(هيئة لضياع  حقوق شعبنا)

 

 

هل أصبحت هيئة حل دعاوى الملكية العراقية هيئة مصادرة وتضييع حقوق ومصالح شعبنا في سهل نينوى ، وهل أفرغ القانون من محتواه ؟!.

ما كاد عام 2003 ينتهي ، حتى ارتفعت الدعوات في وســــائل الأعلام لتبشر

 بإعادة الأراضي والحقوق إلى أصحابها وإزالة الغبن الواقع على كاهـــل المزارع

 الذي ضاعت حقوقه ، حيث أطفأت  الحقوق التصرفية واستمـــلكت وحلت

 الآف  الدونمات الزراعية في سهل نينوى بينما كان من الأجـــــدى التوسع

 العمراني بالبناء العمودي حفاظا على الثروة الزراعية ، وعمت الفرحــة المزارعين

 الذين تأملوا في قانون هيئة حل نزاعات الملكـية العقارية منفذا  لإعادة حقوقهم ،وانتشر الخبر كانتشار النار في الهشيم ، وأصبح الشغل الشاغل لهذا المزارع المسكين تقديم الأوراق والمستمسكات إلى الهيئة ، فالدعوى معفاة من الرسوم ومصاريف الاستنساخ والتي هي على حساب الهيئة ، وعندما يراجع الهيئة يلاقي الوجوه البشوشة التي تقابله بلطف لم يعهدها مسبقا.

ومرت الأسابيع الطويلة الرتيبة والمواطن الكريم يراجع بشكل أسبوعي وفي كل مرة يراجع فيها تطلب منه الهيئة مستمسكات جديدة  فهويات الأحوال المدنية المستنسخة لا تعترف فيها وتطلب الأصلية ليعود في اليوم الثاني وقد أعياه التعب بعد أن جمع هويات الأحوال المدنية من الورثة الذي ينوعون محل تواجدهم احدهم في الشرق والآخر في الغرب ويستقل سيارة خصوصي مرة أخرى لتستقبله الوجوه المبتسمة ثانية لتطلب منه ( الجناسي العراقية الأصلية) ويعود مجددا ليكمل مهمته بنجاح فإذا الهيئة تطلب منه محضر إطفاء .. وتبدأ المسيرة المتعبة مرة أخرى ليراجع مديرية الزراعة وان كان مزاج الموظف جيدا لقال له (روح تعال باجر حتى ادورلك على المحضر) وان كان حظه وافرا فان الموظف يكون قد وجد المحضر ، فيدفع الرسم القانوني ليأخذ نسخة مصورة من المحضر ، ليعود به إلى الهيأة وهو مفعم بالفرح كونه وجد مأربه . لكنه تفاجأ بطلب موظفي الهيأة جلب استشهاد من التسجيل العقاري مع صورة قيد العقار نافذة وساقطة للحكم ، لتبدأ مسيرة التاكسيات الخصوصي مجددا ويراجع التسجيل العقاري حاصلا على الاستشهاد ، لكن الهيئة تجد أن اسم جدته قد ورد فيه خطا لينظم له محضر تصحيح ، وتمر سنة من المراجعات التي بدءها منذ عام 2004 ليرد له تبليغ بمراجعة الهيئة ثانية ليس لغرض عرض الدعوى على الهيئة القضائية وإنما لكون الهيئة التحضيرية قد تبدلت والهيئة الجديدة وجدت عددا من النواقص الجوهرية في المعاملة التي تستوجب إكمالها منها إن اسم جدته قد صحح بشكل غير أصولي لذا يستوجب تصحيحه ثانية ، وبعد أسبوعين ترده مكالمة هاتفية من الهيأة تستوجب حضوره وحال حضوره في ظل الوضع الأمني المتأرجح ليخبره الموظف المختص بأن الاستشهاد قد أصبح بتاريخ قديم يستوجب تحديثه ، ويجلب لهم المطلوب وهو كله أمل أن تحال دعواه على اللجنة القضائية ، وتأتي وتمر أشهرا على هذا الحال وإذا يمر عام 2006 ليعاد نفس السيناريو عليه . فاللجنة القضائية لا تنظر في دعاوى إطفاء حق التصرف لأنها لم تستقر على مبدأ تمييزي لحد الآن ....  حتى جاء الشهر الثامن من عام 2008 لتستقر على مبدأ تمييزي هام وهو رد الدعاوى لأن هكذا دعاوى هي خارج الاختصاص النوعي للهيئة( وهو الطريق الأسهل للهيئة ) ، فان استمر في السير في الدعوى عليه أن يعيد بعضا من حلقات المسلسل الذي أصبح فعلا مملا فان استمر بالدعوى تكون النتيجة رد الدعوى بعد أن تمر عدد من الجلسات وبعد دفع أجور الكشف وأجور الخبراء لتزيد من الطين بله ، لذلك فانه يرضى بالأمر الواقع ويسمع نصيحة موظفي الهيئة بسحب الدعوى .. يا ساداتي هذه ليست عملية سرد لمسلسل تركي أو هندي وإنما مسلسل لمزارع مسكين حفرت السنون شيبا على محياه .

