد من المسلحين الأجانب إلى أوروبا، كما سيطلق سراح نحو 500 آخرين خلال السنتين القادمتين، لهذا بدأت منظمات ومؤسسات كثيرة بجمع البيانات حول الجرائم التي ارتكبت بحق الإزيديين، لرفعها كقضايا مضمونة ضد مسلحي داعش.

يطالب تاكال وناشطون إزيديون كثيرون مقيمون في الغرب، بأن تقوم محكمة دولية بالتحقيق في جرائم داعش، لأن محاكم دول كالعراق ليست لديها الإمكانيات اللازمة للتعامل مع تلك الملفات ولا تستطيع المحاكم الأوروبية جمع الأدلة اللازمة عن المسلحين من مناطق الحرب. تستطيع الإزيديات الإدلاء بشهاداتهن ضد المسلحين في تلك المحكمة الدولية.

يرأس تكال منظمة خيرية اسمها (هاوار) ويقول للجريدة الأمريكية: "هذه ليست مشكلة داخلية، لأنها إبادة جماعية جرت على جانبي الحدود، وضحاياها ومرتكبوها منتشرون في أنحاء العالم. نساؤنا الآن أفضل أسلحتنا ضد الإرهاب".

جرت المحاكمة الأولى الخاصة بالجرائم التي اقترفت بحق الإزيديات في ميونيخ الألمانية، حيث حكمت المحكمة على امرأة تدعى (جينيفر دبليو) بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وحكمت المحكمة الألمانية على جينيفر وزوجها (طه دبليو) لقيامهما بشراء أم وابنتها، ثم شدا وثاق الفتاة ذات الخمس سنوات إلى وتد في الفلوجة تحت الشمس الحارقة حتى ماتت.

بعد سقوط "الخلافة"، فر طه من العراق وعاش لاجئاً في اليونان لفترة، وفي تشرين الأول من العام الماضي سلمته اليونان إلى ألمانيا لمحاكمته ليكون أول شخص يصدر بحقه حكم في ألمانيا بسبب جريمة ارتكبها ضد الإزيديين.

وحسب تقرير وول ستريت جورنال، فإن عدداً من سياسيي الأحزاب الألمانية يؤيدون رأي تكال، ومنهم (ماركوس غروبيلة) الذي يعمل لدى مفوضية الحكومة الألمانية للحريات الدينية، ويدعو غروبيلة إلى تشكيل محكمة دولية على غرار المحكمة التي شكلت خلال فترة الحرب الأهلية في يوغوسلافيا السابقة لمحاكمة مجرمي الحرب.

فيما يرى منسق وزارة الخارجية لشؤون الإرهاب، ناثان سيلز، أن تشكيل محكمة كهذه يكلف مليارات الدولارات ويحتاج عشرات السنين لمحاكمة كل المسلحين والنظر في قضاياهم واستئنافها، حيث أن محكمة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في يوغوسلافيا تشكلت سنة 1993 وتم حسم آخر ملفاتها في العام 2017.

وقال سيلز للجريدة الأمريكية: "من الواضح أن هذا الخيار غير ممكن التحقيق، لأنه يشكل ثقلاً مالياً ويستغرق فترة طويلة"، ويقول أيضاً إن أمريكا مستعدة لعرض الأدلة التي جمعها جيشها واستخباراتها.

ليس معلوماً حتى الآن إن كان باستطاعة حكومات المنطقة التعامل مع قضية الإزيديين كقضية مستقلة تحت عنوان الإبادة الجماعية. تشير المحامية الفرنسية ذات الأصول الكوردية الإزيدية، ناتيا نوروزوف، التي تعمل حالياً في العراق، إلى أن سنوات طويلة من الحروب والصدامات أضعفت سيادة البلد، كما أن النظام القضائي العراقي غير قادر على إجراء محاكمات لقضايا الإبادة الجماعية.

تعمل نوروزوف في منظمة (يزدا) التي تحدثت إلى مئات الضحايا وسلمت شهاداتهن إلى المحاكم في العراق وألمانيا وفرنسا ودول أخرى، وتعمل منظمة يزدا ومجموعة منظمات أخرى بالتعاون مع فريق تقصي الحقائق التابع للأمم المتحدة. هذا الفريق الأممي تأسس السنة الماضية ومهمته الرئيسة هي التحقيق في جريمة الإبادة الجماعية والجرائم الأخرى التي ارتكبها مسلحو داعش.

تمثل محامية حقوق الإنسان في لندن، أمل كلوني، العديد من الضحايا الإزيديات ومن بينهن (نادية مراد) والطفلة التي قتلتها جنيفر وزوجها طه.

وترى كلوني أن غياب التنسيق الدولي سهل لمسلحي داعش التمتع بالحرية: "تطالب الناجيات منذ فترة طويلة بتقديم مسلحي داعش للقضاء، لكننا لا نلمس حصول الكثير حتى الآن، وربما سيكون السعي في هذا المجال (لمحاكمة المسلحين) متأخراً جداً بعد مرور فترة قصيرة".