أول تعليق من كاهن كنيسة سيدني عقب "الهجوم الإرهابي"      مصدر: والد المشتبه به في هجوم كنيسة سيدني لم يشهد أي علامات تطرف على ابنه      أستراليا.. الشرطة تؤكد الطابع "الإرهابي" لهجوم في كنيسة      السوداني يسعى إلى حل التداعيات الناجمة عن سحب المرسوم الجمهوري الخاص بتعيين غبطة الكاردينال ساكو      العيادة الطبية المتنقلة التابعة للمجلس الشعبي تزور قرية بيرسفي      مارتن منّا: هناك محاولات لإعلان التوأمة بين عنكاوا و وستيرلينغ هايتس الأميركية      اللقاء العام لمجلس الرهبنات الكاثوليكيّة في العراق/ أربيل      غبطة البطريرك ساكو يستقبل السفير الفرنسي لدى جمهورية العراق      قناة عشتار الفضائية تتمنى الشفاءالعاجل للمطران مار ماري عمانوئيل      محافظ نينوى يزور مطرانية القوش      معرض ميسي يفتح أبوابه.. فماذا يمكن أن تشاهد؟!      تقنية ثورية.. زرع جهاز في العين قد يعالج مرض السكري      رئاسة إقليم كوردستان: نجاح الانتخابات يعتمد على مشاركة جميع الأحزاب والكيانات السياسية فيها      العراق.. أكثر من 27 ألف إصابة بالحصبة و43 وفاة بالمرض      خطوة عراقية أخرى باتجاه وقف إهدار ثروات الغاز المصاحب      فيتو أميركي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة      السبب الحقيقي وراء انقطاع خدمات Meta المستمر      جدل حول آثار جانبية حادة لاستخدام الأدوية المضادة للذهان لتخفيف الزهايمر      مايلز كاغينز‏: الحوار حول استئناف تصدير نفط إقليم كوردستان سيبدأ قريباً      إلزام يوفنتوس بدفع 9.7 مليون يورو كرواتب متأخرة لرونالدو
| مشاهدات : 854 | مشاركات: 0 | 2023-01-26 09:35:31 |

هو ... أنا

المونسنيور د. بيوس قاشا

 

            كلمتان من أسماء الإشارة، ولكن ما أدراك ما الكلمتين! أو بالأحرى ماذا يعني هذا العنوان؟ إنه "هو" "الطريق والحق والحياة" (يو6:14) و"أنا" "خُلقْتُ على صورته كمثاله" (تك 1) ودعاني حبيبه (يو15:15).

وأقول: في الاحترام الغربي يقول الشعب عبر المحادثة "هو وأنا". أما عندنا

نحن الشرقيين فنقول "أنا وهو". والسؤال يكمن في أنه لماذا الآن هذا العنوان، وفي هذا الزمن بالذات؟ نقولها وبكل صراحة وحقيقة الواقع، إننا نسير في طريق مخيفة ملؤها الضياع والخوف، فنجد أنفسنا أمام مواقف صعبة ومؤلمة. فالخطر يداهمنا من أقربائنا قبل الغرباء، ومن أصدقاء الأمس قبل الأعداء، ومن زوايا شتى ولمصالح مختلفة، وشراء الذمم عبر المحسوبيات الأنانية.

نعم، إنها أزمنة قاسية في أيامها ولياليها، ولم نكن نشهد مثلها منذ زمن بعيد وبالخصوص في شرقنا وبلادنا الجريحة ومنذ أكثر من جيلين وخاصة اليوم بعد زمن الكورونا. ففي هذا الزمان تغيرت مسيرة الحياة عملاً وفكرةً، ممارسةً والتزاماً، احتراماً ومحبةً، فنحن نعيش في مجتمع يندر أن تجد فيه إنساناً طاهراً نظيفاً وغير فاسد، صادقاً في أقواله وراضياً عن نِعَمِه التي أمطرتها السماء عليه ومكتفياً بحاله، لا يفكر بمصلحته الشخصية البحتة كبرى كانت أو صغرى، فقد أصبحنا مثل ذلك الفيلسوف اللاتيني الذي كان يحمل مصباحه ليلاً ويجوب شوارع أثينا يبحث عن رجل.

