قناة عشتار الفضائية
 

مع انتشار سلالة دلتا.. تحديات جديدة تواجه الأسواق الأميركية

 

عشتارتيفي كوم- الجزيرة نيت/

 

ارتفعت مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة -باستثناء السيارات- في أغسطس/آب الماضي بنحو 1.8% مقارنة بشهر يوليو/ تموز السابق، وهو أسرع معدل نمو شهري منذ مارس/آذار الماضي.

مع ذلك، يجد المتسوقون صعوبة في العثور على العلامات التجارية المفضلة لديهم، من البسكويت والمنظفات إلى أغذية الحيوانات الأليفة، بسبب اضطرابات سلاسل التوريد تزامنا مع تفشي دلتا المتحورة عن فيروس كورونا المستجد، وإغلاق العديد من المصانع والموانئ حول العالم.

وتقول مجلة "إيكونوميست" (Economist) البريطانية في تقرير لها، إنه على عكس الأيام الأولى من انتشار الوباء عندما أُفرغت المتاجر جراء الذعر من عمليات الإغلاق، أصبح لدى المستهلكين الأميركيين حاليا بدائل كثيرة في السوق، لكن نقص بعض السلع يؤشر إلى أن قطاع البيع بالتجزئة في البلاد -الذي تبلغ قيمته 5.6 تريليونات دولار- لم يعد حتى الآن إلى مستويات ما قبل الجائحة.

 

تحديات كثيرة

وحسب المجلة، فإنه على تجار التجزئة التعامل مع مشكل نقص السلع، وأيضا مع توق المتسوقين للعودة مجددا إلى التجول في المتاجر وشراء مستلزماتهم بشكل مباشر بدلا من التسوق عبر التطبيقات.

وقد أدى الازدحام في الموانئ من الصين إلى كاليفورنيا إلى ارتفاع تكاليف الشحن البحري بمستويات قياسية، كما ارتفعت تكاليف النقل بالشاحنات داخل الولايات المتحدة بسبب الزيادة القياسية في عمليات التسوق عبر الإنترنت.

في الوقت ذاته، تواجه الشركات نقصا في العمالة، ويعود ذلك -وفقا للمجلة- إلى شعور العمال بالفزع من سلالة دلتا، والمنح الحكومية التي حصلوا عليها منذ بداية الوباء، ورغبة كثيرين في إعادة تقييم حياتهم المهنية.

وقد أدى ذلك إلى اختفاء خدمة العملاء في المتاجر الكبيرة حيث لا يمكن العثور على الموظفين الذين يوجهون المتسوقين عادة إلى الرفوف المناسبة للحصول على احتياجاتهم، كما أصبحت الطوابير طويلة جدا أمام عدد قليل من منافذ البيع.

في أغسطس/آب الماضي، أعلنت شركة "والغرينز" (Walgreens)، وهي أكبر سلسلة صيدليات في الولايات المتحدة، أنها سترفع أجور موظفيها، وهي خطوة سبقتها إليها منافستها الرئيسية سلسلة صيدليات "سي في إس" (CVS).

كما رفعت شركة "تارغت" (Target) الأجور في وقت سابق من هذا العام، في وقت قامت فيه "وول مارت" (Walmart) بذلك عدة مرات على مدى الـ12 شهرا الماضية.

وإضافة إلى ارتفاع تكاليف الشحن وزيادة الأجور، تتحمل شركات البيع بالتجزئة نفقات إضافية، من بينها اختبارات الكشف عن كوفيدـ19، وهي اختبارات إلزامية للموظفين الذين يرفضون الحصول على اللقاح.

وتضيف المجلة أن العودة إلى التسوق من المتاجر يطرح بدوره مجموعة من التحديات لشركات البيع بالتجزئة، فقد قفزت التجارة الإلكترونية من 11% من مبيعات التجزئة الأميركية قبل الوباء إلى ما يقرب 16% في الربع الثاني من عام 2020، لكنها تراجعت مؤخرا إلى 13% من إجمالي المبيعات.

وسجلت الإيرادات الرقمية لشركة تارغت ارتفاعا بنسبة 10% فقط على أساس سنوي في 3 أشهر حتى يونيو/حزيران الماضي، مسجلة انخفاضا بحوالي 200% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.

وقد ارتفعت مبيعات التجزئة خارج الإنترنت في الولايات المتحدة خلال الربع الثاني من العام الجاري بمقدار الثلث مقارنة بالعام السابق، لتصل إلى 1.4 تريليون دولار، وتتفوق بوضوح على مبيعات التجارة الإلكترونية.

وتكشف إحصائيات شركة "كورسايت" (Coresight) لأبحاث السوق أن عدد المتاجر المفتوحة تجاوز خلال العام الجاري عدد المتاجر المغلقة، وإذا استمر هذا الاتجاه ستكون هذه هي المرة الأولى منذ عام 2016 التي يرتفع فيها عدد منافذ البيع بالتجزئة في الولايات المتحدة.

 

بين التجارة الإلكترونية والتسوق المباشر

يضيف تقرير الإيكونوميست أن استثمارات شركات التجزئة في التجارة عبر الإنترنت خلال السنوات الماضية كانت لها تأثيرات إيجابية واضحة، ففي عام 2016 استحوذت شركة وول مارت على "جيت.كوم" (Jet.com)، وهي شركة تجارة إلكترونية، وقد منحتها المنصة فرصة لتطوير أعمالها الرقمية، حيث تقدم حوالي 3 آلاف من متاجرها في الولايات المتحدة – وعددها 4700- خدمة التوصيل في اليوم نفسه.

وبالمثل، فإن استحواذ شركة "تارغت" على "شيبت" (Shipt)، وهي منصة توصيل فوري للطلبات، شكّل أساسا لشبكة تكنولوجية متكاملة تمتد الآن من مركز بيانات في الهند إلى جميع متاجرها البالغ عددها ألفي متجر في الولايات المتحدة.

وحسب المجلة، فإن "أمازون" (Amazon) بدأت بدورها تدرك أن المستقبل يتطلب المزج بين التجارة الرقمية والتسوق في المتاجر، وهو ما جعلها تخطط لتوسيع سلسلة من المتاجر متعددة الأقسام بعد أن انخفضت حصتها من مبيعات التجزئة الأميركية من 7.8% في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021 إلى 7% في الأشهر الثلاثة اللاحقة.

والمستثمرون على ثقة بأن أكبر شركات البيع بالتجزئة يمكنها تحمّل الهزات الارتدادية التي تسببها السلالة الجديدة، تماما مثلما فعلت عند انتشار الفيروس الأصلي في مارس/آذار 2020، حيث زادت القيمة السوقية الإجمالية لأكبر 3 شركات -وهي "كوستكو" (Costco) وتارغت ووول مارت- من حوالي 520 مليار دولار في بداية الوباء إلى نحو 730 مليار دولار حاليا، لكن الشركات الصغيرة لم تستطع في المقابل أن تتكيف مع الوضع، وتفيد إحصائيات "كورسايت" بأنه تم خلال العام الماضي إغلاق نحو 9600 متجر بشكل نهائي، مقابل افتتاح 4 آلاف متجر.