
حان الوقت لإعادة ضبط عالم المواعدة بين الجنسين (غيتي/أيستوك)
عشتارتيفي كوم- اندبندنت/
بعد طول انتظار، عرفنا ما هي مشكلة المواعدة بين الرجال والنساء. إنها توقعات النساء الزائدة من الرجال.
لقد قرأت استطلاعاً جديداً للآراء، شمل ألفي رجل وامرأة بريطانيين تراوح أعمارهم ما بين 18 و45 سنة، أجرته منظمة "إيكويموندو" Equimundo غير الربحية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها وتعمل في مجال الأبحاث الدولية بهدف إشراك الرجال والفتيان كحلفاء في المساواة بين الجنسين، استنتجت منه أن الرجال سئموا منا بكل بساطة.
يعتقد نحو 62 في المئة من الرجال بأن "النساء لديهن توقعات كثيرة بالنسبة إلى سلوك الرجال في العلاقات هذه الأيام". ومقابل ذلك، عبّر 44 في المئة عن رفضهم للتغيير، إذ قالوا إنه سيتعين عليهم أن يغيروا جوانب كثيرة من أنفسهم كي يستمروا بعلاقة جدية وطويلة الأمد. وقال 41 في المئة إن الدخول في علاقة يشكل "التزاماً مالياً ضخماً".
هذه النتائج كئيبة، والأسوأ أن ربع الرجال يعتقدون بأن لا أحد يمكن أن يقع في غرامهم.
لكن من ناحية ثانية، تظهر نتائج الدراسة حقيقة أشمل عن وضع النساء المغايرات للجنس في حقل المواعدة (مرحباً، هذه أنا). فهذا الإحساس الطاغي باليأس يعني أن كثراً من بيننا على ما يبدو، يستسلمون تماماً، مما يغذي "ركود العلاقات العظيم" الذي نجد أنفسنا فيه ظاهرياً.
إن الوضع حقيقة بهذا السوء. وأنا أعرف ذلك من تجربتي الشخصية لأنني وصديقاتي قد واعدنا جميعاً رجالاً عكسوا هذه الآراء علينا. ومن بينهم رجل شرح لي بعد ثلاثة أشهر من المواعدة أنه غير مستعد للدخول في علاقة، بعد أسبوع من محاولتنا القيام بحجوزات لقضاء عطلة عيد الميلاد معاً. ومن بينهم ذلك الذي أخبرني بعد أربعة أشهر أنني أتطلب منه الكثير، وهو اتهام ولد بعد محاولتي حجز مطعم لنا بعد انتهائه من تناول الشراب مع زملاء في إطار عمله.
وقد تعرفت إلى كثرٍ غيرهما شعروا بالخوف بعد أسابيع من المواعدة عند أول بادرة عن أي نوع من الأحاديث حول الاتجاه الذي نسير فيه "نحن". كان ذلك، ولا يزال، نمطاً شائعاً لدرجة أننا قد مللنا تقريباً من نهاية أية علاقة بهذه الطريقة لأننا دائماً ما نتوقعها.
من السهل اعتبار هذا النمط بمثابة وباء من رهاب الالتزام وأساليب تجنب التعلق. لكن الموضوع أعمق من هذا بكثير، كما تظهر الدراسة: فقد قال 15 في المئة من الرجال الذين شملهم الاستطلاع إنهم تفاعلوا مع شريك افتراضي أو من الذكاء الاصطناعي. هل يعزف الرجال عن المواعدة تماماً ويصبون بدلاً من ذلك جميع مطالبهم في النساء الرقميات المبرمجات للتصرف والتحدث بالطريقة التي يريدونها بالضبط؟
ربما. لكنني أشك بأن ما يجري أعمق بعد، ولا سيما أن أكثر من 40 في المئة من الرجال الذين شملهم الاستطلاع قالوا إنهم فكروا في إيذاء أنفسهم أو الانتحار خلال الأسبوعين الماضيين، فيما أفاد أكثر من ثلثيهم عن معاناتهم من أعراض القلق والاضطراب.
صحيح أن مواعدة الرجال قد تبدو صعبة. صدقوني، أنا أعرف ذلك. ولا شك في أنه من المحبط أن كثيراً من بينهم يعتقدون بأن توقعات النساء منهم مبالغ بها؛ لم أعتقد فعلاً بأنني أبالغ إن طلبت من شخص معين الالتزام بحجز وجبة العشاء. ولكن بدلاً من النظر إلى الإحصاءات المماثلة واستخدامها كسلاح، أو استخدامها كذريعة كي نصرخ "الرجال حثالة!" من نوافذنا بينما نلوح بحمالات الصدر في الهواء، أعتقد بأنه علينا اعتبارها علامة على أن الوقت قد حان لإعادة ضبط عالم المواعدة بين الجنسين بصورة عاجلة.
لأن الرجال والنساء العازبين ما عادوا يعرفون كيف يتواصلون مع بعضهم بعضاً. كما لو كنا جميعاً محبطين للغاية ومنعزلين في غرف الصدى الخاصة بنا على وسائل التواصل الاجتماعي.
من ناحية، نجد "ميمز" عن الرجال الذين يغمرونك بالحب قبل أن يختفوا تماماً في اليوم التالي، ومن ناحية أخرى لدينا مقاطع فيديو يتكلم فيها [المؤثر الذكوري] أندرو تيت عن أسباب وجوب قيام النساء بمزيد من الأعمال المنزلية. يبدو الأمر متطرفاً لأنه كذلك بالفعل؛ إن خوارزميات تطبيقات المواعدة تبعدنا من بعضنا بعضاً، سواء أيديولوجياً أو جنسياً. هذا يجعلنا جميعاً نشعر بالاكتئاب والوحدة والإحباط الشديد.
يجب أن يتغير شيء ما قريباً. وإلا، فإن المستقبل يبدو قاتماً – وقد يكون مليئاً بمجموعة من الأحباء والحبيبات الذين جرى إنشاؤهم بواسطة الذكاء الاصطناعي وقلة من الأشخاص الحقيقيين الذين نسوا كيف يتحدثون مع بعضهم بعضاً.