أول تعليق من كاهن كنيسة سيدني عقب "الهجوم الإرهابي"      مصدر: والد المشتبه به في هجوم كنيسة سيدني لم يشهد أي علامات تطرف على ابنه      أستراليا.. الشرطة تؤكد الطابع "الإرهابي" لهجوم في كنيسة      السوداني يسعى إلى حل التداعيات الناجمة عن سحب المرسوم الجمهوري الخاص بتعيين غبطة الكاردينال ساكو      العيادة الطبية المتنقلة التابعة للمجلس الشعبي تزور قرية بيرسفي      مارتن منّا: هناك محاولات لإعلان التوأمة بين عنكاوا و وستيرلينغ هايتس الأميركية      اللقاء العام لمجلس الرهبنات الكاثوليكيّة في العراق/ أربيل      غبطة البطريرك ساكو يستقبل السفير الفرنسي لدى جمهورية العراق      قناة عشتار الفضائية تتمنى الشفاءالعاجل للمطران مار ماري عمانوئيل      محافظ نينوى يزور مطرانية القوش      معرض ميسي يفتح أبوابه.. فماذا يمكن أن تشاهد؟!      تقنية ثورية.. زرع جهاز في العين قد يعالج مرض السكري      رئاسة إقليم كوردستان: نجاح الانتخابات يعتمد على مشاركة جميع الأحزاب والكيانات السياسية فيها      العراق.. أكثر من 27 ألف إصابة بالحصبة و43 وفاة بالمرض      خطوة عراقية أخرى باتجاه وقف إهدار ثروات الغاز المصاحب      فيتو أميركي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة      السبب الحقيقي وراء انقطاع خدمات Meta المستمر      جدل حول آثار جانبية حادة لاستخدام الأدوية المضادة للذهان لتخفيف الزهايمر      مايلز كاغينز‏: الحوار حول استئناف تصدير نفط إقليم كوردستان سيبدأ قريباً      إلزام يوفنتوس بدفع 9.7 مليون يورو كرواتب متأخرة لرونالدو
| مشاهدات : 1206 | مشاركات: 0 | 2019-10-11 09:55:56 |

العراق يحترق وأحزاب السلطة تتوارى

لويس اقليمس

 

 

مع بدء العد التنازلي لقدوم شهر تشرين أول الجاري 2019، وغبّة مرور أقل من عام على عمر الكابينة الوزراية التوافقية المهزوزة للسيد عادل عبد المهدي، شهدت عموم البلاد انتفاضة جديدة لا تقلّ في وصفها عن ثورة شعبية وطنية قد تنذر بما لا تُحمد عقباه، في حالة عدم معالجة الأسباب والحيثيات والدوافع الحقيقية وراء اشتعال أوارها. شهدنا بعضًا منها على الملأ كما شاهدنا مجملها موصوفة على شاشات فضائية تسابقت لنشر الحقيقة كيدًا أم تحريضًا أم استعطافًا أم استدرارًا لجانب سلبيّ أم إيجابيّ بحسب الأمزجة التي نقلت شيئًا من حقيقة ما جرى ومازال يجري لليوم الثالث على التوالي.

