
ضريح العُزَير وجذوره الكتابيّة | مصدر الصورة: البروفيسور عامر الجميليّ
عشتارتيفي كوم- آسي مينا/
بقلم: جورجينا بهنام حبابه
ميسان, السبت 8 نوفمبر، 2025
في محافظة ميسان العراقيّة، وعلى الضفّة الغربيّة لنهر دجلة، تقع بلدةٌ صغيرة تضمّ ضريح «العُزَيْر» ومنه أخذت اسمها، إذ يعتقد السكّان المحلّيّون أنّ المدفون فيه هو نبيّ الله «العُزَيْر»، بحسب التسمية القرآنيّة، أو عزرا الكاتب أحد أنبياء العهد القديم الواردة أخباره في سفرَيْ عزرا ونحميا.
ما زال الضريح قائمًا بمبانيه المتمايزة بتشارك الإسلاميّ واليهوديّ فيها على نحوٍ فريد، يضمّ مقامًا ذا قبّةٍ مزيّنة ببلاط أزرق وكنيسًا منفصلًا ما عاد يستخدمه الآن أحدٌ، عقب مغادرة معظم يهود العراق مطلع خمسينيّات القرن المنصرم، كما بيَّنَ د. عامر الجميليّ، الباحث في مركز دراسات الموصل التابع لجامعتها، في حديثه عبر «آسي مينا»، مرجّحًا أن يعود تاريخ إنشاء المباني إلى قرابة 250 عامًا.
وأشار الجميليّ إلى مشاهدة الآثاريّ كلوديوس جيمس ريتش الضريح الذي زاره في العام 1820 ووصفه بأنّه محاطٌ بجدار ويضمّ غرفةً مبلَّطة فيها القبر، وتعلوه قبّة خضراء، وصفتها روايات لاحقة بأنّها زرقاء. ونسَبَ ريتش إلى أحد السكّان المحلّيّين إبلاغه بأنّ «يهوديًّا اسمه كوف يعقوب أقام المبنى فوق القبر قبل قرابة ثلاثين عامًا»، ما يعني عدم اليقين بوجود رفاة عزرا الكاتب في الضريح.
ونبّه الجميليّ إلى أنّ السير أوستن هنري لايارد الآثاريّ الشهير رجّح في خلال بعثته إبّان القرن التاسع عشر أن يكون تغيّر مسار نهر دجلة المستمرّ تسبّب في جرف القبر الأصليّ إذ لم تكُن المباني الرئيسة التي شاهدها موافقة لمشاهدات سابقيه.
وَرَدَ ذكر المكان والضريح في مذكّرات مستشرقين وعسكريّين بريطانيّين عدّة، لا سيّما بسبب استخدامه نقطة انطلاقٍ للرحلات إلى أعالي النهر في خلال الانتداب البريطانيّ للبلاد. «ومن أطرفها ما أورده السير ألفريد رولنسون، عن زيارته الضريح في العام 1918، ولاحظه عن طاقم القابلات المتوفِّرات لخدمة النساء اللواتي جئن ليلدن هناك».
يُذكر أنّ اسم «عزرا»، وهو اختصار للاسم العبريّ «عزريا» ومعناه «عون الربّ»، وَرَدَ ذكره في الكتاب المقدّس بوصفه كاتبًا في بلاط إمبراطور الفرس «أرتحشستا» ومستشاره في شؤون الجماعة اليهوديّة المقيمة في ما بين النهرين منذ أيّام السبي.
نجح عزرا بحكمته وحسن تدبيره في إعادة آلاف اليهود المسبيّين إلى القدس ليُقيموا مجتمعهم وفق التعاليم العبرانيّة، فكان ذا شأنٍ عظيم في إعادة إحياء العمل بالشريعة وجمع أسفار التوراة وترتيبها وتعليمها، وإليه تُنسَب الاستعانة بالخطّ الآراميّ لاستحداث الخط العبريّ المربع المستخدم في كتابة التوراة واللغة العبريّة الحديثة.
وأكّد الجميلي ختامًا أنّ نقوش الضريح وجداريّاته المحفورة على الخشب أو المنقورة على الرخام بالخطّ العبريّ المربع، حظيت بدراسة ومتابعة د.عبد الرحيم حنون عطية، البروفيسور في كلّية التربية بجامعة ميسان، ما يسَّر على الباحثين والدارسين معاينتها وفهم معانيها.
ضريح العُزَير وجذوره الكتابيّة. مصدر الصورة: البروفيسور عامر الجميليّ
ضريح العُزَير وجذوره الكتابيّة. مصدر الصورة: البروفيسور عامر الجميليّ
ضريح العُزَير وجذوره الكتابيّة. مصدر الصورة: ويكيميديا كومونز