عشتار تيفي كوم - الفاتيكان نيوز/
استهل سيادته حديثه لموقعنا الإلكتروني مؤكدا أن مراسم تشييع الضحايا أقيمت مساء الخميس، وذلك كان ضرورياً لعدم توفر البرادات التي تُحفظ فيها عادة جثث الموتى. وأضاف أن سكان مدينة غزة، والقطاع بصورة عامة، لا يستطيعون متابعة الأحداث وردود الفعل الدولية، لعدم توفر خدمات النقل التلفزيوني المباشر، هذا فضلا عن صعوبة التواصل بين القدس وغزة.
وقد أفادت الأنباء الواردة من القطاع أن الكنيسة – الكائنة في حيّ الزيتون – استُهدفت بقذيفة أطلقتها دبابة إسرائيلية، عند حوالي الساعة العاشرة والثلث صباح أمس في أعقاب الاحتفال بالقداس، وقد أسفر الهجوم وفقاً لآخر حصيلة، صباح اليوم الجمعة، عن مصرع ثلاثة أشخاص، وإصابة عشرة آخرين بجراح، بعضهم حالتهم خطرة. وقال المطران شوملي إنه تم نقل جميع الجرحى إلى المستشفى الأنغليكاني في شمال مدينة غزة، والقريب من الكنيسة المستهدفة، موضحا أن هذا المرفق الصحي لا يملك سوى المستلزمات الطبية الضرورية من أجل تقديم الإسعافات الأولية.
تابع شوملي حديثه لموقعنا مشيرا إلى أن القذيفة الإسرائيلية استهدفت مبنى الكنيسة وحسب، ولم تتعرض لأي ضرر المدرسةُ والقاعات التي تأوي مئات المهجرين الفلسطينيين الذين لجأوا إليها منذ بداية الحرب، ومن بينهم عدد كبير من الأطفال. وكانت بطريركية أورشليم للاتين قد أعلنت أن هؤلاء المهجرين يأملون اليوم بشيء واحد، ألا وهو البقاء على قيد الحياة، بعد أن دمرت الحربُ بيوتهم وأخذت منهم كل ما لديهم، وسلبتهم كرامتهم. وكانت البطريركية قد تواصلت مع الجيش الإسرائيلي في أعقاب الهجوم على الكنيسة، الذي أوضح أنه اطلع على ما جرى مؤكدا أنه سيفتح تحقيقاً مستقلاً للكشف عن ملابسات الحادث. بيد أن السلطات الكنسية لم تحصل لغاية الآن على أي أجوبة بشأن دوافع الهجوم.
هذا ثم ذكّر المطران شوملي بأن القوات الإسرائيلية أعطت في السابق أوامر للمؤمنين بشأن إخلاء الكنيسة والمدرسة التابعة لها، تماما كما فعلت مع المهجرين الموجودين في مجمّع كنيسة القديس بورفيريوس الأرثوذكسية. وأضاف أن المؤمنين تلقوا هذه المرة أيضا أوامر بشأن إخلاء المنطقة والتوجه جنوباً، لافتا إلى أن الإسرائيليين يريدون إخلاء شمال القطاع من السكان. وقال إن المسيحيين لم يستجيبوا لهذه الأوامر لأنهم يخافون من الذهاب إلى الجنوب، حيث لا يوجد طعام ولا مياه ولا أدوية، وسيجدون أنفسهم وسط عشرات آلاف الأشخاص الذين يعانون من الجوع ويفتقرون إلى مقومات الحياة الأساسية.
وتساءل سيادته عما إذا كانت توجد صلة بين تجاهل الأوامر المعطاة وهجوم الخميس على كنيسة العائلة المقدسة، مع أن الحكومة الإسرائيلية عبرت، من خلال وزارة الخارجية، عن ألمها العميق حيال الهجوم، مضيفة أن إسرائيل لا تستهدف أبداً الكنائس أو المواقع الدينية، ومعبرة عن أسفها حيال التعرض لدور العبادة أو لمدنيين غير معنيين بالصراع.
في السادس عشر من كانون الأول ديسمبر ٢٠٢٣ تعرضت كنيسة العائلة المقدسة للحصار من قبل الجيش الإسرائيلي قناعة منه بوجود منصة لإطلاق الصواريخ داخل الرعية. وقد قُتلت آذناك امرأة وابنتُها وجُرح خمسة أشخاص آخرين. وفي شهر تشرين الأول أكتوبر من العام نفسه استهدف القصف كنيسة القديس بورفيريوس الأرثوذكسية ما أدى إلى مصرع سبعة عشر شخصاً وتدمير مبنى ملاصق للكنيسة. وقد شاء المطران شوملي أن يعبر عن الحزن العميق الذي ألمّ بجميع المؤمنين في الأرض المقدسة في وقت يقوم فيه أخوتهم وأخواتهم في غزة بدفن الموتى ومعالجة الجرحى. وأكد أن بطريركية أورشليم للاتين ستقف دائماً إلى جانبهم، وستبذل كل ما في وسعها من أجل دعمهم ومساعدتهم.
لم تخلُ كلمات سيادته من التعبير عن امتنانه وامتنان البطريركية لرسائل التعزية والتضامن التي وجهها أصدقاء "من الداخل ومن الخارج" كما قال، وفي طليعتهم البابا لاون الرابع عشر، الذي أبرق معزياً بالضحايا، وشخصيات سياسية عدة شاءت التعبير عن تضامنها مع الجماعة المسيحية في غزة. وكان الرئيس الفرنسي قد أجرى اتصالا هاتفياً مع البطريرك بيتسابالا، بحضور المطران شوملي، وأكد هذا الأخير – في ختام حديثه – أن إيمانويل ماكرون أبدى تضامناً كبيراً، ووعد بأن يسعى إلى التخفيف من آلام ومعاناة سكان القطاع، لاسيما فيما يتعلق بتوفير المساعدات الغذائية. وكانت فرنسا قد أدانت، على لسان وزير خارجيتها جان نويل بارو، الهجوم على كنيسة العائلة المقدسة، تماماً كما فعلت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، التي قالت إن ما حصل صباح أمس أمر غير مقبول.