حكايات وقصص الجندي العراقي / 12-11
سعيد الياس شابو الجندي العراقي له أسياد كثيرين من آمر الحضيرة وانت صاعد , أي من الجندي الأول , نائب العريف , عريف . رئيس العرفاء , نائب الضابط وبمختلف درجاته ومن ثم الملازم الثاني والأول والنقيب والرائد والمقدم والعقيد والعميد واللواء والمشير والى أن يقومون بأنقلاب ضدك وفي هذه الحالة فأما يقتلوك أو تدخل السجن !. بالطبع في عسكرية الجيش العراقي قوانين صارمة وحازمة ولا يجوز عصيان الأوامر الصادرة من الأطراف المعنية واذا ما أقتنعت بالأمر فعليك الطاعة والألتزام , أي نفذ ثم ناقش !!. وعليك أن لا تكون سياسي منتمي الى ألأحزاب المحظورة !. ماعدا حزب السلطة وفي حال التحقيق يجب أن تكذب ولا تقر بأقاربك وأصدقائك وممنوع عليك ارتداء الملابس المدنية في المدينة التي تخدم فيها , أي عليك ارتداء الخاكي في المعسكر وخارج المعسكر. وعندما لا يعجبه الأنضباط وضعك في القيافة العسكرية فعليك بسماع جملة .. شنو أنته جيش محمد العاكول !!. أنضبط !, هيته خو مو هيته ومن هذه الكلمات والجمل البايخة والمؤذية على طول الخط.
في العسكرية أشياء جيدة تستحق الذكر والوقوف عندها , وأهم هذه الأشياء الدفاع عن الوطن والألتزام والتدريب والتعليم على السلاح وتحمل المصاعب والبعد عن الأهل ورؤية الأماكن المتنوعة والعيش الجماعي والحنان الى الموطن وحفر المواضع وطمرها ونصب الخيم وتفليشها وتهديم القرى وبنائها وأمور أخرى سيأتي ذكرها في الوقت المناسب. بعد خمسون يوم من التدريب النهاري والليلي في المعسكر وتعليم الدروس عن أستخدام الكلاشنكوف ومدافع الهاون 60 ,82 ملم .وبعض الأسلحة الأخرى وتعليم ال-يس يم. الله يذكرك بالخير يا رجل الطيب المسكين الفقير ( ثجيل عوفي ) الجندي المكلف من أرياف ناصرية سوق الشيوخ , كلما قال العريف في التدريب الى اليمين دور ! فهو يدور الى اليسار . واذا قال العريف .. الى اليسار دور .. فهو يدور الى اليمين وبدون قصد أو تعمد, ولكن الجندي الكبير السن وكان عمره كبيرا بالنسبة لنا الا أن مواليده دعي للخدمة والى أن انتهت الدورة .. كان يخرب الشغل علينا , الى أن جاء الضابط آمر الفصيل ومسك بيده اليمنى الحجر واليسرى سيفون البيبسي كولا , وأيامها كان البيبسي والسفن آب عند تناوله تدمع العيون بسرعة ويساعد على هضم الأكل ويريح المعدة. خمسون يوم وكأنها خمسين شهر , ويوم ينطح يوم وانتهت المرحلة التدريب الأولى وحصلنا على أجازة لمدة 5 أيام فقط . في هذه الحالة عليك أن تقطع أكثر من 600 كيلو متر ذهابا وأكثر من 600 كيلومتر ايابا , أي المسافة بين أربيل والديوانية وعليك تحمل متاعب الطريق ومصاريف متنوعة لقضاء 3 أيام من الأجازة ويومين أنت في الطريق, المهم تلتقي أهلك لكي يطمئنوا عليك . سنة 1972.من القرن الماضي أي قبل 36 سنة , كان عمر بيان 11 آذار أكثر من سنتين, أي كان في 1970.03.11 . وقعت أتفاقية بين الحركة الكوردية والحكومة العراقية على بيان السلام وتحقيق الحكم الذاتي لمدة لا تتجاوز 4 أعوام فقط , الا ان النظام العراقي كان يناور ويتملص من تحقيق بنود اتفاقية آذار. وبعد عودة سعيد من الأجازة والتهيؤ الى الدخول الدورة الثانية ومدتها 90 يوما وهي أصعب بكثير من الدورة الأولى ألا وهي دورة المغاوير الشاقة والتعيسة بمجمل جوانبها, ثلاثة أشهر بأيامها ولياليها , تبدا من التدريب الصباحي وأنت مصلخ والهرولة والزحف في الأشواك والسير في المياه الآسنة القذرة والسير على مرتفعات عالية وعلى الحبال وكسر الطابوق وأكل لحم الحية والقفز من الحواجز والعبور من بين اسلاك الشائكة واطارات وبراميل التي يشعل النار داير ما دايرها والصياح والمنازلة والخلاص من ضربة المدرب والمعلم وأمور أخرى كثيرة . وفي هذه الدورة تكون نسبة الخسائر 3% من . أي كل 100 جندي ثلاثة منهم يموتون مو مشكلة أبدا !.
