رمز العين في الشعر

 

 

العين مرآة الإنسان. بها يرى. وبها يكتب ويقرأ ويتمتّع بالحياة. هي الحاسة الأولى من الحواس الخمسة للإنسان لأهميتها للحياة منذ الولادة إلى حين ألحق المطلق في نهاية الحياة. والعناية بصحة العين ضرورية جدا ً.. وهي أهم شيء ما في أجزاء الجسم فالأمراض التي تصيب الكبد قد تؤثر على العين وفي الغدد الصمّاء والجيوب الأنفية وغير ذلك من الأمراض التي تؤثّر على العين. الدخان يؤثر على العين وإحدى قصائدي تؤكد ذلك التي بعنوان: إختناق أقول فيها / هنا عصر الدخائن لا قناع لي / ولا عطر جميل / ... إلخ . تتأثر العين بما نأكل وبما نشرب وبما ندخّن وبما ننفعل ونقلق ونحزن ونفرح. والعين هي في صندوق ٍ في جمجمة الإنسان.

هناك العدد الكبير من الشعراء سواءً كانوا في عصر الجاهلية أو في عصر الإسلام في العصر العباسي والأموي أو في عصر النهضة الذين ذكروا العين في شعرهم ودافعوا عنها يقول خليل مطران: / إنّما العين أبصرت / فصبا القلب وإكتوى عرضا ً / أبصرت ولا ذنب إلا لمن نوى / . إذا ً يظهر حسن المنظر بالعين ما يسمّى بالرواء أي ماء الوجه. وأن موضوع العين في الشعر هو الحياة والنفس والوجود ومن ذلك الموضوع الرئيسي تتفرع سائر الموضوعات. وحكاية العين لدى المتنبي هي: قال ورّاق جاءني رجل بكتاب يقع في 30 ورقة ليبيعه فتناوله منه هذا الصغير المتنبي وأخذ ينظر فيه بإمعان فتضايق منه صاحب الكتاب ونهره قائلا ً: أيّها الفتى أنا لم آت ِ بهذا الكتاب لتطالعه وإنّما لأبيعه قال له الشاب المتنبي وماذا تعطيني إذا حفظت ُ ما فيه؟ فقال الرجل هازئاًً به: أنت .. أنت تحفظ هذا الكتاب؟ إذا حفظته أعطيتك إيّاه ُ. فقال له الفتى  إذا ً تناول كتابك وأسمع منّي ما فيه وراح يقرأ المتنبي صفحاته ِ سطرا ً سطرا ً بدون توقّف ولا إرتباك وبعد إنتهائه خطف الكتاب من يدي الرجل ووضعه في كمّه. جل َّ الله في قدرته ِ وما لعين المتنبي من قوة ثاقبة وقدرة ٍ أخّاذة على التركيز لحفظ الحروف والكلمات والأرقام ويزيد على ذلك بقول الشاعر جرير عن العيون: / إنّ العيون التي في طرفها حور قتلننا ثم لم يحيين قتلانا / يصرعنّ ذا اللب ِ حتى لا حراك به ِ / وهنَّ أضعف خلق الله إنسانا / ولدعم الكلام وتثبيت الأقدام تظهر إنشودة المطر لبدر شاكر السياب لتكتمل العيون بقوله: / عيناك غابتا نخيل ٍ ساعة السحر / أو شرفتان راح ينأى عنهما القمر / ... إلخ وقصائد كثيرة للشاعر نذكر منها والتي إسمها مدينة بلا مطر: / عيونكم الحجار كأنّها لبنات أسوار / بأيدينا. بما لا تفعل الأيدي. بنيناهاِ / عذارانا حزانى ذاهلات حول عشتار / يغيض الماء ُ شيئا ً بعد شيء من محيّاها.

 وتزيد ُ المناظرة بين جرير وأحمد شوقي الذي يقول: / من كل بيضاء أو سمراء زَّينتا للعين ِ. والحسن في الآرام كالعصم ِ / يُرَعنَ للبصر السامي. ومن عجب ٍ / إذا أشرنَ أسرنَ الليث بالغنم ِ / . وكما نعلم بأنّ للعيون ألوانها كالأسود والأزرق والنرجسي والأخضر ولا زالت مهدّدة من الأجسام الخارجية سواء كانت غريبة أو دخيلة حشرات أو ديدان فالذباب عندما يسير الإنسان يهجم على عينه تاركا ً جراثيمه في بؤبؤ العين لذلك لكي نحافظ على رمز العين في الشعر يجب أن نهتم صحيّا ً وإجتماعيا ً وحتى شعريا ً عند الكتابة بأن ننقل صورة الإشراق من العيون مثلما أقول: / يا حلوتي صدقيني بأن عينيك السوداوين حديقة اليمنى شمس واليسرى بدر وكلا البؤبؤين شهبا / وختم المقال يأتينا إبن الفارض بأحسن مثال من محسناته البديعية وبلاغته الواضحة ببيتين من قصيدته عن العين وهو يقول: / وباسطة ٍ بلا عصب ٍ جناحها / تسبق ما يطير ولا تطير / إن ألقمتها حجرا ً إستطابت / وتكره أن يلامسها الحرير / حقا ً العين هي رمز مهم في الشعر يجب أن نبرز لها إهتمامنا الكبير.

 

 

  كريم إينا