الرسالة البطريركيّة لقداسة البطريرك مار آوا الثالث، لمناسبة رأس السنة الآشوريّة الجديدة 6774      سوق خيري‏ بمناسبة عيد القيامة المجيد - عنكاوا      تخرج دفعة جديدة من طلبة كلية نصيبين اللاهوتية المسيحية الاشورية في سيدني      القداس الالهي بعيد بشارة العذراء مريم بالحبل الالهي‏ - كنيسة ام النور في عنكاوا      البطريركية الكلدانية تلغي المظاهر الخارجية للاحتفال بعيد القيامة      بمشاركة مدير قسم الدراسة السريانية في تربية البصرة .. وفد مشترك يقدم محاضرات توعوية وهدايا لطلبة المدارس      العيادة المتنقلة التابعة للمجلس الشعبي تزور قرية افزروك شنو      الرسالة البطريركيّة لقداسة البطريرك مار آوا الثالث لمناسبة العيد العظيم لقيامة ربّنا للعام 2024      احتفالات عيد مار أفرام السرياني في زحلة - لبنان      غبطة أبينا البطريرك يحتفل برتبة النهيرة (الوصول إلى الميناء) في كاتدرائية سيّدة البشارة، المتحف – بيروت      خبيرة ألمانية تدعو إلى الصيام عن البلاستيك      كلمة رئيس الوزراء مسرور بارزاني بشأن القرارات المُتخذة في اجتماع مجلس الوزراء      الكهرباء العراقية تعتزم شراء غاز حقل كورمور بإقليم كوردستان      الخارجية الروسية: أنشطة "الناتو" في شرق أوروبا والبحر الأسود تهدف للاستعداد لمواجهة محتملة مع روسيا      الولايات المتحدة تعرض 10 ملايين دولار مكافأة مقابل معلومات عن "القطة السوداء"      العراق يتجه لحجب "تيك توك"      الاتحاد الاسباني يرفض تخفيف عقوبة تشافي      انفوجرافيك.. عيد القيامة والبيض الملون      توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي)      جمال كوجر: يفترض أن تطلق بغداد الأسبوع المقبل رواتب شهر آذار لموظفي اقليم كوردستان
| مشاهدات : 963 | مشاركات: 0 | 2020-02-19 10:05:02 |

مساءلة وعدالة في زمن "اللاّوطن"

لويس اقليمس

 

 

 

لا أعرف تمامًا من أين وكيف ولماذا تمّ استقاء مفهوم "المساءلة والعدالة" بعد الحملة الجوفاء العارمة المسمّاة "اجتثاث البعث" التي ضربت وآذت شرائح كبيرة بريئة في المجتمع العراقي إثر إسقاط النظام السابق من قوّة الاستكبار العالمي الأمريكية المقيتة واجتياح السيادة العراقية بطريقة أقلَّ ما يُقال عنها أنها كانت ظالمة وقاسية ومهلكة للشعب العراقي وأرضه وثروته وعرضه. وجميعنا نعلم كيف أصدر الحاكم المدني سيّء الصيت "بريمر" قانونه المثير للجدل في نيسان 2003 حول اجتثاث عناصر حزب البعث الحاكم بعد سقوط هرم السلطة واحتلال البلاد وبدء التلاعب بمقدراته بفتح جميع الأبواب والنوافذ الممكنة لتكون مشرعة وبلا حدود لشرعنة نهب ثروات البلاد والتفرّد بحكم العباد على طريقة الكاوبوي.