وقع أكثر من واحد أثناء التدريب المكثف ليل نهار , وبالأضافة الى التدريب المتنوع والمكثف كان عليك أن تتردد الشعارات الغارقة في الضحالة والتي كانت تخلق التذمر عند النسبة الكبيرة من الداخلين الدورة المغاويرية , وفي الكثير من الأحيان يصخم الوجه للغش والأختفاء واطاعة الأوامر والجديد في تدريب المغاوير نسبة الى التدريب العادي أي عليك أن تتناول الغذاء خلال دقيقة أو دقيقتين والشاطر يكون قد شبع وملأ معدته بالمقسوم وخلال الدورة ذهب الجميع في أجازة وبعد انتهاء الدورة الفعلية وانتهاء من كافة صنوف التدريب والرمي بالأطلاقات أي الذخيرة الحية فنال الجندي عبد القادر من محافظة أربيل/ قرية ( زه ركوز ) والقرية تجاور قرية ( ئاشكة ) واللتان تقع خلف مصيف صلاح الدين . أي الجندي عبدالقادر بدع في أصابة جميع اطلاقاته بالهدف وبالصميم أي بقلب الدائرة الصغيرة , ياله من رامي حيث الجميع هنئه في الفوز الساحق وحصل في وقتها على عشرة أيام اجازة وعشرة دنانير هدية كمكافئة من آمر الوحدة ونحن حصلنا على خمسة أيام والأنصراف ... وفي حينها صافح آمر الفوج المقدم مزهر الخفاجي كاكه قادر وهنئه وقال كاكه قادر متدرب بالبيشمركة ؟ فضحك كاكه قادر راضيا بما سمعه من أمر الفوج.
في الفوج الثاني لواء الأول الآلي , كانت هناك ستة 6 سرايا .. سرية المقر , السرية الأولى , السرية الثانية , السرية الثالثة , السرية الرابعة , وسرية الأسناد . وجلها كانت فاعلة والكل يتدرب ويجيد أستخدام الأسلحة , الا أنه الأجازات كانت مدتها قليلة حيث الكل يعاني من هذه القضية !!.. بالطبع فصيل الأستطلاع المغضوب عليه غير مرغوب في جنوده بتاتا , لأن قسم من ملاك الفصيل من الأخوة الكورد والذين أتذكرهم من كويسنجق 1-كيفي مصطفى , عمر معروف , محمد قوان , شيروان جلال , مسعود محمد , عزيز حسين , وكان من رواندوز الجندي نوزاد محمد وسياكيو مصطفى . ومن سيد صادق .. كامل ومن سليمانية جندي أسمه كمال , ومن اربيل رئيس العرفاء الخلوق جدا سعيد , ومن الناصرية الجندي ثجيل عوفي , جميل ماهود , والنائب العريف سيء الصيت عبد علي فرحان , والنائب العريف السيء الصيت طالب , والنائب العريف الطيب نوري , وهو من أهالي بغداد كان سبورت الى درجة المثالية وكانت أخلاقه عالية ويقرأ الكتب ويتابع ويعاشر وكأنه من جيش آخر غير متأثر ب حسن عبيد وربعه. وكان سعيد وفائز بطرس متهمين الأول بالشيوعية والثاني بالديمقراطية أي بالحزب الديمقراطي الكوردستاني , وهناك جنود من النجف والكوفة كانوا يصلون ليل نهار وأتذكر الجندي حسين نعمة , مو المطرب من الناصرية . وكان سالم من الكوفة أشيب الشعر وهادىء جدا , وكان هناك جنود آخرين لا أتذكرهم الآن , والفصيل جله غير مرغوب فيه ماعدا عبد علي وطالب , الذين كانا قد أصبحا نواب العرفاء في دورات خاصة وحتى رواتبهم كانت تختلف عن الآخرين من زملائهم . وبالمناسبة كان سعيد يقبض عشرة دنانير, بدل أربعة الا ربع , وهذا بسبب وفاة أبو سعيد الله يرحمة ويرحم موتاكم , وهذه كانت بسبب الأعالة , أي لا يوجد في العائلة من يعيلها ولهذا السبب كان هناك قانون الأعالة , لحين التسريح من الخدمة الألزامية وكانت مدتها 23 شهرا في الضروف الأعتيادية. السويد . 2008.09.22