نعم، إنه زمن تشتكي فيه الاكتئاب والحزن لما تراه وتسمعه من الناس القريبين والبعيدين ومن سوء معاملتهم، حيث لا يفكرون إلا بمصالحهم ويعلو شأنهم بكلام إعلامهم، والسماء تقول لنا غير ذلك. فالراعي يحب غنمه، وعلينا أن نبذل أنفسنا من أجل خلاص غيرنا، لهذا من دون هذه المحبة يشعر الإنسان إنه تائه لا هدف له، وليس له لذة في العمل والعيش، وستبقى لذته الوحيدة هي في اللهو بأشكاله المختلفة عبر الموبايل ووسائل التواصل الاجتماعي “Social Media” وما اخترعه العلم والتكنولوجيا وينسى الإنسان وحقيقته، وهذا أصبح مرض العصر دون أن ندري، فنرى أنفسنا أمام مجتمع مجنون يفرض إرادته ويفتش عن مصالحه والفساد حقيقته، ونجعل من الآخرين عبيداً لنا إذا لم يعملوا بما أفكر وبما اشاء "أنا" وليس "هو". بينما الرب دعا الجميع أحباءه (يو15:15) وقد قال في إنجيله "مَنْ سخَّركَ مِيلاً فاذهبْ معه اثنَيْن" (متى 41:5). وهذا يدعونا إلى الحوار الذي دعا إليه قداسة البابا فرنسيس في مسودة السينودس الذي سيُعقَد في أكتوبر 2023 بأنّ على كبار المعابد أن يفتشوا عن المهمشين والمختلفين والذين يعارضون بمسيرتهم أو بكلامهم خصوصياتهم والبعيدين مع المعروفين، وإلا ماذا ينفع أن نجعل البشر يصفقون لِمَا نقوم به ويمجّدوا ما نقوله ونحن في ذلك ننسى "هو" ونجعل محله "أنا"، وإلا فهم أعداءٌ لنا لمعارضتهم أفكارنا، وننسى أن الحوار بين "هو" و"أنا" يعلّمنا أن نبني الخلاص والسلام "ففي إبنه صالحنا" (2كو18:5).

فالحوار هو السراط المستقيم والسبيل الوحيد في هذه الأزمنة، وليس كل ما أقرأه أو أسمعه أو أكتبه صحيحاً وإلا جعلتُ نفسي أن أكون "أنا" "هو"، وهذه علامة الكبرياء والتبجّح والحاكم المتسلط على رقاب الأبرياء من أجل إعلامٍ مزيّف، وأنسى أن علامة "هو" ما هي إلا علامة الخلاص والحب إذ يقول "إِنْ أحبَّني أحدٌ يحفظ كلامي، وإليه نأتي" (يو23:14) و"أنا اختَرتُكُم، لتذهبوا وتأتوا بِثَمَرٍ" (يو16:15) "وحيث أكون أنا يكون خادمي" (يو26:12) فمن أجلي حمل صليبه. وإذا الحياة لا تكون في هذه المسيرة فسيكون الناس محبطين في ظروف حياتهم ويشعرون باليأس والإحباط وربما بعض يفكر أنه قد أصابتهم تجربة أو فشل في مسعاهم فغابت الدنيا أمامهم وأحسوا بنهاية الكون. لكن لنعلم جميعاً أن الإنسان لم يُخلَق فقط لملء الفراغات أو لوضع نقاط على الحروف ولعرض الصور المختلفة والأخبار الكاذبة الأنانية فيجعل من نفسه "هو" وينسى أن هذا العمل يجب أن يكون لمجد الله "هو" وليس لمجد الإنسان "أنا".

لذا فالإنسان عبر الحوار لا يستعمل المصطلح العسكري المعروف "نفّذ ثم ناقش" فاليوم يُطلَب الحوار قبل تنفيذ المشيئة كي يكون في السراط المستقيم، فـــــ "هو" ليس "أنا" ولكن عبر محبته أصبح "هو أنا" و"أنا هو" إذ قال "من أجلكم حملتُ الصليب" (لو23:23) وهذا يدعونا إلى نسيان مصالحي الشخصية وأهوائي وكبريائي كي أكون "أنا" له "هو" فقط ولا لغيره.