 ومع قبول فكرة حظر حزب البعث شعبيًا حينذاك باحتوائها على ملامح إيجابية معيّنة في ضوء التأكيد في قانون الاجتثاث المذكور على عدم استنساخ الصورة الدكتاتورية وخلوّ أهداف ومبادئ الكيانات الحزبية الجديدة الحاكمة من أية نوازع أو غايات عنصرية وتطهيرية وطائفية وعرقية، إلاّ أنّ الذي حصل لاحقًا ولغاية اليوم لم يكن سوى توليفة من شيء شبيه بالتطهير الطائفي والسطو العرقيّ والمذهبي على السلطة ناهيك عن سيطرة الأحزاب والكيانات على مقدرات البلاد حينما أحكم مثلّث السلطة سطوته عليها وتقاسمت أحزابُها وأمراؤُها ومَن والاهم وسار في دربهم العاثر المغانمَ والمكاسب. فالجميع وباعترافٍ واضح من سادة هذه الكيانات وأحزابها وأتباعها وممثليها في السلطات الأربع وما يلحق هذه السلطات من ذيول وأتباع، قد اقتطعت حصتها من الكعكة غير خجلة من فعلتها الاثمة، إلاّ أللّهمّ نفرٌ ممّن استعان بالله وراجع الذات وأبدى ندمًا ظاهريًا غير مكتمل الجوانب والتطبيق. فالحال باقية لغاية الساعة كما كانت بالأمس قبل أكثر من 16 عامًا خلت، بالرغم من توارد النصح ونداءات التحذير من جانب المرجعية الشيعية الرشيدة العليا وغيرها من المرجعيات الدينية الأخرى التي طالما حذّرت من مساوئ هذه السلوكيات ومن انزلاق البلاد والعباد إلى ما لا تُحمد عقباه بعد استشراء أنواع الفساد الإداري والمالي في مؤسسات الدولة المرتهنة بأحزاب السلطة. وآخر تلك النصيحة ما نطقت به حكمة السيد السستاني بشخص ممثله عبد المهدي الكربلائي عن فضيلة "الصدق والأمانة" لدى الإنسان في عمله وسلوكه وبكون كثرة الصوم والصلاة ليست معيارًا لفضيلة الإنسان والمجتمعات.    

اليوم، تعود هذه المفردة الجدلية إلى الواجهة من جديد، ولكن بصناعة أممية مختلفة في المقصد والمنهج، ليس على لسانٍ عراقيّ بل نطقت بها الممثلة الأممية بالعراق "جينين بلاسخارت" في تصريحها الصحفي ليوم 20 كانون ثاني 2020، وفيه تحثّ على "تجديد الجهود من أجل الإصلاح" وتحذّر من "مناخ الخوف" القائم حاليًا في الشارع العراقي، وتعدّ "المساءلة والعدالة للضحايا أمرًا حاسمًا لبناء الثقة والشرعية والقدرة على الصمود". وهذا أبلغ الكلام والردّ الشافي من مسؤولة أممية تتحدث عن مفردة تحقيق مبدأ "المساءلة والعدالة" في ضوء الفوضى التي تعيشها البلاد. ومثلما جرى ومازال يجري تطبيق قانون ما يُسمّى بالهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة رقم 10 لعام 2008 بحق مواطنين عراقيين، جلّهم أبرياء من أعمال القتل والفساد من الذين ساقهم القدَر ليكونوا جزءًا من منظومة النظام السابق، هكذا ينبغي أن يطال ذاتُ القانون كلّ مَن خرقَ وبخسَ وقتلَ وخطفَ وهدّد واعتدى ونالَ من حقوق أهل البلاد منذ السقوط ولغاية الساعة. فما حصل منذ 2003 من نهب ثروات البلاد وسرقة قوت الشعب البائس بغطاء الدين والمذهب وبالنفاق والكذب وخيانة الأمانة وغياب الصدق في صون البلاد وحكم العباد لا يقلّ جريمة عمّا يُدّعى على النظام السابق باقترافه. فما جرى من إفراغ خزينة العراق في كلّ موازنة سنوية وما عاناه الشعب الحائر في أمره من سوء حكم ساسة الصدفة وما يلاقيه الثوار في ساحات الشرف والاعتصام في بغداد ومحافظات الجنوب المظلومة، يستحقّ تطبيق ذات القانون ضدّ أركان السلطة الحاكمة وأتباعها وذيولها من دون تمييز ولا استثناء ولا مواربة. فالجميع مثل الجميع مشاركٌ ومؤازر ومساندٌ لحالات الفساد والقتل والخطف والانفلات الأمني الجارية هذه الأيام منذ انفجار "الانتفاضة التشرينية الوطنية" التي ثارت ضدّ فساد السلطة وساسة الصدفة والانفلات الأمني من جانب عصابات مرتبطة بالسلطة وأحزابها ونقص بل انعدام الخدمات في مناطق كثيرة من البلاد وزيادة البطالة التي عالجتها الدولة بطريقة عشوائية تفتقر إلى أبسط أدوات ومبادئ الشفافية وفي غياب استراتيجية واضحة لمعالجة مواقع الخلل. فالسارق والقاتلُ والخاطفُ والمنافق والكاذب والخائن الأمانة والفاسدُ من أركان السلطة وأتباعها يستحقون قصاص الشعب، ومثلهُم الساكتُ عن أفعالهم وسلوكياتهم السالبة، مشارك في ذات الجريمة بطريقة أو بأخرى. و"قلْ كلمة الحق ولا تخف لومة لائمٍ". فجزءٌ من هذا الكلام منقول عن ساسة عراقيين مازالوا في السلطة وقد حذروا مرارًا وتكرارًا في السرّ والعلن من مغبة حصول أعمال سحلٍ في الشارع بحق أركان السلطة ما لم يتم تحقيق مطالب الثوّار حقنًا للدماء.

