الرسالة البطريركيّة لقداسة البطريرك مار آوا الثالث، لمناسبة رأس السنة الآشوريّة الجديدة 6774      سوق خيري‏ بمناسبة عيد القيامة المجيد - عنكاوا      تخرج دفعة جديدة من طلبة كلية نصيبين اللاهوتية المسيحية الاشورية في سيدني      القداس الالهي بعيد بشارة العذراء مريم بالحبل الالهي‏ - كنيسة ام النور في عنكاوا      البطريركية الكلدانية تلغي المظاهر الخارجية للاحتفال بعيد القيامة      بمشاركة مدير قسم الدراسة السريانية في تربية البصرة .. وفد مشترك يقدم محاضرات توعوية وهدايا لطلبة المدارس      العيادة المتنقلة التابعة للمجلس الشعبي تزور قرية افزروك شنو      الرسالة البطريركيّة لقداسة البطريرك مار آوا الثالث لمناسبة العيد العظيم لقيامة ربّنا للعام 2024      احتفالات عيد مار أفرام السرياني في زحلة - لبنان      غبطة أبينا البطريرك يحتفل برتبة النهيرة (الوصول إلى الميناء) في كاتدرائية سيّدة البشارة، المتحف – بيروت      خبيرة ألمانية تدعو إلى الصيام عن البلاستيك      كلمة رئيس الوزراء مسرور بارزاني بشأن القرارات المُتخذة في اجتماع مجلس الوزراء      الكهرباء العراقية تعتزم شراء غاز حقل كورمور بإقليم كوردستان      الخارجية الروسية: أنشطة "الناتو" في شرق أوروبا والبحر الأسود تهدف للاستعداد لمواجهة محتملة مع روسيا      الولايات المتحدة تعرض 10 ملايين دولار مكافأة مقابل معلومات عن "القطة السوداء"      العراق يتجه لحجب "تيك توك"      الاتحاد الاسباني يرفض تخفيف عقوبة تشافي      انفوجرافيك.. عيد القيامة والبيض الملون      توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي)      جمال كوجر: يفترض أن تطلق بغداد الأسبوع المقبل رواتب شهر آذار لموظفي اقليم كوردستان
| مشاهدات : 832 | مشاركات: 0 | 2020-04-01 10:07:38 |

اليوم ... إلامَ يدعونا الله

المونسنيور د. بيوس قاشا

 

(الحلقة الخامسة والأخيرة(

الله، في المسيح يسوع، يدعونا نحن الكهنة، إلى أن نكون بجانب شعوبنا وغنمنا

وحملاننا وكباشنا وتيوسنا، أصحاء ومرضى، كي نعطيهم خبزهم في حينه (متى45:24)، نعم خبزهم، إنه خبز الحياة، وليس خبزنا، دون حملنا لفايروس الطائفية ولا نكتفي برمي البذرة من النافذة فلا شيء يملأ أفواه جياعنا. ولنعلم أن الوطن وشعوبنا ومفهومه قد ضاع وحلّت محلّه المصالح "وما بعدي الطوفان" كما يقول المَثَل الفرنسي. وما يؤلمنا أن نرى الطائفية وقد انتشرت بين جدران القصور والمساجد والمعابد والهياكل، في عقول الناس كباراً كانوا أم صغاراً، رجالاً أم نساءً، عبيداً أم أسياداً، وكلنا أصبحنا طائفيين، نسأل عن الإنسان قبل وجوده وإخوّته وإنسانيته، نسأل عن طائفته ومركزه ومعبده ولِمَن هو ولاؤه، قبل أن نسأل عن إيمانه ودعوته، وهذا ما يجعلنا أن نكون في ضياع حقيقي وإنْ كان التحدي هو البحث عن الأمن والاستقرار ومستقبل أجيالنا والحفاظ على القلّة الباقية من مؤمنينا وفي كنائسنا، والخوف كل الخوف من إفراغ وطننا من مسيحيينا بسببنا أو بسبب طائفيتنا وزماننا فنحن خميرة الحياة وبُناة الحضارة بعيشنا المشترك والحوار المتبادل، فالأخوّة الإنسانية تعلّمنا عبر القيم الأخلاقية والروحية والإنسانية، إننا دُعينا من أجل الجميع، فلا عبادة حقيقية لله بدون إحترام لحقوق كل إنسان وخاصة الضعيف والمحتاج، ونشر ثقافة التسامح والتعايش والسلام والتدخل فوراً لإيقاف سبيل الدماء البريئة ووقف ما يشهده العالم حالياً من حروب وصراعات وأوبئة وكورونا، وتراجع وانحدار ثقافي واخلاقي، وتأليه الدولار والدينار، فما أحوجنا وأحوج عالمنا المتألم إلى رجال ونساء من ذوي الإرادة الصالحة، وتلك مقولة لقداسة البابا فرنسيس (الأخوّة الإنسانية)، وأن نزيد انفتاحنا في إقامة علاقات احترام وعيش مشترك، وهذا لا يعني أبداً فقداناً لبُعد البشارة فتلك رسالتنا المقدسة، ولا يجوز أبداً أن نجعل بشارتنا للإنجيل حاجزاً فيما بيننا وبين شعوبنا فنحن لإقامة علاقات إخوّة وإنسانية والشهادة للإيمان كل في معبده لأننا مدعوون جميعاً إلى الاندماج في مجتمعنا فنحن شعوب مختارة لنحمل الرسالة لا لندفن رسالتنا لأننا مواطنون ومع الآخرين نجابه مصيرنا، فبآلامنا التي نقاسيها في أوطاننا سبيلاً لقداسة سيرتنا وأمانة لمسيرة شهادتنا، وعبرها نحمل لأوطاننا ولشعوبنا حقيقة شهاداتنا في أننا نقاسمها مرارة الحياة وصعوبة العيش، وننادي معهم من أجل بناء الوطن وحريته في حقوق المكوِّنات المتعددة في الكرامة والإنسانية، ولتكن تلك مفاهيمنا وليس بيانات يصدرها كبار زماننا ورؤساءُ ديارنا لنربح تصفيق الضعفاء وأصحاب المجاملات، ويموت صداها بانتهاء إلقائها، فلنكن شعاراً أميناً ولافتةً دائمة عبر مسيرتنا ودعوتنا... ليس إلا!.