طبيعة الانتفاضة الجديدة التي اعتاد الشعب العراقي البائس حدوثها أو افتعالها أو التفرّج أو التحريض أو الشماتة بها بين فترة وأخرى أصبحت معروفة للقاصي والداني، وبالذات من قبل أحزاب السلطة الحاكمة التي تسعى في كلّ مرة وتترقب مثل هذه الأحداث لترسيخ مكاسبها والاستزادة من مغانمها عبر فرض أجندات عرضية استغلالاً للظروف التي تجعل الحكومة قاصرة وضعيفة ومهزوزة في نظر الشعب والمنطقة والعالم من خلال تواري هذه الأحزاب ورموزها خلف الحكومة ونسب كل الإخفاقات إليها واتهامها بغياب أية استراتيجية لديها بحسب البعض. ولا ندري متى كانت الحكومات السابقة تحمل في جعبتها شيئًا من مثل هذه الاستراتيجيات أو ما يُسمى بسياسة الحكومة سواء قبل تشكيلها أو في أدائها ومراقبتها ومتابعتها لمسارات وزاراتها ومؤسسات الدولة كافة التي من واجبها تقديم الخدمات الآدمية الكريمة للشعب والاعتراف بحقوقهم الدنيا في ثروات البلاد وفي الخدمات وفي الأمن والاستقرار والتعليم. وهذه من أبسط حقوق أي شعب حي، مثل شعب العراق المعروف بحضارته العريقة وبموقعه بين دول العالم من حيث الثروة الوطنية والعقل والفكر والإرادة والرغبة في الحياة الحرة الكريمة.

شعارات، صورة من أجندة سياسية تطالب بالإصلاح

بدءًا، لو صح القول بعدم وجود أجندة سياسية لهذه الموجة الجديدة من التظاهرات الشعبية العارمة وما رافقها من أعمال تخريبية وإشعال النيران بوسائل بدائية وتدمير مؤسسات عامة ونهب بعضها، وكلها مسيئة لأصل قيامها وأسباب اشتعالها ومضرة بالبيئة المتراجعة أصلاً، إلاّ أن مجرّد قيامها يعني الكثير، بالرغم من تباين الشعارات المرفوعة ومطالب المنتفضين. ولعلّ أبسط ما تعنيه هذه الموجة العارمة من هذا الكثير المنتظَر يتمثل بإظهار مدى السخط الشعبي وسط عامة شرائح المجتمع وشريحة الشباب البائس بصورة خاصة، والذي تزداد أحوالُه بؤسًا وتراجعًا في كل شيء، في العلم والتعليم والتربية والتوظيف والخدمات والبنية التحتية والحق بالرفاه. ونحن نشهد بأمّ أعيننا تزايدَ جيوش البطالة في صفوفه والصعوبة في تلبية متطلبات الحياة الحرة الكريمة التي يستحقها سيّما وأنه يبصر بأم عينيه مدى استهتار أحزاب السلطة، وتلك الإسلامية منها بالذات، بحقوقه الإنسانية وحقه في ثروات البلاد التي تتبخر في ظلّ أية حكومة تتولى مقاليد السلطة بسبب تقاسمها بين هذه الأحزاب وأدواتها من الفاسدين والمفسدين في الأرض من دون رقيب ولا حساب حقيقيّ. فاختفاء أكثر من 450 مليار دولار وربما أكثر، من أموال الشعب من دون معرفة طريقة اختفائها وتسربها والمتسببين بها أو بالأحرى التغاضي عن كشف المتورطين بها وعدم تمكن الحكومات المتعاقبة من محاسبة المقصرين، لهي الدليل الواضح بتورط هذه الحكومات المتعاقبة بتقاسم هذه المغانم والاتفاق فيما بينها على تجاهل جميع المطالبات الشعبية بكشف مصير الأموال المنهوبة إيغالاً بفتنة الفساد والاستخفاف بعقول الشعب البائس وبخسًا لحقوقه المشروعة وفق الدستور الأعرج.