 

الصدق والأمانة في سلّة العدل والمساواة

إنّ فكرة هيئة "المساءلة والعدالة" كانت تعني في حينها بعدًا ثقافيًا أملته المسؤولية الوطنية حين التغيير الحاصل أكثر ممّا عنته لاحقًا من تدابير انتقامية من كلّ مَن ثبت انتماؤُه للحزب المحظور. وفي البعد الثقافي الأول وليس الانتقاميّ شيءٌ مقبول من المعقولية والحكمة من دون أن يفقد قانون الهيئة المفروض اتزانه لتتحول هذه المؤسسة إلى بؤرة للمساومات والصفقات بعد أن اتخذت لنفسها دور القاضي والجلاّد معًا. ومثل هذا التداخل مع صلاحيات القضاء في شؤون المشمولين بهذا القانون الجدليّ كان في الأساس شأنًا غير مقبول، بسبب استخفافه بقدرة القضاء العراقي وتهميشه بأخذ دوره الطبيعي واتخاذ الإجراءات المكفولة بسلطته وليس بغيره بحقّ المستبيحين للدم والشخص العراقي. لذا لا غرابة أن يخضع هذا القانون لنوايا عبثية واجتهادات صاخبة وتدخلات غير مدروسة سواء من جانب الهيئة أو المتنفذين من أحزاب السلطة وأعوانهم بالتأثير على أعضائها والتدخل في قراراتها إرضاءً لمصالح وإرادات سياسية وسيادية مختلفة النوايا.

وبعد مرور ما يناهز 17 عامًا على صدور قانون اجتثاث البعث وأكثر من 11 عامًا على استبداله بقانون هيئة المساءلة والعدالة، كان ينبغي إعادة النظر في هذا القانون بعد أن استوفى الكثير من أساليب الاقتصاص والانتقام بحق شرائح في المجتمع، كان العديد من ضحاياه من الأبرياء ما عدا مَن ثبتت بحقه جرائم القتل والتنكيل والعنصرية، وذلك نظرًا للمستجدّات على الساحة السياسية والحاجة الملحّة لتفاعل مجتمعيّ أكثر تقرّبًا من بنود يكفلها الدستور أصلاً مثل الحق في حرية الاعتقاد والرأي والضمير من دون تمييز ولا تفرقة بين المواطنين جميعًا. لكن القانون ما يزال خاضعًا لمزاجيات شخوص السلطة الحاكمة والأدوات التنفيذية ومنها ما يتعلّق بالاستحقاقات الوظيفية والتقاعدية لشرائح كثيرة نالها الظلم والإجحاف من دون أسباب وجيهة. وهذا بطبيعة الحال خاضعٌ في بعض جزئياته إلى فشل النظام السياسيّ القائم والتخبّط في اتخاذ القرارات وغياب البعد الاستراتيجي للحكومات الطائفية والمذهبية المتعاقبة ومعالجة الثغرات، ومنها الثغرات المجتمعية.

في اعتقادي أنّ ما صدر من تصريح صحفيّ للممثلة الأممية بشأن تطبيق المساءلة والعدالة في ضوء المستجدّات على المشهد السياسيّ الساخن مع دخول الانتفاضة التشرينية شهرها الثالث إنْ هو إلاّ تذكيرٌ بقانون هيئة المساءلة والعدالة النافذ لغاية الساعة. ومن شأن هذا التلميح أن ينال قسطًا من المراجعة الذاتية والسياسية كي يكون جزءًا من فورة الإصلاح المطلوبة التي تسبب بها النظام السياسيّ بديمقراطية مستوردة لم ترقى للنضوج بسبب طبيعة المجتمعات العراقية متعددة المطامع والتوجهات والغايات وبسبب اختلاف الثقافة والعرف الاجتماعي بين مجتمع وآخر. ولم يعد هذا خافيًا للجميع.