فيما يلي عددا من الملاحظات والمقترحات لتفعيل القانون وهي كما يلي:-

·   ألغيت اللائحة التنظيمية رقم 12 لسنة 2004 بموجب القانون رقم 2 لسنة 2006وسميت بهيئة نزاعات الملكية العقارية محل هيئة دعاوى الملكية العراقية .                     

·   تسري نصوص قانون الهيئة على العقارات فقط حسبما وردت بأحكام  المادة 4 من قانون الهيئة رقم 2 لسنة 2006 والتي يجوز المطالبة بها والمشمولة بأحكامه للفترة من 17/7/1968 ولغاية 9/4/2003 . وهي تشمل الحقوق العينية الأصلية الواردة في الفقرة 1 من المادة 68 من أحكام القانون المدني العراقي ، فالحقوق العينية الأصلية هي حق الملكية وحق التصرف وحق العقر وحقوق المنفعة والاستعمال والسكنى والمساطحة وحقوق الارتفاق وحق الوقف وحق الإجارة الطويلة . ولا تسري أحكام القانون على المال المنقول ، كالمبالغ أو البضاعة التي تمت مصادرتها على سبيل المثال لا الحصر.

·   تتنوع الدعاوى المقدمة إلى الهيئة بين المصادرة والأراضي المستولى عليها والمحجوزة والأراضي التي استملاكها أو إطفاء حق التصرف فيها والعقارات المستولى عليها بدون بدل أو المستملكة بغبن فاحش

·   معظم الإجراءات المتبعة في دعاوى الإطفاء كانت غير قانونية ، من حيث عدم صحة التبليغ أو وجود غبن فاحش في تقدير التعويض ، أو عدم اكتمال محاضر الإطفاء أو حتى عدم إيداع ثمن الإطفاء ، أو سوى ذلك خاصة وان معظم الإطفاء لهذه الحقوق كانت إدارية وليس عن طريق قانون الأستملاك رقم 12  لسنة 1981 وعن طريق لجان كما في قانون توحيد أصناف أراضي الدولة رقم 53 لسنة 1976 وقانون تنفيذ مشاريع الري رقم 138 لسنة 1971 وقانون تنظيم مشاريع التنمية الكبرى رقم 155 لسنة 1973 والقرار 117 لسنة 2000 وسواها 

·   أكثر الدعاوى المقدمة إلى الهيئة  ضمن حدود سهل نينوى إما سحبت أو تركت ،  والسبب الرئيسي ، هو أن معظم الدعاوى ردت لسبب أو لآخر ولا تعاد الأراضي إلى أصحابها ،إما التعويض فانه يسير جدا لا يسد المصاريف ولا يكفي لسداد ثمن سيارات الأجرة ، خاصة وان معظم الأراضي الزراعية المطالب بها تعود لمورث الأطراف .                                

