الرسالة البطريركيّة لقداسة البطريرك مار آوا الثالث، لمناسبة رأس السنة الآشوريّة الجديدة 6774      الثقافة السريانية وفرقة شمشا للتمثيل يحتفيان بيوم المسرح العالمي- عنكاوا      سوق خيري‏ بمناسبة عيد القيامة المجيد - عنكاوا      تخرج دفعة جديدة من طلبة كلية نصيبين اللاهوتية المسيحية الاشورية في سيدني      الثقافة السريانية تهنئ المسرحيين السريان بيومهم العالمي      القداس الالهي بعيد بشارة العذراء مريم بالحبل الالهي‏ - كنيسة ام النور في عنكاوا      البطريركية الكلدانية تلغي المظاهر الخارجية للاحتفال بعيد القيامة      بمشاركة مدير قسم الدراسة السريانية في تربية البصرة .. وفد مشترك يقدم محاضرات توعوية وهدايا لطلبة المدارس      العيادة المتنقلة التابعة للمجلس الشعبي تزور قرية افزروك شنو      الرسالة البطريركيّة لقداسة البطريرك مار آوا الثالث لمناسبة العيد العظيم لقيامة ربّنا للعام 2024      ليس العمر.. ميسي يتحدث عن "العامل الحاسم" في اعتزاله      خبيرة ألمانية تدعو إلى الصيام عن البلاستيك      كلمة رئيس الوزراء مسرور بارزاني بشأن القرارات المُتخذة في اجتماع مجلس الوزراء      الكهرباء العراقية تعتزم شراء غاز حقل كورمور بإقليم كوردستان      الخارجية الروسية: أنشطة "الناتو" في شرق أوروبا والبحر الأسود تهدف للاستعداد لمواجهة محتملة مع روسيا      الولايات المتحدة تعرض 10 ملايين دولار مكافأة مقابل معلومات عن "القطة السوداء"      العراق يتجه لحجب "تيك توك"      الاتحاد الاسباني يرفض تخفيف عقوبة تشافي      انفوجرافيك.. عيد القيامة والبيض الملون      توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي)
| مشاهدات : 710 | مشاركات: 0 | 2023-01-21 11:01:40 |

نظام سياسي ديمقراطي تعدّدي بنكهة مدنية

لويس اقليمس

 

 

 

جميعُنا مثل غيرنا من خارج الأسوار العراقية نراقب بشغف ممزوج بحذر حكيم، أولى الخطوات التنفيذية الصائبة التي فجّرها دولة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني في أيامه الأولى في مواجهة التحديات الكثيرة التي تنتظرُه، بالرغم من عامل التسرّع في شكلِ بعضٍ منها أو في نوعيتها وتأثيرها. وقد يكون معذورًا في بعض هذه الجزئية الأخيرة غير السديدة التي اتصف بها بشيءٍ من ردة الفعل شديدة الحدّة تجاه عقوبات لأشخاصٍ يعملون في دوائر الدولة أثبتوا تقصيرًا في أداء واجباتهم الوظيفية. وهذا يشمل ما وقع من حوادث طارئة في مرافق مهمة زعزعت الثقة في قوام الدولة العراقية وفي قدرتها على إدارة البلاد بالشكل الذي تُدار فيه الدول التي لها سيادة على أراضيها وتحترمُ مواطنيها ومنشآتها ودوائرها الرسمية وغير الرسمية. فعندما تخرج الأمور عن عقالها ويُساء التصرّف في السلوكيات العامة لغاية ضرب هيبة الدولة عرض الحائط، حينئذٍ لا ينفعُ شيءٌ غير الكيّ كآخر علاج. وفي اعتقادي واعتقاد الكثيرين من الحريصين على سير سفينة البلاد في وجهتها الوطنية الصحيحة أن تتناسب العقوبة مع فداحة الفعل والسلوك والخطأ المقترَف من قبل موظف عام في الدولة العراقية. وهذا وحده كفيلٌ بتعزيز ثقة الشعب وطبقاته المتعددة المشارب والمكوّنات والمذاهب بالحكومة الجديدة التي ولدت بعملية قيصرية فائقة الدقة من حيث الخلفية التي أتت منها بسبب انسحاب متسرّع غير حكيم لكتلة كبيرة كان يمكن أن تبقي بأيديها بيضة القبّان الوطنية وتوجيهها الوجهة الصحيحة في تغيير المسارات الخاطئة التي استحكمت بالبلاد منذ عشرين عامًا ومنع خروج الأمور عن جادة السلوك الوطني أو في الأقلّ الحدّ من أشكال الفساد والإيغال في الولائية لخارج الحدود. وفي كلّ الأحوال، كان يمكن أن تتخّذ هذه العقوبات في حالة جدّيتها أشكالاً أخرى جديدة أكثر تأثيرًا في الأوساط السياسية والشعبية والنخبوية كي تأتي بثمارها وتبقى دروسًا لكلّ مَن لا يرعوي ولا يعتبر أو يتمادى في الإخلال بالواجب الوطني والمهني والاجتماعي.

