د. كنعان صليوا
(نيوزيلاند)
يا أبناء أمتي من الكلدان السريان الآشوريين ، أنا أعلم بأنكم الآن
منشغلون بأحداث ونتائج الأنتخابات الأخيرة لبرلمان العراق وما رافقها من تفاصيل
مفرحة تارة ومزعجة تارة أخرى... رغم علمي بانشغالاتكم الأنتخابية (التي أبارك فيها
الفوز لمن فاز وأقول بارك الله فيك يا من شاركت ولم تفز متمنياً لك الفوز مرة
أخرى) ، كان لابد لي من أن أشارككم بأفكاري التي أرقت منامي وأنا في أرض الغربة
(نيوزيلاند) ، هذه الغربة التي توجهت إليها (لفترة شهر واحد) ظناً مني بأنني
سأرتاح قليلاً من آلام معاناة أبناء أمتي في أرض الأجداد ، ولكن هيهات أن تفارقني
معاناة أبناء الأمة ، فكان لابد من النهوض من على فراش النوم المريح والفجر على
الأبواب لكي أكتب لكم هذه الأسطر على أمل بأن تجد من يصغي لها قبل فوات الأوان .
يا أبناء الأمة ... نحن على مشارف الأحتفال بمناسبة رأس السنة
البابلية الآشورية 6760 حيث إن الأول من نيسان على الأبواب . علينا التفكير جدياً
بهذه المناسبة وبكل ماتعنيه لأبناء الأمة من فخر بماضٍ مفعم وبحاضر مؤلم وبمستقبلٍ
مبهم !!!
أناشد أبناء الأمة جميعاً بأن تكون احتفالية رأس السنة البابلية
الآشورية لهذا العام واحدة موحدة لجهود أبناء الأمة وليس متعددة مفرقة للجهود .
ولنعود بالذاكرة إلى السنة الماضية حيث كان المشهد مؤلماً وأنا أشاهد من على شاشة
التلفاز احتفاليتين لأبناء أمتي في نفس المحافظة وعلى بُعد كيلومترات قليلة .
أيها المسؤولون عن مؤسسات أبناء الأمة ، إن كانت الإنتخابات
البرلمانية قد أعطت لكم الحق بتفرقة جهود أبناء الأمة (وهو حق قد نقبله بطريقة أو
بأخرى) لهذا الفريق أو ذاك ، ولكن بالتأكيد سوف لن نقبل ولن نرضى بأن تفرقوا بين
فرحة أبناء الأمة بمناسبة عزيزة علينا مثل رأس السنة البابلية الآشورية . لأن
الأنتخابات فيها فوز وخسارة على صعيد لغة المقاعد ... ولكن هل ترتضون على أنفسكم
باستغلال مناسبة مهمة والتفكير بإنفرادية للتغلب على هذا الطرف أو ذاك على حساب
مشاعر وأفراح أبناء الأمة ؟!
أيها المسؤولون عن مؤسسات أبناء الأمة ، إن كان تفكيركم ينصب بالفوز
على أساس أي فريق منكم سيجتذب أكبر عدد من الناس المشاركين بالأحتفالية ، فأنتم
على خطأ.... وإن كان تفكيركم ينصب بالفوز على أساس أي فريق سيُحضِر أكبر عدد من
المطربين ، فأنتم على خطأ أيضاً .... أنا متأكد بأنكم تتمنون أن تكون الأحتفالية
موحدة ، ولكن أجواء المنافسة قد تزيح عن نظركم البعض من المواقف المحرجة التي
ستجعلون أبناء الأمة يمرون بها ... وإليكم مثالاً منها : تصوروا وجود قريبين (قد
يكونان أخوين أو صديقين أو أبناء عم أو نسيبين ... الخ) أحدهما ينتمي لفكر هذا
الفريق والآخر ينتمي لفكر الفريق الآخر ... في حالة الأحتفاليتين ، قد (أقول قد)
يخامره شعور زائف وهو يحتفل ضمن احتفالية فريقه بأنه منتصر على قريبه الآخر
المشارك بالأحتفالية الأخرى ، وهناك حالة أخرى من المشاعر المريرة الصادقة التي
سيشعر بها (هنا لن أقول "قد" بل أقول "بالتأكيد") وذلك لغياب
قريبه وعدم مشاركته له نفس أفراحه . بينما الحالة النفسية التي ستصاحب هذين
القريبين عند المشاركة في احتفالية واحدة ستكون مختلفة جذرياً ، حيث إن الفرح سوف
لن يكون منتقصاً منه ولن يكون الشعور بالفوز زائفاً ، لا بل ستذرف دموع الفرح
أيضاً . فلماذا تحرمون أبناء الأمة من الفرح والفوز الحقيقي ؟! ولماذا تمنعون عنهم
دموع الفرح ؟! أسئلة أضعها أمام كل مسؤول مؤسسة تعمل بأسم أبناء الأمة ، ولست
بإنتظار أن يجيبوني عنها بل ليجيبوا ويقنعوا أنفسهم بها . لو كانت الأحتفاليتين في
محافظتين مختلفتين لما كان لنا هذا الحديث ، ولكانت النظرة قد اختلفت جذرياً .
إن شعرتم بمعاناة الشعب .... سأكون مسانداً مخلصاً لجهودكم المبذولة
من أجل أبناء الأمة ..... أما إن أصريتم على موقفكم ، فسوف لن أشارك في احتفاليتكم
برأس السنة البابلية الآشورية ... قلت "احتفاليتكم" لأنها ستكون معبرة
عن جهود فردية (كونها تمثل جهود مؤسسة معينة) ولن تكون معبرة عن جهود فكر وشعور
بحاجة أبناء الأمة في زماننا هذا وظروفنا المريرة هذه . ولكن في نفس الوقت سأشارك
في احتفاليتي الخاصة بهذه المناسبة بكل ما تحمله من المعاني ولن تتمكنوا من سلبي
حريتي بالفرح والفخر بهكذا مناسبة .
في العام الماضي وبعد الأحتفاليتين ، وجهت دعوة لمطربي أمتنا بعدم المشاركة
في احتفالية هذا العام عند الأصرار على الأحتفاليتين بدلاً من احتفالية واحدة ....
أرجوا أن لا تصل بنا الحالة إلى درجة توجيه الدعوة لكل أبناء الأمة بعدم المشاركة
بهكذا احتفاليات والتي تفرز الكثير من المواقف المؤلمة بينما المفروض بها أن تعطي
الأمل والصبر لتحمل الظروف والبقاء والإصرار وعدم ترك الساحة والهجرة . لأنه مهما
كان موقف الطرف الذي نشارك في احتفاليته سليماً ، يبقى الموقف العام غير سليماً
بوجود احتفاليتين بمناسبة واحدة وفي محافظة واحدة !
بعد أيام قليلة سأعود إلى بلدي العزيز العراق ، بلاد النهرين ، أناشد
أبناء الأمة أن لا تحرموني هذا العام من المشاركة السليمة باحتفالات رأس السنة
البابلية الآشورية لهذا العام مثلما فعلتم العام الماضي . وأناشدهم بالتنازل عن
الكبرياء الزائف في هكذا مواقف ومناسبات . أطرقوا كل الأبواب لتوحيد الجهود
وأفتحوا كل الأبواب لتوحيد الجهود ... وليبارككم ويهديكم الرب .