لذا، عجبي من ساسة الصدفة الذين اعترفوا صراحة في مناسبات عديدة بفشل النظام السياسي الذي تمسكوا به منذ أكثر من 16 عامًا، وبه حكموا البلاد بنظام المحاصصة والإقطاعية وسرقوا ثرواته وأوصلوه إلى شفير الهاوية بتسليم ثلث أراضيه لأعتى تنظيم إرهابيّ فتك بالأرض والعرض سحابة ثلاثة أعوام من القهر والذلّ والقتل والبطش. كما هم أدرى بما اقترفوه من ظلم وإجحافٍ بحق الشعب الذي انتخبهم وائتمنهم على حقوقه. فما كان منهم إلاّ أن قابلوه بخيانة الأمانة والكذب والنفاق وتدمير البنى التحتية للمدن والقصبات والتواطؤ مع المغرضين وتجار الحروب والمخدرات وتسهيل دخولها وترويجها وبيعها ونقلها. كما ليس خافيًا على المتابع الحثيث لما يجري في الكواليس والدهاليز المظلمة من فساد وإفسادٍ في الأخلاق واسترقاق المحارم بغطاء الدين والمذهب والطائفة والعرق. والقائمة طويلة ساقها قبلي العديدُ من أصحاب الفكر والقلم والرأي.

بحق ربّ السماء، أسألكم، جميعًا: متى كانت "الصلاة ومتى كان الصوم مفتاحًا أو معيارًا لصدق الحديث وأداء الأمانة؟ حسناً فعل ممثل المرجعية حين إشارته مؤخرًا في خطبته الأخيرة إلى حديث الإمام الصادق بالتذكير بحسن الكلام ورفعة الأخلاق وأداء الأمانة وصدق الإيمان: "لا تَغْتَرُّوا بِصَلاتِهِمْ وَلا بِصِيَامِهِمْ فَإِنَّ الرَّجُلَ رُبَّمَا لَهِجَ بِالصَّلاةِ وَالصَّوْمِ حَتَّى لَوْ تَرَكَهُ اسْتَوْحَشَ وَلَكِنِ اخْتَبِرُوهُمْ عِنْدَ صِدْقِ الْحَدِيثِ وَأَدَاءِ الأمَانَةِ". لقد نطق بهذا الحديث الرائع الصادق تمامًا، السيدُ المسيح قبل أكثر من ألفي عام حينما وجّه ذات الكلام إلى الكتبة والفرّيسيين المرائين من اليهود الذين كانوا يكثرون من الصوم والصلاة في المجامع والساحات، فيما داخلُهم مترعٌ بالكذب والنفاق وسرقة أموال الشعب بحجة أداء أحكام العشور والزكاة حماية للدين أيضًا. فقال فيهم:" كُلُّ شَجَرَةٍ لاَ تَصْنَعُ ثَمَرًا جَيِّدًا تُقْطَعُ وَتُلْقَى فِي النَّارِ. فمِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ. لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَا رَبُّ، يَا رَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ" (متى 7: 19 -21). إنه حقًا، ذات النهج في التعامل مع الرعية من جانب السلطة الحاكمة ومن يتشدّق منها بتلابيب الدين والطائفة حفاظًا على مغانمه ومصالحه وتغطية لأعماله غير المشروعة وغير المقبولة في المجتمع.

ولنا أن نسأل، متى سيتم تطبيق ذات القانون في "المساءلة والعدالة" الذي نادت به الممثلة الأممية بحق مَن استأثر بالسلطة خارجًا عن المألوف ومَن سرق ونهبَ وقتلَ وخطفَ واستغلّ الموقع الحزبي والوظيفي لأغراض فئوية وطائفية ومذهبية وشخصية؟ فمهمّة تنظيف البلاد من ثقافة الطائفية والفساد المستشرية التي أضحت مفخرة وقاعدة للبعض وما غيرها شذوذًا، لن تكون سهلة بالتأكيد.










أربيل - عنكاوا

  • موقع القناة:
    www.ishtartv.com
  • البريد الألكتروني: web@ishtartv.com
  • لارسال مقالاتكم و ارائكم: article@ishtartv.com
  • لعرض صوركم: photo@ishtartv.com
  • هاتف الموقع: 009647516234401
  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    info@ishtartv.com
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    article@ishtartv.com
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2024
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.6973 ثانية