أمّا طريقة معالجة هذه الموجة الأخيرة من الاحتجاجات واستخدام القوة في قمع وتفريق بعضها سواء في بغداد أو سائر المحافظات المشتعلة، فهي إشارة واضحة بتجاهل مطاليب المتظاهرين الذين ضاقوا ذرعًا بتصرفات أحزاب السلطة وأدواتهم من الميليشيات المنفلتة والعصابات التي تعيث في أرض العراق فسادًا واقترافًا للشنائع وإدخالاً لأنواع السموم من المخدرات مدعومة من جهات متنفذة وأخرى تستلهم قوتها من جهات لها صلة ودعم سياسي وتسليحي من ذراع الجارة  القوي "إيران" التي تتحكم بمقدرات البلاد فعليًا عبر أدواتها النشطة التي تسيطر على مفاتيح النظام السياسي بشكل أساسي من دون منافس ولا رقيب ولا معارضة حقيقية. وهذا دليلٌ آخر على عجز الحكومة في معالجة الأوضاع بالرغم من قطعها وعودًا قاطعة بمعالجة مواقع الخلل في برنامجها الحكومي "الوطني" المطروح والذي لم يتحقق منه بعد سنة تقريبًا من توليها السلطة إلاّ القدر الهزيل الذي لا يرقى للحديث عنه. فكلّ ما حصل لم يكن سوى كلمات وحديث إنشائي وخطابيّ معسول عن مشاريع وقطع وعود على الورق وفي برامج ايفادات المسؤولين في الدولة التي لها بداية وليس لها نهاية. فما نسمعه في هذا المجال من معنيين في مؤسسات الدولة على تنوع مفاصلها ودرجاتها وما نرقبه بأمّ أعيننا يكاد لا يُصدّق. فالمسؤولون العراقيون قلّما يوجدون في مكاتبهم، وحين السؤال نفهم أنهم في مهمة إيفاد رسمية أو زيارة شخصية إلى الدولة الفلانية، ومنها إلى دولة أخرى وهكذا دواليك. وهذا شيءٌ قليل من فساد أجهزة السلطة التي تستنزف موارد الدولة في عقد الصفقات المشبوهة وزيادة مخصصات المسؤولين وما يُسمّى بالحوافز الخرافية في الشركات الرابحة والاستيلاء على عقارات الدولة من دون وجه حق، ناهيك عن استنزاف ميزانية الدولة عبر الزيارات والإيفادات غير الضرورية في العديد منها. ونحن هنا لسنا بصدد المطالبة بمنع الإيفادات الضرورية التي تتطلب المشاهدة والاستفادة من مراكز بحثية والسعي للبحث عن شركاء حقيقيين لمشاريع تبني وتعالج وترمم وتعيد بناء ما تم تدميره واستهلاكه منذ سقوط النظام البائد ووصول أحزاب الإسلام السياسي الشيعي منه والسنّي على السواء.

لقد تعددت المطالبات التي رفعها المحتجون والشباب الغاضب بالذات ومعهم أقلام الطبقة المثقفة وما تبقى من الوطنيين محبي العراق من دون مقابل. وبالرغم من تنوع هذه المطالبات واشكال عرضها، إلاّ أنها ستظل كالعادة من دون استجابة حقيقية ومعالجة جذرية للأسباب التي قامت من أجلها، ومنها معالجة ملفات الفساد الذي تنخر جسم البلاد منذ 2003، وزادت منه الحكومة الحالية عبر تحييد سبل علاجه والغرق في تشكيل لجان وهيئات لا تحلّ ولا تربط، بل كلّ ما تفعله هذه الحلقات الفارغة تستخدم لتخدير الشعب وتسويف المعالجات الصائبة ووضع ملفات الفاسدين على رفوف هذه اللجان بدل محاسبة حقيقية وجادة من القضاء العراقي الذي يخشى التقرّب من أحزاب السلطة ولا يجرؤ فتح ملفات الفاسدين الحقيقيين من كبار المسؤولين في الدولة وفي صفوف الأحزاب المتسلطة بالذات بدءًا بزعماء الكتل والسياسيين والنواب من دون تمييز، والذين يتركز جلّ همّهم على تعزيز مواقعهم في السلطة لا أكثر.