هناك مَن يرى في أولى خطوات السيد السوداني بصيصَ أملٍ لإخراج البلاد من نفق الظلمات التي عشعشَ فيها الفساد والمفسدون وبات هؤلاء لا يهابون السلطات ولا الإدارات ولا تهديدات القضاء الذي يدّعي من جانبه اتخاذ خطواتٍ جادّة في كشف اللصوص وأرباب الفساد وحيتانه في حالة توفر ما يتيسرُ له من مواد ومعطيات وشهادات وأدلّة دامغة ضدّ متورطين بسرقة المال العام وهدر الموازنات والسطو على دوائر وعقود بغير وجه حقّ. وهذا في واقع الأمر من ضمن واجباته إذا أراد الاحتفاظ بماء الوجه والنأي بعيدًا عن أوجه هذه الآفة التي تبرعمت وانتشرت كخيوط أخطبوطية في سائر مؤسسات الدولة وكواليسها المعروفة منها وغير المعرّفة لحين الكشف عن المستور فيها في هذا الزمن الصعب.  فالفاسدون بأنواعهم وتقنياتهم وانتماءاتهم، وبسبب شكل الحصانة والحماية والغطاء التي باتوا يتمتعون بها، لم يتركوا بابًا متاحًا للفساد لطرقِه إلاّ ووجّهوا إليه مضاربَهم الحديدية وزادوا من ضرباتهم الكاسحة من دون حياء ولا خجل ولا خوف. فأيةُ قوة هذه التي يتمتع بها هذا الصنف من اللصوص وحرامية العصر بعد أن فاقوا إبليس في تجاربه ومساعيه الشيطانية وخطواته التي فاقت جرأة الأسود وزئيرها المخيف لكلّ مَن يقف في طريقها؟!؟

وهنا السؤال الأهم: هل باستطاعة السوداني القبول بشكل هذ التحدّي السافر الذي تستخدمه شلل الفاسدين وسارقو أموال الشعب والمستهترون بثروات البلاد العامة التي ينبغي أن تكون في خدمة تنمية البلد ورفاهة الشعب الذي تجاوز فيه حدّ الفقر أكثر من 20% في بعض المحافظات الفقيرة والهزيلة في أدائها وحياتها في كلّ شيء؟ إنه التحدّي الأكبر الذي سيفتح الأبواب مشرعةً أمام نقلة نوعية في إدارة البلاد والحدّ من تسلّط أحزاب السلطة وحيتانها التي ما يزال السوداني ومَن على أمثاله في الدوائر التنفيذية والقضائية المتقدمة يخشون توجيه أصابع الاتهام صوبها أو باتجاه أدواتها الكثيرة التي تنعم معظمُها بحمايتها بشكلٍ أو بآخرٍ، إلاّ حينما يشتعل وطيس الاتهام والتسقيط وتفوح رائحة الجيفة في المكاتب الاقتصادية للأحزاب وأدواتهم. والسبب يكمن بالحذر من التقرّب إلى عشّ الزنابير الذي له الفضل بصعودِه هو وغيره إلى المواقع التنفيذية المتقدمة في الدولة مؤخرًا. ومن ثمّ فالسوداني اليوم، أمام تحدٍّ كبير وعسير وصعب إزاء الاتهامات التي تطال الأحزاب والزعامات ورجال الأعمال المتشاركين مع هذه الأخيرة بتقاسم المغانم والمكاسب وأشكال السرقات وأعمال السطو على موازنات الوزارات والمؤسسات والثروات الريعية والصفقات الدولارية وفق المنظومة القائمة على التوافق وتقاسم الكعكة والخشية من عدم المسّ بشخوصها وزعاماتها وبرامجها.