حكايات وقصص الجندي الجندي العراقي / 12 سعيد الياس شابو فصيل الاستطلاع في سرية المقر .. كان مراقبا ليل نهار من قبل حظيرة الاستخبارات التي كانت تبتعد عنا حوالي عشرون مترا وكانت الحظيرة نشطة بمراقبتنا وكتابة التقارير المزيفة والهزيلة وغير مبنية على أسس أخلاقية وعلمية وشريفة وعلى رأس الحظيرة رئيس العرفاء رافع . رئيس العرفاء( رافع) كان هادئا بالنسبة لأعضاء حضيرته التعيسة !!. الجندي العراقي كان ضحية التقارير ونوعيتها , التي تكتب بأيادي غير أمينة وغير نزيهة وغير منصفة , مما أدت الى هجمان البيوت وخراب العلاقات الاجتماعية بين العائلة والمحلة والقرية والمدينة مما أدى الى تفسخ المجتمع والكثير من العراقيين هلكوا ودخلوا السجون وراء تلك السياسات المتعجرفة بحق العراقيين بشكل عام , اعدم من أعدم وسجن من سجن ومن لحق به الأذى لا يحصى ولا يعد . قد يسأل البعض ما جدوى من سرد هذه الأمور التي مرت عليها اكثر من 35 سنة ؟ وأنا أقول الحياة دروس وعبر , ينبغي مراجعة الذات عما فعله كل انسان أو فرد عراقي في حياته وما قدمه من انجاز يرضي ذاته وشعبه والاهه وأن يحاسب نفسه على ما ارتكبه من أفعال غير مجدية ولا تخدم مستقبل الأجيال القادمة التي هي بحاجة الى كتابة التأريخ بشكله الحقيقي وليس المزيف كما يقرءه البعض ويحلو له عندما يطرح وجهة نظره التعصبية أزاء الأحداث الساخنة . في خريف 1972 وعندما كنا عائدين من التدريب الليلي والمسيرات الراجلة من الديوانية وبأتجاه عفك والمشخاب وطريق السماوة والمناطق الأخرى وتقدر المسافات بين 30-40 كم وأحيانا أكثر والكل متهيأ وجقجقة وخشخشة العدة والسلاح والهرجات والتعب الذي لا يمهل للجندي أن يفكر بأي شيء يذكر , ما عدا باليوم التالي , وكنا نعود منهمكين تعبانين ومتعوبين ومغدورين حقا والله شاهد على ما أقوله .
العودة عادة تكون بين الساعة العاشرة والحادية عشرة ليلا والسير بالعدة الكاملة أي الكلاشنكوف والخوذة والحقيبة الظهرية والمليئة بمواد الطواريء مثل القناع الواقي من الغازات والملابس الداخلية والعدة الطبية لحالات الطوارىء وطابوقة !! اي نعم طابوكة .. فوق الحمل حلاوة ! . لمن تعود من التدريب وبالرغم من تكرار هذه الجملة المفيدة الا انها تستحق التكرار ,,,, وتسلم سلاحك الى مأمور المشجب وتعود الى الفصيل وتنظيف القاعة وحلاقة الذقن وصبخ البوسطال تقرب الساعة من الحادية عشرة والنصف ليلا ومن ثم الى الفراش العسكري بطانيات مظلمة عادية واذ الساعة تشير الى الثانية عشرة ليلا ... ونحن بين العيون الساهرة والناعسة والنايمة أو النائمة واذ تسمع أصوات .. انهض !! انهض !!.. يا الله شو حصل ؟ بعد ما غفينا ولا حلمنا بأحلام قد تكون معبرة عن طموح الشباب أو من يحلم بالموطن وبالعزاز والله عزاز من هويناكم هوينا الناس كلها ! ننهض والأمر لله .... ونستغرب ؟!؟!؟! لماذا ننهض بعد ما نمنا نصف ساعة ! وعلى رأسنا المكروهين نائب العريف عبد علي فرحان وطالب اللذان كانا قد صنعا خصيصا لأذيتنا نحن المكاميع !!! ها ..خير ؟.. شكو ؟ ليش ننهض ؟. الكل يسأل ؟ وتسمع الجواب ... بانكم ما نظفتوا القاعة !! يابه والله نظفنا .. بالتورات وبالانجيل والقرآن وكلها كتب سماوية نحلف اليمين وبالمقدسات نظفنا القاعة ...