غياب الحسّ الوطني

نحن مثل العديدين من الوطنيين، لا نشك بوجود مَن يريد أن يركب الموجة ويحاول تسييس هذه الانتفاضة الجديدة وتجيير بعض أنشطتها واحتجاجاتها لصالح هذا الحزب أو ذاك أو هذه الجهة السياسية أو تلك. ولكنها في حقيقة أمرها ستبقى عراقية ونابعة من وجدان الشعب ومن بنات أفكار طبقة الاهتياج الوطني الذي برز على الساحة وأجبر البعض في غفلة من الزمن للحنبن إلى زمن الماضي القريب الجميل بحسب وجهة نظره قياسًا بالبديل الزائف المهزوز، بالرغم من عسر الأول واتصافه بسلوكيات دكتاتورية وغير إنسانية في بعضٍ منها. ولعلّ هذا البعض الذي يشدُّ الحنين  إلى ذاك الماضي القاهر اضطر للتذكير به بعد أن أفقده النظام السياسي الجديد بدمقرطته المزيفة والمغلَّفة بأحزاب السلطة التابعة لولاية الفقيه في جوهر سياستها وليس بولائها المفروض للوطن وللشعب. وهذا ما عبّرت عنه هذه الثورة الشعبية الجديدة بسبب فشل الحكومات المتعاقبة في إصلاح النظام المعتمِد على المحاصصة المذهبية والطائفية والحزبية، ما قطع أية آمال بقدرة الدولة برئاساتها  الثلاث ومعها القضاء الذي أخفق هو الآخر لحدّ اليوم بالتعاطي مع ملفات حيتان الفساد ومحاسبة رؤوسه الذين يتربعون على قمة السلطة لغاية الساعة.

أما ما صدر مؤخرًا من قرارات مستعجلة بالتضحية بعدد محدود من موظفي القطاع العام وبعض الإصلاحات المادية، فهو لن يحلّ المشكلة ولن يُنظر إليه سوى من نافذة ضيقة وآنيّة. فهؤلاء المضحّى بهم ليسوا ولن يكونوا سوى أكباش فداء للرؤوس الكبيرة التي تواصل نهب ثروات البلاد بطرق ووسائل شتى بفضل ما تسنه من قوانين وما تصدره من تعليمات إدارية لصالح بقاء نفوذها وتواصُل حكمها الفاشل بسبب غياب الحسّ الوطني بشكله المواطنيّ. كما أنّ الحكومة من طرفها، أبدت عجزها الواضح بإدارة الأزمات المتلاحقة وتلبية الحاجات والمطالب الشعبية بالإصلاح وبفرض القانون وقطع الطريق أمام أدوات الدولة العميقة التي تسيطر على المشهد السياسي بدعم من قوى متنفذة تستمدّ قوّتها من أدوات التدخل الإيراني القائمة والحاضرة بقوّة وبفاعلية في كلّ مفاصل الحياة العراقية. هذا إضافة إلى تقاطع مصالح الشركاء "الأعداء"، والتي كان من ضمن نتائجها الفشل في إدارة حكيمة للسلطة وغياب للعدالة في توزيع الثروات والاستيلاء على الممتلكات والعقارات العامة والخاصة بحجج ووسائل شيطانية ومن نهبٍ فاضح للثروات من دون وازع ولا شبع ولا خجل، وكذا بسبب إبعاد قيادات وطنية من الساحة العراقية ومن المشهد السياسي والعسكري الذي يتمثل باستبعاد كلّ مَن يحمل فكرًا وطنيًا يطالب باستقلالية الوطن وإبعاد تأثير القوى الإقليمية وإيران بالذات.

كما لا يمكن التغاضي عن وجود غياب ملحوظ في الاستراتيجيات التي تخطط من أجل البناء والتنمية والإعمار وفراغ متعمّد لدور القطاع الخاص الذي يمكن أن يشكل أعمدة شامخة للبناء وإعادة الاعمار فيما لو أخذ دوره الريادي في الإعمار وفي مبادرة البناء وإعادة تدوير عجلة الصناعة والزراعة من خلال مساهمته هو الآخر في تعزيز الاقتصاد وبناء الدولة واستعادة كرامة الإنسان العراقي، سليل الحضارات وابن الثقافات المتعددة والتنوع الاتني والقومي والدينيّ الذي هو مفخرة وغنى للبلد والمنطقة والعالم.