لذا علينا أن ندرك محبة أرضنا وترابنا ووطننا، ولنشارك في حمل هموم الناس وأوجاعهم، فما علينا إلا نقاوم الظلم كما قاوم إيليا ظلم آخاب الملك وزوجته إزابيل، وقتل بثورة غضبه كهنة البعل، وحطّم أصنامهم، وعندما هرب تائهاً في الصحراء ظهرتَ له وعزّيتَه في وسط النسيم العليل لتلطّف عنفه وتدعوه للتعقّل والوداعة، فالرب نفسه علّمنا قائلاً "تعلّموا مني فإني وديع ومتواضع القلب" (متى29:11) فلنذهب إليه لنجد راحة لنفوسنا، فهوذا يرسلنا لنشفي منكسري القلوب ونُبصر العميان ونحرر المظلومين (لو18:4)، ونجاهد في سبيل الحقيقة ولا نأمر الله بأوامرنا أبداً بل لنكن مطيعين لمشيئته فهو الذي دعانا ولتكتمل مشيئته فينا وبيننا ومن أجلنا، فهو يفيض رحمته علينا، وبجرأة نُرذل الكلام الذي يقسمنا كما رذل إيليا النبي مقامَ كهنة البعل، وَلْنَقُل لسامعينا إنْ كان الرب هو إلهنا فلنتبعه (1ملوك21:18)، ولا نجعل من أنفسنا آلهةً لهذا الزمان فنترك الإله الحقيقي، ولنجعل الشعب يدرك صوت الحق بدل أن يسمع صوت المصالح الفاسدة ويعبد الأصنام البشرية الدنيوية المائتة، فنحن شهود لحقيقة الإله وحبه. ولنسأل أنفسنا دائماً: هل انتماؤنا هو للمسيح أم هل نعبر يومياً منا إليه؟، أم ماذا؟... ليس إلا!.