ولكن دون أن يستوعبوا ماذا يقولون ! وماذا يريدون ! وكيف يعلمونهم على أذيتنا نحن الجنود العراقيين ! المهم .. ننهض والكل مغضوبين على الاسلوب القذر وأكثر أيام الأسبوع الا اذا كانوا مجازين . ننهض وننظف من جديد ولكن لم تكن هناك من الوساخة الا الذي يفتعلوه ولمدة أشهر ... وفي يوم من الأيام أتفقنا أن نقف في وجه الأقزام ونرفض ما يملئوه علينا من الأوامر المجحفة والسخيفة , وفعلا اتفقنا بأن لا ننهض ولا ننظف وليكن ما يكن وطز فيهم ! وفي معلميهم المرضى وفي قوانينهم الهمجية التعسفية المريضة الناقصة . وفي اليوم التالي ... المذنبون على صفحة .. ومن هم المذنبون ؟ سعيد , فائز (بولص), محمد, كيفي, شيروان , عمر , و آخرين ! أتفقنا مسبقا أي الجنود ماذا نقول في حال تقديمنا مذنبين الى آمر السرية ونحن ليس لنا أي ذنب ! اتفقنا أن أكون الناطق بأسم الجنود لكونهم لا يجيدون العربية ولا جملة مفيدة والكل مستاء من الوضعية التي كنا فيها !. أنزعوا البيريات ........!!!!!!!!, انزعوا النطاق !!!!!!!!!, واحد ورة اللاخ ... الى الأمام سر .. حيث غرفة آمر السرية النقيب علي مردان الله يذكرة بالخير , رجل طيب وهو من أهالي محافظة كركوك , قرية داقوق . ومعنا وفي المقدمة يقودنا رئيس العرفاء حسن عبيد ونواب العرفاء عبد علي وطالب . ونحن في حيرة وما العمل ؟ نحن قد عصينا أوامر الحكومة حسب ادعاء الجلاوزة العرفاء ونحن لا نطيع أوامرهم !!!, وضابط الاستخبارات المخيف أحمد محمد فرج وهو ملازم ثاني وخريج الدورات الخاصة ( موس ). من أهالي رمادي , الكبيسة . الكل ينتظرنا بعد أن استلم الرئيس حسن عبيد الحديث وكان ينتظر منذ زمن أن يقدم سعيد مذنب وليثأر منه , وقال ما قال ... سيدي هذولة جيش محمد العاكول ... هذولة عاصين على الحكومة وهذولة ما يتنفذون الأوامر وغير ملتزمون ووو.. وأمور أخرى . وحق لا الله الا الله كل كذب ونفاق وبختان وحرق الضمير . ثم أكدا كل من عبد علي وطالب صحة ما قاله حسن عبيد رئيس العرفاء أمام آمر السرية وضابط الأستخبارات وآمر الفصيل أيظا هو الآخر اسمه ملازم علي وهو من بغداد , ثم قاطع ضابط الاستخبارات النقيب آمر السرية .. صحيح ؟ استأذن سعيد .. سيدي تسمحني .. فأجاب ملازم أحمد ضابط الأستخبارات كول شكو عندك ! والله سيدي كلهم يكذبون وحق لا الله الا الله هذولة يريدون أن نشرد , وما نخدم العسكرية , هكذا يأذونة , وشردوا الفلان والفلان وبأسماء جنود قد تركوا العسكرية والتحقوا بالثورة الكوردية, وكان الوضع في كوردستان العراق بين المد والجزر آنذاك يشبه الوضع الذي نحن فيه اليوم ومع الفارق. وبعد تردد جمل مفيدة من قبل سعيد وتأيد الأخوة الجنود ... اي والله سيدي الكل مثل ببغاء . سبحانك يارب دائما على حق .. قلبت الآية فجأة , فصرخ ضابط الاستخبارات ولك قواد حسن عبيد تكذب علية ! وتغير الموضوع ! اطلع برة , اطلع ولك وأنتم ويا لنواب العرفاء العرفاء طردهم من الغرفة ومن ثم بقينا نحن المذنبين , وسرعان ما قال البسوا البيريات والأنطقة وأنتم أحرار , بعد الحديث الذي دام أكثر من نصف ساعة من قبل سعيد , وكان الحديث قاصرا .. سيدي احنة جينة نخدم الوطن والعلم والعسكرية وتاركين أهلنا وقاطعين مئات الكيلومترات واصلين هنا واليوم يعاكسوننا ويعتبروننا غرباء في وطننا ويحرموننا من الاجازات الدورية وغيرها من الحقائق التي جائت في البداية , وفورا حصلنا على الاجازة لمدة خمسة أيام ويومين مساعدة أي أصبحت سبعة أيام , بعد أن كنا في المعسكر خمسون يوم بدون زيارة الأهل , وهم حصلوا الاهانة والرزالة وسواد الوجه , وقلنا في حينها الله أكبر من السلطان . السويد 2008-11-16 |