 

دولة مدنية ديمقراطية ذات سيادة

نحن اليوم نتحدث عن التأسيس أو بالأحرى لإعادة توجيه البلاد ومجتمعاتها التعددية باتجاه شكل دولة مدنية ديمقراطية تتمتع بالسيادة التامة على حدودها ومياهها وسمائها وأرضها وبشرها. فعندما تكون هذه منقوصة من وجهة نظر العقلاء في داخل البلاد وخارجها، فهي سينقصها الاحترام المطلوب من غيرها من الشعوب والأمم. فالدولة التي لا تعرف أن تحترمَ نفسَها وتحفظ كرامة أبنائها وتصون حقوقهم ومطالبهم المخترقة والمضروبة من جانب كلّ مَن هبَّ ودبَّ، لا تستحق أن تُسمّى دولة بالمعنى المفهوم العام للدول صاحبة السيادة والهيبة والكلمة والقرار. من هنا، لا يمكن تفرّد أيُّ صاحبِ دينٍ أو مذهبٍ أو قومية أو حزبٍ أو كتلةٍ أو شخصٍ مهما كانت قيمتُه الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والمالية بإدارة البلاد على هواه وهوى تابعيه أو مَن يواليهم في هذه وفي غيرها. فالوطن عنوان أرقى مِن أن تحتويه هذه المفردات التي ينبغي أن تبقى قيمًا عظمية ورفيعة في وسائل تنمية البلاد وترقية العباد إلى أسمى درجات الأخلاق والتعايش والتضامن وتبادل الخبرات وتعاضد الخيرات ضمن سماء الأخوّة الإنسانية والمواطنة الصحيحة التي نترقبُ يروزَ بداياتها في الأفق مع هذه الحكومة الجديدة القائمة. وهذا ما تشيرُ إليه تباشير القرارات والتوجيهات في بداية المشوار.

عسانا نترقب نضوجًا أكبر بتغيير الوجوه الكالحة وغير المنتجة التي لم يبدر من غالبيتها سوى الولاء والتصفيق لهذا الحزب وذاك الزعيم وهذه الدولة من دون نتائج ملموسة تخدم الوطن والمواطن وتساهم في أدوات التنمية الاجتماعية المتقدمة وبرامجها وتبدّد عن عامة الشعب البائس ضيمَ عشرين سنة من الضياع والخسارة والفساد واللصوصية والتخلّف والتراجع في كلّ مفاصل الحياة. وفي هذه فقط، يمكن إسناد توجهات الحكومة الأولية المبشّرة بالإصلاح وتصحيح الأخطاء وصولاً إلى تعزيز الثقة المفقودة بين الدولة والشعب. إنه اختبار حقيقيّ للنوايا، إن صحّ الحدس بوجود الإرادة الصادقة لدى مَن تسلّمَ الموقع التنفيذي الأول في شبه الدولة العراقية المتهالكة التي أحالتها القوى العالمية إلى هذه الحالة من التردّي والضياع والولائية لدولة الأرجنتين الشرقية بالإتيان بالطبقة السياسية الفاسدة التي مكّنتها من الحكم في ليلة غبراء وساندتها لغاية بلوغها هذا الشكل الصارخ من التردّي في كلّ شيء.

من جانبٍ آخر، فإنّ أيَّ تفكير في مفهوم تشكيل دولة "دينية" أو "مذهبية" في عراقنا متعدّد الأديان والمشارب والقوميات يبقى قاصرًا وغير فاعلٍ وفق المعطيات الداخلية والخارجية على السواء. فالعراق يبقى بيئة غير صالحة لقيام شكل مثل هذه الدولة وفق هذا المفهوم القاصر. بل ذلك سيزيد من دمار البلاد وينتقص من تاريخها الموغل في القدم وتأثيرها الحضاري عبر السنين والقرون. ولا شيء غير الهوية الوطنية الجامعة للجميع سبيلاً للخلاص والتنمية والتقدم والخروج من مأزق الطائفية الذي سعت جهات حزبية قاصرة الرؤية أن تؤسّسَ لها مع استيلاء أحزاب المكوّن الشيعي على مقاليد السلطة التنفيذية بحجة المظلومية التاريخية التي زرعها الغازي الأمريكي ومَن والاه من دول الغرب الماكرة والمنافقة في عقول بعض الزعامات التي ادّعت المعارضة قبل وقوعها في حبائل المحتل وإرضاعه إياها حليب الانتقام  الذي استغلّته لإدامة سلطتها المذهبية والولائية بعيدًا عن أية نسمات وطنية كانت تشكلُ في السابق سماتِ عموم الشعب ومكوّناته من دون تمييز ولا تفرقة ولا تشخيص.