            الله، في المسيح يسوع، يدعونا نحن الكهنة، إلى أن نحفظ أنفسنا وأجسادنا وأفكارنا طاهرة من كل دنس وشائبة، ولننتبه من الشهوات العالمية وأنواعها، فاختيارنا عيش البتولية والأهلية حرية اختيارنا للتبتّل عبءٌ ثقيل يقول الإرشاد الرسولي "يعرّض توازننا العاطفي والاجتماعي للخطر" (ثالثاً/10 من إرشادات لاستخدام علم النفس في قبول وإعداد المرشحين للكهنوت؛ صدرت عن مجمع التنشئة الكاثوليكية؛ 19/11/2008)، فعيون البشر محدَّقة إلينا لتنال منا لأجل مصالحهم وإنْ كنا أبرياء، فوفاءنا لدعوتنا يجب أن يكون مهمازاً يقودنا في كل لحظة نحو حقيقة النفس والجسد وحفظهما طاهرين كي لا يشوِّهوا مسيرتنا ويجعلون من وجودنا عبئاً ثقيلاً لفساد القيم أو الأخلاق (لا سمح الله) والأمثلة على ذلك عديدة، فالحقد يولّد شرارة الكراهية، والكراهية تشعل نار الدمار، وإذا ما حلّ الدمار يضيع الثراء الروحي الذي بداخلنا وهم لا يهمّهم شيء في ذلك إلا مصالحهم وغاياتهم البائسة، ولكن لا نخاف فالرب معنا (متى20:28). فعفاف الكاهن رسالة سامية إن كان متبتلاً أو متزوجاً، ووجودنا في هذه الحالة من المؤكد أننا قررنا ذلك قبل سيامتنا، لنكون في حقيقة دعوتنا ورسالتنا وأوفياء للذي دعانا إليها الرب واخترناها بحقيقة حريتنا، والبابا بندكتس يقول "كل كاهن مدعو إلى السهر والحراسة أزاء قوى الشر المتلبّسة، وعليه أن يظلّ متيقظاً ويقف مستعداً وجبينه عالٍ في مواجهة تيارات الزمن والعصر ليقول الحقيقة، لأن الوقوف أمام الله يعني حمل أثقال البشر على كتفه" (بندكتس؛ قداس تبريك الميرون والزيوت المقدسة؛20/3/2010)، وهذا ما يدعونا أن نشعر أننا بحاجة وعوز للامتلاء من الله في حب الإنسان، فحياتنا ليست مُلْكنا بل هي مُلْك المحتاجين وهذا ما يدعونا أن نقسم خبزتنا ونوزعها على جياعنا قبل أن تكون مأكلاً لنا فقط، وهكذا كل ما وُهب لنا هو نعمة من رب العلياء فلا يجوز أن ننام وجيراننا جياع وإن لم يكونوا من "ربعنا" فربنا يقول "كنت جائعاً فاطعمتموني" (متى35:25)، وما ذلك إلا دعوة من الرب فهو عالم ببؤسنا فلنذهب إليه، فالله يرذل شديد الرذل كبرياء ضمير مَن يتنكر لحقيقة وجوده وتشويه إيمانه، فالخطر القاتل يحضر أمامنا عندما يشعر الإنسان المدعو أنه ممتلئ من كل شيء ولا يحتاج إلى الذي ملأه. وعلينا أن نعرف أنّ البشر لا يرون سوى الظاهر ولا يستطيع بصرهم الولوج إلى أعماق النفس حيث مكمن الخير والشر فلا تغتم إذن إن شجبوك ولا تتباهى إذا مدحوك بل أُجثُ لله وقل "إن كنت يا رب للآثام مراقباً فمن يبقى قائماً" (مزمور1303/3)، فكثيرون يغالون في تقديرهم أهمية ما يسمونه الصيت وغالباً ما يحركهم على صيانته وبحمية مفرطة، فالمحبة الأنانية لا الغيرة الحقيقة أما يسوع المسيح ترك لنا قدوة مغايرة "كان صامتاً ولم يفتح فاه" (مرقس61:14). ولنعلم أن جميع القديسين نظيره إضطُهدوا واتُّهموا فبعد أن يصنع الانسان ما بوسعه في أن لا يشكك اخوته يلزمه أن يكون مرتاح الضمير وإنْ حلّت به المذلّة فليستمر في طمأنينته فالله بكل شي عليم وهذا يكفيه. فالإنسان المتروك لذاته، المتخلي عن كل قاعدة مسلك، المنقاد لأهوائه وأمياله، إنه مستعبد للأضاليل المتنوعة وعبوديته للمال والجاه ومستعبد لشهواته ولرغائب شهواته وهل من عبودية أشر من هذه العبودية؟.

لذا فالخاتمة تقول لنا: نعم لنكن أحراراً، فالحرية الكاملة ليست سوى التتميم الكامل للمبادئ والمشورات الإنجيلية وجميعها تعود إلى أمر واحد وهو نكران الذات، بنكران الإنسان للحق الإلهي في دعوته. إخوتي، كفانا الإحاطة بأحبائنا والانعزال عن جماعة المؤمنين فنحن لسنا لأحبائنا بل لغيرنا أيضاً سوية فلنجعل الرب يمر في حياتنا يقول البابا فرنسيس (آب 2019) ولا يجوز في هذا الزمن المتاجرة وكفانا تسلطاً ودخول بيوت الأغنياء في مناسبات وغير مناسبات وننسى أن الفقراء واجب فالرياء حرب إيمانية إنسانية ضد الفقير الذي لا نطرق بابه فذلك حماقة إذ يضع الإنسان المرء أمله في الناس أو في المخلوقات، لا نخجل من أن نخدم الآخرين حباً ليسوع المسيح فما نحن إلا ضحايا لذا علينا أن نكون أطهار القلوب والعقول وعفيفي السيرة والمسيرة وعيشها وما هذا إلا حقيقة دعوتنا.

