عشتار تيفي كوم - اعلام البطريركية الكلدانية/
في ندوة نظمتها أكاديميّة بغداد للعلوم الإنسانية، بالتعاون مع مسؤولي مجلتي الفكر المسيحي ونجم المشرق، بعنوان: الدور المسيحي في عراق اليوم على ضوء وثيقة “نختار الحياة” وذلك مساء يوم الجمعة 18 تموز 2025 في قاعة الاكاديمية، افتتحها غبطة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو بكلمة تجدونها أدناه، وتكونت الندوة من ثلاثة محاور: د. خليل شلفون من لبنان عن تقديم وثيقة نختار الحياة، تبعه سيادة المطران يوسف توما: نظرة عن الدور المسيحي في عراق اليوم، وبعده تكلم الدكتور فراس كوركيس عن التمكين المسيحي في عراق اليوم. ثم كانت هناك أسئلة ومداخلات.
حضر الندوة سيادة المطران جان سليمان رئيس اساقفة اللاتين في بغداد وسيادة المطران باسيليوس يلدو المعاون البطريركي وحضرة المونسنيور جارلس سونا القائم باعمال السفارة البابوية والاباء الكهنة والاخوات الراهبات ونخبة من المهتمين بالموضوع.
ادناه كلمة غبطة البطريرك ساكو:
شكراً لأكاديميّة بغداد للعلوم الإنسانية، ومسؤولي مجلتي الفكر المسيحي ونجم المشرق، لتنظيم هذه الندوة الحوارية بعنوان الدور المسيحي في عراق اليوم على ضوء وثيقة نختار الحياة. شكرا لكل الأساتذة المتكلمين والسيدات والسادة المشاركين.
العراقيون المسيحيون أصيلون في بلدهم، ومتجذّرون فيه، ومتمسّكون بهويتهم العراقية، وقد قدّموا ما بإمكانهم في خدمته. ذلك أنهم كانوا دوما ملتزمين بوطنيتهم ورسالتهم الإنسانية والتربوية. المسيحية ثقافة ورسالة. ثقافة المسيحيين ثقافة الحياة لا الموت، المحبة لا الكراهية، المغفرة والإصلاح لا الانتقام، السلام لا الحرب، العلم لا الجهل، العيش المشترك المتناغم لا الإنقسام على أسس دينية او طائفية او اثنية. ولاؤهم كان دوماً للوطن وكانوا أدوات فاعلة لبنائه، بهدف إثراء التراث الديني والثقافي والاجتماعي العراقي.
ألفا عام من الوجود المسيحي، تميزا المسيحيون العراقيون خلاله بإنتمائهم العميق لتراب الوطن، وجلُّ مبتغاهم أن يكونوا أدوات فاعلة لبناء الوطن، ومدِّ الجسور وتوطيد العيش المشترك. المسيحيون لم يكونوا عدداً، بل عنوان ثقافة ورسالة. دورهم كان محوَرياً . لقد كانت ومازالت لديهم إسهامات تذكر في مجال التعليم والتثقيف والخدمة الاجتماعية: أذكر على سبيل المثال: كلية بغداد وجامعة الحكمة والمدارس والمستشفيات والمراكز الثقافية والمجلات ودور النشر والإعلام. كان عدد الأطباء والمهندسين والمحامين وأساتذة المدارس بالمئات.
في العهد العباسي لعبوا دورا بالغ الاهمية. ففي بيت الحكمة ترجم المسيحيون، العلوم والمعرفة اليونانية الى السريانية والعربية، ومنها وصلت الى الغرب عبر الأندلس، وأخص بالذكر الأطباء من آل بختيشوع الخ…
اليوم بالرغم من إنحسار عددنا بسبب خطة مبرمجة لتهميشنا واستهدافنا لانزال نعد أنفسنا جزءًا أصيلاً مهماً من النسيج التاريخي الاجتماعي والثقافي للعراق. ولا نقبل أن يُنتقص منّا أو نُستضعف.
أمام التحديات الكبيرة التي عاشها العراق ولا يزال، اُستُهدِفَ المسيحيون باشكال متنوعة، اُختِطفوا وقُتِلوا وهُجِّروا وفُجِّرت كنائسهم واُغتُصِبَتْ أملاكهم. واليوم، لمعالجة أوجاعهم وأوجاع العراقيين تقتضي الضرورة مبادرات وطنية شجاعة وليس بالكلام المعسول. وإنصافهم، يكون بإحتضان الدولة لهم وحمايتهم، والسعي لإستعادة حقوقهم وإعادة ممتلكاتهم المسلوبة، ومحاسبة المسؤولين عن الإنتهاكات بحقِّهم، وتمثيلهم وتوظيفهم، ومنع الإستحواذ على الكوتا المسيحية بالمال. هذا الاحتضان يقع على عاتق الحكومة حصراً لأن الدولة هي للجميع. وحتى يتمكن المسيحيون من مواصلة دورهم الوطني والثقافي والإجتماعي أقترح:
نحن بحاجة الى شراكة إنسانيّة وروحيّة ووطنيّة بعيداً عن التفكير الضيق. ومتى ما وِجدَت بيئة ملائمة للعيش الكريم، قد تبتسم للمسيحيين المغتربين فكرة الرغبة في العودة الى العراق والتضامن في تقدمه، سيما وأن بينهم نُخَباً عالمية لها وزنها وبوسعها ان تساهم في نهضة العراق وتقدمه!.