( من لا يأخذ صليبه ويتبعني فلا يستحقني ) " مت 38:10 "
كان الموت مخيفاً لأبناء العهد القديم ، ان مرعباً حتى للقديسين . كُتِبَ عن اهوال الموت صاحب المزمور ، قال ( قلبي يتوجع في داخلي ، وأهوال الموت أحاطت بي ، إعتراني الخوف والإرتعاد ، وطغى عليّ الرعب ) " 55، 56 " . وهكذا كان الجميع ينوحون على الأموات كأنهم رحلوا إلى الهلاك ، وإلى مصير بائس ومظلم .
في العهد الجديد أيضا حتى تلاميذ الرب يسوع كانوا يحتقرون الموت ، لكن بعد أن قام سيّدهم بجسدٍ ممجد ، وغلب الموت بقيامته لم يعد الموت مرعباً لهم ، فلم يعودون يخشونه ، بل برسم علامة الصليب المنتصر ، وبإيمانهم بأقوال ربهم الفادي الذي مات من أجلهم على الصليب كانوا يدوسون على الموت ويتحدون كل التهديدات كبرهان غير يسير ، وكدليل قاطع على أن الموت قد أباده الرب المصلوب . وعمل الصليب تغلب عليه ، فلم يعد له سلطاناً على من آمن بالإله المصلوب الذي صلب الموت ليموت إلى الأبد . . فبموت المُخَلِص مات الموت موتاً حقيقياً وأبدياً . فكل الذين يؤمنون بالمسيح القائم من بين الأموات يستحقونه بكل جرأة ، ويفضلون أن يقدموا أجسادهم للموت على أن ينكروا إيمانهم لمن مات من أجلهم ، وإشتراهم بدمه الطاهر عندما دفع الفدية على الصليب وأعاد العلاقة بين الله والإنسان الخاطىء . فكل مؤمن يعلم علم اليقين بأنه عندما يرقد لا يهلك ، بل يدخل إلى حياة جديدة ليصبح عديم الفساد بفضل القيامة . فالله الذي أقام أبنه من الموت ، يقيم كل من يؤمن به وبعمل صليبه المقدس .
فرح الشيطان وأعوانه بموت المخلص على الصليب ، لكن المصلوب أبطل قوة الموت لكي لا يكون له سلطاناً على المؤمنين ليصبح الشيطان هو الوحيد الميت موتاً أبدياً وحقيقياً . والدليل على ذلك أنه قبل أن يؤمن البشر بالمسيح يرون الموت مفزعاً ، مخيفاً ومرعباً فيضعفون جداً في ساعة الموت ، لكن المنتقلون إلى الإيمان بالمسيح وتعاليمه فإنهم يتحدون الموت ويحتقروه لكي يدخلوا إلى الحياة الأبدية ، فيتبرون الموت ربحاً لهم .
لهذا نجد الذين يهددون بالموت من أجل أن ينكروا إيمانهم فإنهم يقدمون أعنقهم للضرب أو أجسادهم للرجم لكي يناول أكاليل الشهادة فيتعمدوا ثانيتاً بمعمودية الدم . وحتى وإن كانوا في مرحلة عنفوان الشباب يسارعون إلى الموت رجالاً ونساءً . الكثيرون من المؤمنين يمَرّنون أنفسهم بأنظمة جسدية قاسية لكي يتحملوا صلباناً ثقيلة أثناء الجهاد لأجل التحمل لكل مكائد المجرب . بل حتى الأطفال يهزئون بالموت ويندفعون مع الكبار لنيل شرف الشهادة . وهكذا بقوة الصليب تم توثيق أيادي وأرجل الموت . فبقوة الإيمان لم يعد أحداً يخشى وحشية أعداء الحق لأن الصليب أوثق الموت لكي يحتضر ويزول سلطانه على الإنسان . كل المؤمنين بالمسيح الذي قهر الموت وشهّرَ به على خشبة الصليب يدوسون الموت عندما يقترب منهم شاهدين متحدين بقوة المسيح ربهم فيسخرون من الموت وهم يرددون ما قيل عنه في القديم :
( أين شوكتك يا موت ؟ أين غلبتك ِ يا هاوية ) " 1 قور 55:15" .
التوقيع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) " رو 16:1 "