ختاماً، من المؤكد أننا قد أدركنا دعوتنا في المسيح يسوع وهي هبة سماوية وعبرنا يواصل الله حضوره ومشروعه الخلاصي فكلنا موضوع الله لأن الله يرى في وجهنا إبنه الذي أحبنا إنما ذلك سر عظيم فالكاهن الصالح عظيم بسيامته ومحبوب في رسالته فهو يسوع المسيح يعكس حقيقة الإله الذي أحبه فهو الطريق التي توصل الله بالبشر والبشر بالله، والكنيسة أمنا طوال تاريخها وتقليدها أعطت لنا مكانة عالية ولسيامتنا حقيقة سامية واعتبرت كهنوتنا مسيحاً آخر. ولنعلم أن الله دعانا لنقوم بعجائب واختارنا كي نكون حقيقة لمن لا فم له وصوتاً لمن لا صوت له لنوصل نعمة السماء إلى أبناء البسيطة فاختيارنا هذا دليل على الحب الذي وسمنا به فمَن لا يحب لا يختار وحبنا هو حقيقة صليبنا فلا يجوز أن نهرب من هذه الحقيقة لأن رسالة الكاهن بلا صليب يعني صليب بلا قيامة وإذا غابت القيامة غابت حقيقة الحياة وانتصارها فإما أن نكون للمسيح أو نكون ضده وهذا يقودنا إلى أن نكون أمناء لدعوتنا ففي القيامة تجلت في المسيح ربنا حيثما إنحنى وغسل أرجل تلاميذه وليس مَن يجلس على المائدة "أنا بينكم مثل الذي يخدم" (لوقا27:22) هذا هو الصليب الذي سلّمه الرب بسيامتنا إلينا عبر هذا نخاطب القلوب من أجل الغذاء الحقيقي. إنه طريق الصلاة الذي يقودنا إلى الرب، فنحن مؤتمنون على شعبنا وليس رؤوساء وأمراء دنيانا نسيّر شعوبنا كما نشاء وأن نعيش مسحة دعوتنا وكما يقول بولس الرسول إلى تلميذه طيمثاوس في رسالته الثانية (10:4) "أما أنت يا رجل الله كن قدوة في الكلام وفي التصرف، في المحبة، في الروح، في الإيمان، في الطهارة. واعكف على القراءة والوعظ والتعليم ولا تهمل الموهبة التي فيك المعطاة بالنبوة وأهتم بهذا وليكن تقدمك ظاهراً ولاحظ نفسك والتعليم وداوم على ذلك لأنك إذا فعلت هذا تخلص نفسك والذين يسمعونك واعلم أن محبة المال أصل كل الشرور لأنك إذا ابتغيته تضل عن الايمان" وبما أنك رجل الله فاهرب من كل شر واتبع البر والتقوى والإيمان والمحبة والصبر والوداعة وجاهد الجهاد الحسن وامسك بالحياة الأبدية واحفظ الدعوة بلا دنس ولا لوم واثبت على ما تعلمت وايقنت وأخترتَ" (11:6-15). إننا نسير في رحلتنا في الحياة، نسير في دروب لا نعرف نهايتها وأين وكيف ستكون، ولكن عندما نؤمن بمشروع الله الخاص لكل واحد منّا نسير بخطى ثابتة حتى لو كانت نهاية دروبنا الاستشهاد. فنحن نولد يومياً ونُصلب يومياً فإن خدمتنا في الكنيسة ولادة ورجاء ولا سلام لنا سوى السماء وحضورنا يظهر في أمانة حمل رسالتنا التي تعمدّت بالدماء الطاهرة وعرق المسيرة. فرسالتنا شهادة دائمة، فلا نخاف لأن الربّ معنا، دعائي إلى رب السماء أن يرافقنا في مسيرتنا الكهنوتية فنكون نوراً وعلماً ومحبةً وعلامة للخلاص حسب وصية ربنا يسوع المسيح... نعم ونعم وآمين.

 

 










أربيل - عنكاوا

  • موقع القناة:
    www.ishtartv.com
  • البريد الألكتروني: web@ishtartv.com
  • لارسال مقالاتكم و ارائكم: article@ishtartv.com
  • لعرض صوركم: photo@ishtartv.com
  • هاتف الموقع: 009647516234401
  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    info@ishtartv.com
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    article@ishtartv.com
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2024
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.5829 ثانية