·   أجاز قانون الهيئة سحب الدعوى ، حتى وان كانت في مراحلها النهائية أو حتى وان صدر القرار من الهيئة ، وقبل أن يكتسب القرار الدرجة القطعية ، علما إن هذا النص الوارد في أحكام المادة 28 من قانون الهيئة ، وهذا الحكم لم يرد في قانون المرافعات المدنية المدنية المرقم 83 لسنة 1969 المعدل ، وتأخذ عملية سحب الدعوى نفس حكم أبطال عريضة الدعوى مع اختلاف بسيط بأنه لا يجوز إبطال عريضة الدعوى إلا في مراحلها البدائية وجواز الطعن تمييزا في قرار الأبطال ، لأن الطرفين يعودون إلى ما قبل الدعوى وكأن الدعوى لم تكن ، وحيث إن قانون الهيئة هو قانون خاص  لذا فأن الخاص يقيد العام .وعلى فرض إن المدعي أبطل عريضة الدعوى كون التعويض غير مجزي فأنه يحق له أو من يمثله إقامة الدعوى مجددا.

·   عادة ما يكون مبلغ التعويض في دعاوى إطفاء حق التصرف تعويضا زهيدا جدا ولا يتناسب مع الأسعار السائدة ، لأن تقدير التعويض يتم تقديره وحسب أحكام الفقرة ب من المادة رابع عشر من قانون الهيئة بالتعويض عن الفرق بين البدل الذي استوفاه والقيمة الحقيقية للعقار وقت الأستملاك مقوما بالذهب وبما يعادل قيمة الذهب بالدينار العراقي وقت إقامة الدعوى أمام الهيئة  ، وهذا مخالف مع أحكام الدستور العراقي وأحكام المادة 23/2 منه والتي تشير إلى أن لا يحرم المالك من ملكه الأ بتعويض عادل صونا لحق التملك ، بينما إن تم التقدير في وقت إجراء الكشف لكان المبلغ مجزيا .خاصة وان تقدير التعويض بالأساس مخالف لإحكام القرار 800 في 19/12/1989 والذي يشير إلى أن يكون التعويض حسب الأسعار السائدة ، حسب جنس الأرض في تاريخ وضع اليد أو في تاريخ طلب الأستملاك.

·   استندت عملية نزع ملكية  العقار على النفع العام أو المصلحة العامة ، وعبارة النفع العام تختلف بمفهومها في النظام الاشتراكي عن النظام الرأسمالي ، وحيث أن النظام الحالي والسابق يختلف عن النظام الاشتراكي أو الرأسمالي وهو قريب الشبه بالمختلط لذا يصعب تحديد مفهوم المنفعة العامة ، ولكن المعروف إن المنفعة العامة لا تتحقق إن استعملت لغير الغرض ، إضافة إلى عدم تحقق عنصر الحاجة في الكثير من الأراضي المطفأ حق التصرف فيها ، لذا لا يتحقق عنصر المنفعة العامة .

·   حق التصرف من حقوق الملكية العقارية العينية الأصلية وتشمل حق الانتفاع والاستعمال ، هذا وان الأراضي الزراعية المطفأ حق التصرف فيها تكون ملكية الرقبة للدولة ( وزارة المالية ) بينما يمتلك الشخص حق التصرف فيها كيفما يشاء بالاستئجار أو البيع أو الرهن أو سوى ذلك

·   استنادا لأحكام المادة 19/ج من قانون الهيئة فان وزارة المالية هي المعنية في مسألة دفع التعويضات .. حتى وان كانت البلدية مثلا هي الجهة المستفيدة من الإطفاء ، كان من الأجدى إدخال وزارة المالية في هكذا دعاوى طرفا ثالثا في الدعوى إلى جانب المدعى عليه لأنها الجهة المختصة بصرف مبالغ التعويض.