عندما فكّرت القوى الكبرى وعلى رأسها الجهات الاستخبارية الأمريكية والغربية باحتلال العراق، برزت فكرة إحياء النزعة الطائفية من أجل دقّ الأسفين بين مختلف مكوّنات الشعب العراقي. فالدّين والمذهب والطائفة كانت وما تزالَ أفضل وسيلة للإيقاع بين أبناء الوطن الواحد والمجتمع الواحد من أجل زرع الفوضى والخراب وإبقاء النعرات ساخنة وعاملة بين مختلف الجماعات وخلق حالة من عدم الاستقرار كي تبقى من المبرّرات المحتملة لتدخلٍ سافرٍ في أيّ وقت وزمن ومكانٍ. ونقولها بصريح العبارة: كلّ الأنظار متجهة هذه الأيام نحو شكل وإيقاع الأداء الحكومي وتوجهات رأس السلطة التنفيذية وقراراته الجريئة في التصدّي لأدوات الفساد المتغلغل في كلّ مفاصل الدولة الإدارية والمالية عبر ما يُنشر في الصحافة وسائر أدوات الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي من مخالفات وخروقات وسرقات وعمليات رشى فاضحة طالت مسؤولين كبار في الدولة من قيادات إدارية وأمنية وحزبية مشاركة في السلطة. إنه التحدّي الأكبر الذي ينتظر معالجات جذرية للواقع السياسي المتردّي الذي تتحكم به منظومة سياسية فاشلة قائمة على التوافق والمحاصصة واقتناص المغانم والتمتع بالمكاسب والامتيازات لمجرّد الانتماء إلى هذا المذهب أو ذاك الحزب، وهذا الزعيم وتلك الكتلة حتى وصلت الصفاقة والاستخفاف بالجدارة المهنية والأمانة الوطنية إلى البعثات الدبلوماسية التي تحوّلت بعضُها إلى كانتونات عائلية وبيوتات حزبية للامتيازات والترف واللغف.

من هنا، يبقى بناء أية دولة محترمة منوطًا بنضوج الفكر والصحوة في الوطنية والمواطنة وفي امتهان الديمقراطية لبلوغ شعار الدولة المدنية الجامعة التي تحفظ حقوق جميع المواطنين بعدالة ومساواة وليس الدينية أو الطائفية المتحيّزة لدولة أخرى والتي سعى وما زال يسعى إليها نفرٌ من المنتمين لأحزاب إسلامية سطت على السلطة واستأثرت بثروات البلد بفضل الغازي الأمريكي الذي لعبَ على وتر الطائفية من أجل كسب ودّ جهات ولائية لدولة معروفة تخادمًا للمصالح. وقد أخطأَ الأمريكان في حساباتهم باختيار هذه الوصفة المشبوهة والمريبة على حدٍّ سواء لتجاهلهم شكلَ الخارطة الجيوسياسية القائمة في منطقة الشرق الأوسط وإهمالهم الدور العروبي في شكل الخارطة الجديدة التي أرادوا استحداثها عبثيًا، جهلاً وغباءً. ولأجل هذا الهدف الأسمى، لا بدّ من مراجعة حثيثة في مناهج إعادة البناء عبر تصحيح الأخطاء واختيار الأفضل والأجدر في الكفاءة لنيل المناصب وإدارة البلاد بالشكل الصحيح، بل إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية والتفكير بتوحيد بعضها لتداخل سلطاتها وتشابك مهماتها وتقاطع مصالحها. فالعراق لن يكون بيئة صالحة لقيام دولة دينية، وبالتحديد دولة شيعية كما أرادتها جهة إقليمية جارة نالت مرامها من راعي العملية السياسية في عراق ما بعد 2003 كهديةٍ نكاية بالنظام السابق.

 لقد سئمَ الشعبُ ونخبُه من الشعارات الرنانة المطروحة للإصلاح وغيرها من الوعود المقطوعة من رؤساء الحكومات السابقين ومن رأس الحكومة القائمة قبل تقلّده المنصب التنفيذي الأول في البلاد. وبات ينتظرُ منه الجميع تنفيذ وعوده وشعاراته وأحاديثه من أجل إعادة الثقة بين الدولة والشعب المغلوب على أمره. وكان الله يحبُ المحسنين الصابرين!










أربيل - عنكاوا

  • موقع القناة:
    www.ishtartv.com
  • البريد الألكتروني: web@ishtartv.com
  • لارسال مقالاتكم و ارائكم: article@ishtartv.com
  • لعرض صوركم: photo@ishtartv.com
  • هاتف الموقع: 009647516234401
  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    info@ishtartv.com
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    article@ishtartv.com
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2024
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.6613 ثانية