قناة عشتار الفضائية
 

البطريرك الراعي: لا يحق لأي طرف أن يفرض ارادته على اللبنانيين ويعطل الحكومة

 

عشتارتيفي كوم- أبونا/

 

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي، الأحد، القداس الإلهي في كابيلا القيامة، بالصرح البطريركي الماروني، وذلك بمناسبة تذكار بشارة زكريا، بالتزامن مع اليوم العالميّ الخامس للفقراء. وقد أحيا القداس رابطة كاريتاس لبنان.

وحيّا غبطته في مستهل العظة رابطة كاريتاس ممثلة "برئيسها الأب ميشال عبّود الكرمليّ والإدارة المركزيّة والأقاليم الستّة والثلاثين والمراكز المنتشرة على كامل الأراضي اللبنانيّة، وشبيبتها المتطوّعة الألف ومئتين. بهذه المبادرة تحتفل كاريتاس لبنان "باليوم العالميّ للفقراء" بالصلاة والتفكير والأفعال. إنّ خدمة المحبّة للإخوة في العوز تقوم بها كاريتاس لبنان يوميًّا ببرامجها المتنوّعة: الإجتماعيّة والصحيّة والتربويّة والإنمائيّة والتربويّة والعائليّة والشبيبة والعمّال الأجانب، والمساعدات الماليّة والعينيّة والإستشفائيّة، مع متفرّعاتها"، مشيرًا إلى أنّ كاريتاس هي الجهاز الرسميّ للكنيسة في خدمة المحبّة الإجتماعيّة في لبنان".

ولفت البطريرك المارونيّ إلى أنّ "خدمة الفقراء هي رسالة الكنيسة باكليروسها وشعبها. فرسالتها تقوم على خدمات ثلاث مترابطة ومتكاملة: أ. خدمة الكلمة (kerygma) بالكرازة والتعليم، التي تولّد الإيمان وتنيره. ب. خدمة النعمة للتقديس بتوزيع الأسرار (liturgia) التي تقدّس المؤمن. ج. خدمة المحبّة الإجتماعيّة للفقراء (diakonia) التي تنشلهم من بؤسهم".

 

الأوضاع اللبنانيّة

وحول الأوضاع في البلاد، قال البطريرك الراعي: "من المؤسف حقًّا أنّ بعض المسؤولين السياسيّين والمتعاطين العمل السياسيّ، بدلًا من محاربة الفقر بشتّى الطرق السياسيّة والإشتراعيّة والإجرائيّة، فإنّهم يمتهنون افقار المواطنين بأكبر عدد وأكثر حرمان وبطالة، والأرقام هي أنطق دليل. وفوق ذلك يتلكؤون عن معالجة الأزمة الحادّةِ الناِشبةِ مع دولِ الخليج. إنَّ استنزافَ الوقتِ يُدخلنا في أزمةِ استنزافٍ اقتصاديّةٍ ومعيشيّةٍ تُصَعِّبُ الحلَّ، ما يُضِرُّ بمصالحَ مئاتِ ألوفِ اللبنانيّين ومصالحِ التجّار والصناعيّين والمزارعين وقطاعات لبنانيّة أخرى".

أضاف: "إنَّ حلَّ هذه الأزمة بشجاعةٍ وطنيّةٍ، لا يَـمَسُّ كرامةَ لبنان، بل إنَّ تعريضَ اللبنانيّين للطردِ والبطالةِ والفَقرِ والعوزِ والعزلةِ العربيّةِ هو ما يَـمَسُّ بالكرامةِ والسيادةِ والعنفوان. إنَّ تحليقَ سعرِ الدولار إلى حدٍّ يَعجِزُ فيه المواطنون من شِراءِ الحاجيّاتِ الأساسيّة، لاسيّما عشيةَ الأعياد المقبلة، هو ما يَـمَسُّ بالكرامة ويُذِلُّ الناس. الكرامةُ ليست مرتبطةً بالعِناد إنّما بالحكمة، وبطيب العلاقات مع كل الدولِ وبخاصة مع دول الخليجِ الشقيقة، ذلك أنَّ دورَها تجاه لبنان كان إيجابيًّا وموَحِّدًا وسلميًّا، لا سلبيًّا وتقسيميًّا وعسكريًّا. لا يحقّ لأيِّ طرفٍ أنْ يَفرِضَ إرادتَه على سائرِ اللبنانيّين ويَضرِبَ علاقاتِ لبنان مع العالمِ، ويُعطِّلَ عملَ الحكومةِ، ويَشُلَّ دورَ القضاء، ويَخلقَ أجواءَ تهديدٍ ووعيدٍ في المجتمعِ اللبنانيّ. ولا يحقّ بالمقابل للمسؤولين، كلِّ المسؤولين، أنْ يَتفرّجوا على كل ذلك، ويَرْجوا موافقةَ هذا الفريق وذاك. هذا هو فقدانُ الكرامةِ وهذا هو الذُلُّ بعينِه".

تابع: "ثمّ أيّ منطق يَسمحُ بتجميدِ عملِ الحكومةِ والإصلاحاتِ والمفاوضاتِ الدوليّة في هذه الظروف؟ كلُّ ما يجري اليومَ يتعارضُ تمامًا مع النظامِ اللبنانيِّ بوجهه الدستوريِّ والميثاقي والديمقراطيّ. إنّ الغالِبيةَ الساحقةَ من الشعبِ اللبناني تريدُ الخروجَ من أجواءِ الحربِ والفتنةِ والصراعِ، والدخول في عالم السلامِ الشاملِ والدائم والتلاقي الحضاري. ما لنا بحروبِ الـمِنطقة وبمحاورِها؟ ما لنا بصراعاتِها وبلعبةِ أنظمتِها؟ ما شأنُنا لنقرّرَ مصيرَ الشعوبِ الأخرى فيما نحن عاجزون عن تقريرِ مصيرِنا، بل عن اتّخاذِ قرارٍ إداري؟ إذا كان البعضُ يعتبرُ الحِيادَ حلًّا صعبًا، فإنّا نرى فيه الحلَّ الوحيدَ لإنقاذِ لبنان. لقد بات متعذِّرًا إنقاذُ الشراكةِ الوطنيّةِ من دونِ الحياد. وكلّما تأخّرنا في اعتمادِ هذا النظام كلّما تَضرّرت هذه الشراكةُ ودخلَ لبنانُ في متاهاتٍ دستوريّةٍ لا يستطيعُ أيُّ طرفٍ أن يُحدِّدَ مداها".