نعم، اليوم تحولت علامة الحب إلى عدم الصدق، وعلامة الانفتاح والحوار إلى الأنانية والبغضاء، كما تغيرت علامة القداسة إلى محسوبية وعبودية، وعلامة الطيبة والتواضع إلى الهيمنة، وعلامة الحقيقة  إلى صداقة مزيفة وأسأل: ما هذا الذي يحصل؟ أين يريد أن يصل الإنسان "أنا"؟ هل يريد أن يقتل الله "هو" في داخله كما فعل قايين؟ فإذا كان الأمر هكذا فالويل للاسم "أنا" فقد قال الرب "سيأتي في ساعة لا تظنّونها" (متى44:24 ولوقا40:12). إن المسيح الرب "هو" لا يباع بثلاثين من الفضة بل بثمن أبخس من ذلك، بثلاثين من النحاس، فالقوة والسلطة والسلاح لا تحلّ ولا تهيئ طريق السلام بل بالعكس تزيد في "أنا" كراهية أكبر وحرباً ضروساً ورفضاً أوسعاً بينما الإنسان "أنا" ما هو إلا خادم مهما كانت درجته أو وظيفته أو مركزه أو سلطته وإلا سيترك "أنا" جانباً "هو" ويمجّد نفسه ليكون الإنسان "هو" بدل "أنا".

فالعابد لا يكره الأشخاص، والسماء علّمتنا أن لا نكره أي شخص لأنه صورة الله ولكن أن نكره أعماله الشريرة فتلك مسيرة السماء، وهذا ما يدعونا إلى حمل لغة المحبة والتواضع والخدمة وليس أسلحة الدمار الشامل بأنواعها المختلفة في قول الحقيقة مهما كانت المراكز والسلطات، فقد قال "هو" لشرطيٍّ عند حنّان وقيافا "لماذا تضربني ألأني قلتُ الحق" (يو23:18). فقد جاء "هو" من أجلي ومن أجل جميع البشر ولستُ "أنا" من أجله، إذ يقول في إنجيل يوحنا الحبيب "مَن منكم بلا خطيئة فليرجمها" (يو7:8)، وأعطانا وصية واحدة وشرعاً واحداً ألا وهي وصبة المحبة وحياة البشرى السارة فقد قال "هو" "احملوا البشرى واعلنوها لجميع الناس وقولوا لهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتَكم به" (متى20:28) إنها حقيقة الحياة، وهذه حقيقة وجود "أنا" من أجل الآخرين في حوار مستديم وعيش أمين، وإلا ما فائدة أن نكون نحن كبار الزمن دون استحقاق وخبرة كافيَيْن للعمل والبشارة، وللإعلان والتعليم، فما ذلك إلا زيف المجد الباطل ومرض الأيام، وبعملنا هذا سنجعل من "هو" "أنا" ومن "أنا" "هو" وهذا ما لا يجوز لأننا جميعاً ومن أجلنا كان "ففيه كانت الحياة، وحياته كانت نور الناس" (يو4:1) وبنوره نعاين النور إذ قال "ليضيء نوركم قدام الناس فيمجّدوا أباكم الذي في السماء" (متى16:5).

لذا علينا أن نعلم أن "هو" هو هو أمس واليوم وإلى الأبد (عبر8:13) وشريعته المحبة، وأنا "أنا" ولا أكثر من ذلك، وإلا ماذا ينفع الإيمان والسلطة، فيا رب إلى من نذهب وكلام الحياة الأبدية عندك" (يو68:6)... أليس كذلك!!! نعم وآمين.










أربيل - عنكاوا

  • موقع القناة:
    www.ishtartv.com
  • البريد الألكتروني: web@ishtartv.com
  • لارسال مقالاتكم و ارائكم: article@ishtartv.com
  • لعرض صوركم: photo@ishtartv.com
  • هاتف الموقع: 009647516234401
  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    info@ishtartv.com
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    article@ishtartv.com
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2024
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.5677 ثانية