قناة عشتار الفضائية
 

الهريسة طبق عراقي قديم يواكب شعائر وطقوس الديانات العراقية

 

عشتارتيفي كوم- المسلة/

 

تعد الهريسة من اشهر الوجبات لدى مختلف الطوائف العراقية، إذ لا تكاد تخلو ديانة أو طائفة في البلاد من طقوس تشتمل على طهي هذا النوع من الطعام وتقديمه في مناسباتها الدينية.

ويقول رئيس طائفة الصابئة المندائيين في العراق والعالم الشيخ شيخ ستار جبار الحلو في حديث  صحفي، إن الصابئة المندائيين هم أول من طهوا الهريسة بين أبناء الديانات جميعا في العراق، إذ يعود هذا الموروث الى آلاف السنين.

ويضيف أن "طبخ الهريسة لدى الصابئة يكون في مناسبة تكوين الأرض أو نموها وازدهارها، وتصادف هذه المناسبة في منتصف شهر كانون الاول ديسمبر من كل عام، ويسمى بيوم أبو الهريسة،

ويتجه أغلب أبناء الديانة الى طهي "الهريسة" صباحا، وتكون وجبة فطور في يوم "ابو الهريسة"، حيث تبدأ النسوة بوضعها على الموقد منذ الفجر.

وتتكون الهريسة من 7 أنواع من الحبوب، يتم جمعها مع بعض في قدر كبير وتغلى مع الماء.

و تعد الحبية وهي نوع من أنواع الحبوب، المادة الاساسية التي تتكون منها الهريسة، ويتم طهيها عبر غمرها بالماء وتترك على نار هادئة لساعات طويلة مع التحريك المستمر، حتى "تهرس" الحبية وتتجانس ويتبخر منها الماء، وعادة ما تؤكل باضافة السكر.

ولا تقتصر الهريسة على الديانة الصابئية، بل تنتشر بين جميع الديانات والطوائف، حيث ارتبط هذا الطبق الشهير بمعظم المناسبات الدينية، من خلال مبدأ الثواب.

وبالانتقال الى الديانة المسيحية،  فيبين راعي كنيسة مريم العذراء في العاصمة بغداد الأب ميسر بهنام خلال حديث صحفي، أن عادة طبخ الهريسة قديمة جدا، وتزدهر الان في القرى والارياف التي يسكنها المسيحيون في نينوى، وعادة ما توزع مع الخبز، حتى توزع كثواب خاصة في أعياد القديسيين.

ويضيف: " يتم طبخ الهريسة في القرى على أرواح الشخصيات الكنسية البارزة  كالقداديس وغيرهم، حيث أننا نعتقد بأن الشخص بعد وفاته دخل مرحلة جديدة من حياته ويتشفع لنا هناك".

وتحظى "الهريسة" لدى المسلمين الشيعة باهتمام بالغ، حيث تطهى بكميات كبيرة وفي قدور ضخمة على الطرقات العامة، لتوزع صباحا كفطور، إذ يبين الشيخ محمد توفيق وهو رجل دين شيعي، أن "طهي الهريسة، هو من العادات القديمة التي توارثتها الاجيال عبر عقود من الزمن، وهناك أدلة كثيرة بأنها من افضل الاكلات صحيا وفيها فوائد كثيرة جدا.

ويلفت توفيق، الى أن "الوضع كان مختلفا، إذ لم يكن الناس يملكون الأموال، فاعتمدوا على طبخ الهريسة وتوزيعها كثواب، وخاصة في شهر محرم، عكس الواقع الان، حيث تطور الوضع الاقتصادي وبدأ الناس بطبخ اللحم".

 وارتبطت "الهريسة" بيوم عاشوراء الذي شهد مقتل الامام الحسين بن علي وأهل بيته في واقعة كربلاء، وظهرت في أمثال ومقولات شعبية من قبيل "اللطم مو على الحسين.. على الهريسة"، وهو مثل للتهكم والسخرية من الأشخاص غير المهتمين بمجالس لذكر مصيبة الحسين بقدر اهتمامهم بالطعام الذي سيقدم فيه.