إنّ غياب الحسّ الوطني من جانب غالبية أحزاب السلطة الموغلة في فسادها بعمومها قد عجّلت من ضيق صبر الشعب بسبب سلوكيات هذه الأحزاب وأنشطة التيارات والمجاميع التابعة لها التي لا ترقى للسلوك المواطني الصحيح. ناهيك عن تواصل كذبها واستهتارها واستخفافها بمطالب الطبقات المظلومة التي تزداد فقرًا وقهرًا وتخلفًا يومًا بعد يوم، بحيث غابت عن معظم العملية السياسية سمةُ الوطنية والحرص على البلد وأهله وثرواته. وممّا جعل أحزاب السلطة، وجلّها من أوساط الإسلام السياسيّ ومَن ركب موجتها ومَن والاها من أصحاب النفوس الضعيفة، تستقوي أكثر وتوغل في غيّها بالرغم من نداءات الشرفاء وتحذيرات المرجعيات الدينية النصوح من شتى الأديان والمذاهب، فإنه يكمن في اعتماد هذه الأحزاب على تخرّصات وتحزّبات مذهبية وطائفية تقف وراءها عناصر وأصحاب عمائم تدّعي المرجعية أو الموالاة لها والإفتاء باسمها من دون وجه حق بسبب الفوضى الخلاقة القائمة في كلّ ركن من البلاد وكل مفصل من الحياة، بحيث صار المعمَّم هو الآمر والناهي، القاضي والجلاّد، الموجّه والمتحكم في فكر العامة وفي نشاط رجل السلطة التابع له أو لمذهبه وطائفته. فيما الشعب المغلوب على أمره باقٍ في بؤسه يجد صعوبة في تحديد سلوكه غير المستقرّ بسبب تعدد المراجع التي تفتقر معظمُها للمصداقية في أدائها وأقوالها ونصحها. أمّا كلّ ما فعلته وتفعله السلطة برئاساتها وسائر أدواتها، فقد تراوح ما بين استنباط الطرق والوسائل الكفيلة بوضع برامجها ومخططاتها من أجل زيادة مكاسبها المالية عبر إقطاعياتها من نظام المحاصصة اللعين وفي الترشيح لمناصب لأتباعها وأدواتها من اجل زيادة تلك المكاسب والمغانم من ثروة البلاد التي تفرّدت بها دون الشعب صاحبها والمتولي عليها من حيث المبدأ. وإلاّ أين تذهب ميزانية البلاد السنوية منذ السقوط في 2003 ولغاية الساعة، فيما معدل مبالغها تقارب المائة مليار دولار من موارد النفط الريعية وما ينبغي أن يلحقها من مدخولات البلاد الأخرى عبر المنافذ الحدودية وأجواء البلاد وغيرها من الرسوم الداخلية الأخرى؟

