انضمام الاتحاد السرياني الأوروبي إلى فعالية الذكرى في بلجيكا وقبرص تتحرّك لتعزيز الوعي بالإبادة الجماعية      غبطة البطريرك ساكو يحضر أمسية تراتيل لاجواق كنائس بغداد الكلدانية      مهرجان الاكلات الشعبية التراثية في برطلي      برقية شكر من المجلس الشعبي لكافة المعزين برحيل الرئيس السابق للمجلس فهمي يوسف صليوا      وزير الدفاع اليوناني: هناك حاجة ملحة لحماية الطوائف المسيحية في الشرق الأوسط      المنظمة الآثورية الديمقراطية ترحب بانضمام سوريا رسمياً إلى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش      الحكومة السورية تعيد ملكية مدرسة الرام في حولب (حلب) إلى الرهبنة الفرنسيسكانية       مجلة نجم المشرق تنال الجائزة الدولية لتعزيز الحوار لعام 2025      المركز الرعويّ الكاثوليكيّ في مسقط… علامة احترام التنوّع الدينيّ      عرض الفيلم الوثائقي “أرواح عابرة” في بادن السويسرية      طريقة بسيطة وفعالة لمعالجة الحزن والاكتئاب      الاول دائماً...      الأسبوع الأحمر 2025… تضامن عالميّ لأجل حرّية الدِّين والمعتقد      مجلة Condé Nast Traveler لوجهات السفر: 2026 هو عام المسافرين إلى أربيل      سفن النفط بلا مشترين.. مئات الملايين من براميل النفط تتجول بلا وجهة      تقرير بريطاني يتحدث عن خطة لتقسيم غزة ونشر قوات أجنبية وإسرائيلية فيها      مخترقون يستخدمون أداة ذكاء اصطناعي لأتمتة هجماتهم السيبرانية      فولتماده يقرّب ألمانيا من المونديال      عرض إنجيل بورسو ديستي في قاعة مجلس الشيوخ الإيطالي بمناسبة اليوبيل      الصحة العالمية تكشف عن "أخطر الأمراض المعدية فتكا" في العالم
| مشاهدات : 858 | مشاركات: 0 | 2024-12-10 12:54:02 |

حريق ... إنه صليب الحياة

المونسنيور د. بيوس قاشا

 

 

نعم، مرّت الحادثة المؤلمة ولكنني تذكرتُها اليوم بعد سنة وثلاثة أشهر من حدوثها، وما زرعته فينا من ألم وحسرة، لذا أقف اليوم إجلالاً وبكل صمت أمام حادثة مرعبة، حادثة مأسوية أودت بحياة أبرياء وضحايا من أبناء بغديدي والتي تمثلت بحريق قاعة الهيثم الملوكية للأعراس حيث كان للحريق موعداً معها وذلك مساء يوم الثلاثاء السادس والعشرين من شهر أيلول عام 2023.

إنها حادثة لم يسبق لها مثيل في تاريخ بغديدي حيث تحول العرس إلى مأتم، إذ شبّت النار في أجساد المدعوّين الذين أصبحوا مدعوّي النار، فملأت هذه الحادثة قلبي حزناً وألماً. كما أقف صامتاً ومتحيراً عن ماذا أقول وكيف أقول. فلما رأيتُ القاعة بعد أيام قليلة تحيّرتُ في الجواب عن مَن استطاع أن يَخْلُص، فكما يقول ربنا يسوع "ليس ممكناً ذلك عند البشر" (مرقس27:10) فقد أصبحت القاعة منظراً مخيفاً ، وحينها سألتُ نفسي: كيف ابتلعت النار هذه الضحايا البريئة؟ وكيف نجا الناجون؟.

وطَرَقَ سمعي أن هناك الكثير من أبناء بغديدي وخاصة الشباب هرع لخلاص ما بإمكانهم، فسألوا وفتشوا عن الضحايا دون السؤال من أية عشيرة هم، فقد جاءوا لشيء واحد فقط ألا وهو إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وحتى الحيلة لم تنفع شيئاً في هذه الساعة المُرّة والمؤلمة. فالمَصَاب مصاب الجميع، وما حصل غريب عن أعين بغديدي وسكانها بل وأهلها إذ في لحظات ودقائق قليلة كما روى الناجون انقلب الفرح إلى حزن كبير وسط الألم والدموع والصياح. إنها ساعات الألم، فقد قال الحاضرون والناجون أنهم رأوا دخاناً وناراً خفيفاً ثم قطعاً نارية ثم حريقاً ابتلع الضحايا... ما هذا يا رب!.

ساعات البكاء ولكنها ساعات الفراق والوداع، ساعات الصمت، فما كان من الشباب الذين هرعوا لنجاة ما يمكن إلا التوجّه مع الآخرين إلى المستشفيات لإسعاف المصابين والجرحى، ويفتشوا عن الأقرباء والأهل أين هم وخاصة المفقودين من أبناء بلدتهم والذين نُقلوا بسرعة هائلة إلى مستشفيات بغديدي والموصل وإقليم كوردستان، فقد وجدوا بعضاً منهم مصابين بإصابات متنوعة فقدموا ما استطاعوا من خدمات، وأما في البلدة فقد خيّم الخوف والصمت والسكوت، هنا البكاء والعويل كما يقول الإنجيل المقدس "راحيل تبكي على بنيها ولا تريد أن تتعزّى" (متى18:2). ففي كل بيت من بيوت المدينة مأتم، فمصابهم واحد، حريق حريق القاعة والتي التهمت الضحايا البريئة، ومما زاد الآلام ألماً رؤية توابيت الجثامين تطوف شوارع البلدة وفروع المقبرة لتسكن في ديارها حيث السماء تنتظرها لتكون من أهلها، فقد قال الرب يوماً:"مَن آمن بي وإن مات فسيحيا" (يوحنا25:11) وما الحياة إلا كاللص، فكونوا مستعدين لأنه لا نعلم في أية ساعة يأتي وفي أية حالة.

إنه منظر ترتعش له الأجساد قبل العيون، والكارثة لا تقاس بمنظار عيوننا بل ما ستتركه في مسيرة حياتنا، وستبقى ذكراها جاثمة على صدور أهل البلدة. فهذه الصدمة النفسية رهيبة كانت وغريبة، وستُلقي بخيمتها وظلالها على جميع نواحي حياة سكان المدينة هذه، فقد تركت أثراً لا يُمحى: أطفالاً بلا آباء وأمهات، وآباء وأمهات بلا أطفالهم... مشهد مريع وكارثة مأساة.

ختاماً، أقول لربّ السماء الذي أحبني وعلّمني أن أحمل صليبي على مثاله، الشكر له لأنه يُلهم الجميع الصبر والسلوان، وبرحمته يقبل نفوس ضحايانا البريئة التي انتقلت من مدينة الألم إلى مدينة الأحياء في مقبرة القيامة. فمهما يكن من أمر ومن صليب نحمله لا نقول: إلا لتكن مشيئة الرب، نعم وآمين. فامنح يا رب الراحة الأبدية لجميع الضحايا، ونورك الدائم ليشرق عليهم. فنحن سكان السماء وإن كنّا اليوم على الأرض، فطريقنا يقودنا إلى السماء، وطريق السماء صعب وقاسٍ... إنه صليب الحياة.

 










أربيل - عنكاوا

  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    [email protected]
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    [email protected]
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2025
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.5025 ثانية