·   الحل يكمن عن طريق تعديل نص قانون الهيئة وإدراج عددا من النصوص عليه من ضمنها اعتبار الأراضي المطفأ حق التصرف فيها وفقا لإحكام القانون 53 لسنة 1976 والأراضي المحلولة وفقا لأحكام القرار 1253 في 21/10/1985 ، وكذلك القرار 117 لسنة 2000، من ضمن الاختصاص النوعي للهيئة وبالتالي إعادة الأراضي الغير مفرزة أو موزعة إلى أصحابها أو تعويض أصحابها تعويضا عادلا.

·       لا تزال الهيئة تستلم طلبات الدعاوى رغم مرور ما يقارب خمس سنوات من تاريخ تشكيل الهيئة .

·   الغي القرار 117 لسنة 2000 وسواها من القرارات بموجب الأمر التشريعي رقم 12 لسنة 2004 ، والذي بموجبه ألغى أي حالة تمييز بين المواطنين للحصول على قطع الأراضي السكنية.

·       توجد عدد من المقترحات من ضمنها :-

أ‌-                 زيادة عدد القضاة في الهيئة ، بغية تسهيل وتسريع عملية حسم الدعاوى.

ب‌-     تحديد مدة زمنية لانتهاء عمل اللجنة ، أي سقف زمني محدد، لا أن تبقى أعمالها مستمرة بصورة غير محددة ، أما من لم يقم الدعوى بعد انتهاء أعمال اللجنة فبإمكان المدعى إقامة الدعوى لدى المحاكم البدائية انطلاقا من مبدأ كون المحاكم صاحبة الولاية العامة .

ت‌-           نظر الدعاوى حسب أسبقية الطلبات المكتملة المستمسكات ، مما يحقق العدالة ، دون النظر في دعاوى دون غيرها.

ث‌-     أن يكون التعويض عادلا ومجزيا لصاحب العقار . على أن يتم تقدير التعويض بتاريخ إجراء الكشف ألموقعي على العقار وحسب تقدير الخبراء .

ج‌-             تخفيف الروتين في العمل ،حيث يضطر المدعي إلى مراجعة الهيأة عشرات المرات ودون جدوى .

ح‌-     مادامت وزارة المالية هي جهة التعويض ، يستوجب إدخالها شخصا ثالثا في الدعوى ، لكي تتحقق الخصومة الحقيقية ، أو أن يعدل القانون بحيث تكون الجهة المستفيدة هي المعنية بالتعويض .

خ‌-     تعديل حكم المادة الرابعة من قانون الهيئة بحيث يشمل جميع الأراضي المطفأ حق التصرف فيها وفقا للقانون 53 لسنة 1976  والأراضي المحلولة وفقا لأحكام القرار 1253 في 21/10/1985 المتروك زراعتها لسنتين متتاليتين والقرار 117 لسنة 2000 وجميع الأراضي التي انتزعت من أصحابها بقرار إداري لا قضائي من ضمن اختصاص الهيئة النوعي.

د‌-               الحكم بإعادة الأراضي التي لم يستلم أصحابها ثمن الإطفاء ولم يتم إفرازها أو توحيدها .

ذ‌-      يجب أن لا يكون الحكم لمصلحة المدعى عليه لمجرد السؤال منه عن مدى حاجته إلى العقار ، بل يجب الحكم بإعادة ملكية العقار إلى المدعي نظرا لانتفاء عنصر الحاجة بسبب مرور سنوات عديدة دون استغلال العقار ..

لذا ارفع صوتي عاليا أمام السادة المسئولين  ناقلا معاناة المواطنين لعل هناك بريق ضوء ينفذ منه المواطن بصره تجاه النور بدلا من البقاء في الظلمة .

                                                                               

 

                                                                                                                              القانوني

                                                               ماهر سعيد متي

                                                                     برطلة