تحقيق الغايات هدف الثورة الشعبية

هذا غيث من فيض ما دعا الاحتجاجات الأخيرة كي تنفجر من جديد. ولعلّها لن تتوقف كما حصل في سابقاتها حتى تحقيق المبتغى بإسقاط رموز الفساد وتغيير نظام العملية السياسية برمته والعمل لعودة الكفاءات الوطنية وأهل المقامات العلمية والإدارية والوطنية، وما أكثرها من تلك التي غادرت البلاد ولم تجد مكانًا لها وسط الكمّ الهائل من رموز الفساد والطائفية وراكبي موجة الإسلام السياسي الفاشل. أما الإجراءات التعسفية التي شهدناها من قمع للتظاهرات السلمية بطرق غير مقبولة وبالقنص والقتل المتعمّد ومحاصرة المحتجّين وإلقاء القبض على أعداد كبيرة منهم ومنهم الجرحى الذين استقبلتهم بعض المستشفيات وزجهم في السجون وقطع الانترنت وحجب مواقع الكترونية، فهي لن تثني من عزم الشعب الثائر الذي يطالب بإصرار بمحاسبة القائمين على السلطة والفاسدين منهم في الحكومات المتعاقبة كي يأخذ كلّ ذي حقٍّ حقه ويصلح حال البلاد والعباد. ففي النهاية، هذا ما سيؤول إليه مصير الفاسدين وسراق المال العام والمتحكمين بمصير شعوبهم عبر سياسة الظلم والقهر والتهديد والخنوع. وسيلحقون آجلاً أم عاجلاً بمصير مَن سبقهم ممّن لم يراعي أمانة شعوبهم في أعناقهم. وما على المنتفضين والثائرين إلاّ مواصلة التحشيد والاحتجاج والاعتصام وعدم فسح المجال لامتصاص غضبهم المشروع بطرق ماكرة، ظاهرُها حرصٌ بتلبية المطالب وباطنُها امتصاصٌ للغضب الشعبي بوسائل ماكرة عبر الدعوة للتهدئة والحوار والتفاهم أو عبر عقد اتفاقات جانبية ضيقة ومحدودة الاستجابة. أمّا الدعوة المفتوحة للحوار، فستكون مع مَن؟ فهل ستقرّ أحزاب السلطة ومَن بيدها القرار في الرئاسات الثلاث وفي القضاء الذي لم يأخذ دوره القانوني والوطني، بما هو قائم من فساد، وهم جزء من تركيبة العملية السياسية التي أتت بالحكومات الشيعية المتلاحقة الفاشلة وهي التي أنتجت الحكومة الحالية أيضًا؟

أمنية الشرفاء والوطنيين أن تتواصل الاحتجاجات حتى تحقيق المطالب المشروعة لجميع المنتفضين وحتى المترددين واليائسين من العملية السياسية برمتها. فكلٌّ يبغي حقه في الثروة العامة وفي الخدمات الآدمية وفي الأمن والاستقرار والرزق الحلال. وكلٌ يتمنى الخير والرفاه له ولجميع الشعب المغلوب على أمره ولشعوب المنطقة وللعالم. فجنّة العراق كبيرة وخيمتُه وارفة الظلال، ومن طبعها أن تحتضن الجميع من دون منّة من أحد كما تحتضن الدجاجة فراخها وتحنو عليهم وتحميهم من أي مكروه طارئ. فالعراق للجميع وليس لشلّة أو جهة أو دين أو مذهب أو حزب أوعصابة.

وهكذا عندما يثور شعب بأكمله بسبب بلوغ السيل الزبى، فتلك إشارة على بلوغ الأوضاع حدودها وإيذانٌ بضرورة التغيير بعد فشل السنين الغوابر. فللصبر حدودُه أيضًا. ولا بدّ من حكومة طوارئ قريبة قادمة تستبعد رموز التغيير ما بعد 2003. أما أحزاب السلطة ومَن يواليها ويتبعها ومَن يدعم تواصل فسادها وإصرارهاعلى نظام المحاصصة، فلتلتحف جيدًا وتغطّي عورتها كالنعامة بعد اصطدامها بثورة الشعب. فإرادة الشعوب أقوى من الطغاة وأسمى من الفاسدين وأكبر من المتاجرين بقوتها وحريتها وكرامتها وعرضها وسائر حقوقها الوطنية والفردية. وما أغلى الوطن! إنّما الغدُ لناظره قريب!










أربيل - عنكاوا

  • موقع القناة:
    www.ishtartv.com
  • البريد الألكتروني: web@ishtartv.com
  • لارسال مقالاتكم و ارائكم: article@ishtartv.com
  • لعرض صوركم: photo@ishtartv.com
  • هاتف الموقع: 009647516234401
  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    info@ishtartv.com
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    article@ishtartv.com
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2024
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.6308 ثانية