أول تعليق من كاهن كنيسة سيدني عقب "الهجوم الإرهابي"      مصدر: والد المشتبه به في هجوم كنيسة سيدني لم يشهد أي علامات تطرف على ابنه      أستراليا.. الشرطة تؤكد الطابع "الإرهابي" لهجوم في كنيسة      السوداني يسعى إلى حل التداعيات الناجمة عن سحب المرسوم الجمهوري الخاص بتعيين غبطة الكاردينال ساكو      العيادة الطبية المتنقلة التابعة للمجلس الشعبي تزور قرية بيرسفي      مارتن منّا: هناك محاولات لإعلان التوأمة بين عنكاوا و وستيرلينغ هايتس الأميركية      اللقاء العام لمجلس الرهبنات الكاثوليكيّة في العراق/ أربيل      غبطة البطريرك ساكو يستقبل السفير الفرنسي لدى جمهورية العراق      قناة عشتار الفضائية تتمنى الشفاءالعاجل للمطران مار ماري عمانوئيل      محافظ نينوى يزور مطرانية القوش      السبب الحقيقي وراء انقطاع خدمات Meta المستمر      جدل حول آثار جانبية حادة لاستخدام الأدوية المضادة للذهان لتخفيف الزهايمر      مايلز كاغينز‏: الحوار حول استئناف تصدير نفط إقليم كوردستان سيبدأ قريباً      إلزام يوفنتوس بدفع 9.7 مليون يورو كرواتب متأخرة لرونالدو      العراق يسعى لتوقيع بروتوكول المياه خلال زيارة أردوغان      وزير الخارجية التركي: حماس مستعدة لإغلاق جناحها العسكري إذا أقيمت الدولة الفلسطينية      مفاجأة ... 5 أنواع من الفواكه تحتوي على نسبة عالية من البروتين      نتائج بطولة (رواد برطلي الثانية) بكرة القدم الخماسية – يوم الثلاثاء      نيجيرفان بارزاني: الوضع في الشرق الأوسط مرشّح للأسوأ إن لم يبدأ حوار بين جميع الأطراف      10 الاف عن كل يوم.. البرلمان ينظر بمقترح "بيع الحريّة" للمحكومين
| مشاهدات : 1080 | مشاركات: 0 | 2020-06-06 09:36:33 |

عندما "يتكلّم النساء"، "تنصتُ الرجال"

لويس اقليمس

 

 

على سفوح جبال الهملايا في منطقة التبت، تركن قبيلة "الموسو" ذات النظام المجتمعي الأمومي الذي تديره النساء وتهيمن فيه على مقاليد السلطة بما في ذلك حرصها على ضمان استمرار النسب للنساء دون الرجال الذين لهم دور هامشيّ في إدارة الأسرة والمجتمع. وذات الواقع ينطبق على قبائل أفريقية أخرى حيث صوت النساء لا يعلو عليه صوت وبيدهنّ مقاليد إدارة البيت والمجتمع. بل إن "النساءَ سوافرُ والرجالَ محجبات" في قبائل الطوارق! وفي هذه وتلك، نظرة تستحق النظر بحقيقة تحرر المرأة وشقها حياتها بالطريقة التي ترتأيها هي وليس ما يُفرضُ عليها. ومهما كان رأي بعض المجتمعات الشرقية المتخلفة بسبب العرف والتقاليد قاصرًا ودون المستوى العالمي المطلوب إزاء الدور الذي تضطلع به المرأة في البيت والمجتمع والسياسة والتربية والاقتصاد، إلاّ أن ذلك لن يغيّر من حقيقة طموحها ومن الاعتراف بواقع جريء تسعى إليه بالرغم من حصرها وحصارها بوسائل لا تناصرها وتنتقص من شخصها وكرامتها وجدارتها وحقها في التعبير عن رأيها وعيش حياتها كما أراد لها الخالق من دون المبالغة والزوغان والخروج عن الطريق القويم وبما يضمن حقها بالمساواة مع نصفها الآخر، الرجل.   

على أية حال، جاء سياق هذه المعلومة الصادمة بعض الشيء للبعض الذي مازال متخلفًا في عقليته ورؤيته القاصرة لدور النساء في المجتمع وحقّهنّ في التعبير عن الذات والطموح وتحديد المصير ورسم المستقبل، لمناسبة مشاركة المرأة إلى جانب نصفها في المجتمع من الرجال شيبًا وشبابًا وقاصرين في التظاهرات الوطنية الجريئة منذ انطلاقتها في تشرين أول من العام المنصرم. فقد شهدت محافظات عراقية عُدتّ محافِظة تقليديًا وعرفًا كالنجف الأبية وكربلاء الشجاعة مؤخرًا، متحدية كلّ دعوات الاستهانة بالمرأة وبقدراتها وحقوقها الكاملة في المجتمع التي تريد جهات متخلّفة ديمومة حصرها في شؤون المنزل وانغلاقها عليه ما شاء المجتمع الذكوري الشرقي. لم تعد المرأة بعدُ وفق النظام الدولي المتطور بحاجة لنيل الاستئذان من الرجل، مهما كانت صفتُه، لعيش حياتها بحريتها التي كفلها لها الخالق الذي خلق السماء والأرض تمامًا كما خلق الرجل والمرأة بمساواة وشراكة تكافلية تكاملية من أجل المساهمة في بناء مجتمعات مفيدة نافعة حصينة ترقى لمستوى الأداء والعيش الكريم وبناء السلام بين الشعوب والأمم والدول. ومن غير الممكن أن تبقى النساء لعبة أو مجرّد زينة أو ايقونة جامدة يتفاخر بها الرجال ومرضى الهوس الجنسي وحب الجمال لاسيّما في المجتمعات الشرقية المتخلفة عن الركب العالمي الذي يؤمن ويصرّ بالقبول بتساوي الإنسان، ذكرًا وأنثى، في الخلق والقدرات البشرية وفي العمل وحرية التعبير والاختيار والجدارة وتولّي المناصب والحقّ بالثورة على الموروث البالي وأشكال الفساد والخداع والدجل والاستغلال في المجتمعات.

عندما خرجت نساءُ النجف وكربلاء دعمًا وتواصلاً مع نساء بغداد ومحافظات جنوبية "شيعية" ثائرات يبحثن عن دورٍ سياسيّ لهنّ وعن حقوق مسلوبة في مجتمعهنّ المنغلق بسبب أعرافٍ وتقاليد حطّت من قيمتهنّ الإنسانية والبشرية لعقود من الزمن بأعذارٍ دينية وحجج شرعية، فذلك لشعورهنّ بأنهنّ "ولدنَ عراقيات ليصبحن ثائرات"، كما أشارت إحدى المشاركات بكلّ شجاعة. فقد اقتنعت هذه الشابة أنّ الأعراف الموروثة البالية لم تعد صالحة في عالم اليوم المتطوّر والمختلف عمّا كان عليه قبل أكثر من 1400 عامٍ خلت. فالعراقية المتحرّرة بعقل وحكمة ورؤية موضوعية وشخصية بعد الثورة التشرينية الوطنية تسعى مع شريكها الرجل بكلّ جدارتها وقدراتها لاستعادة دورها الطبيعي الذي اغتاله مّن راهنَ على ديمومة انغلاقها وجعلها أسيرة المنزل ومتعة ومتاعًا بين أحضان الرجل المستبدّ ونزواته وسطوته الذكورية التي انتهت ولم يعد لها من وجود إلاّ في خيالات مرضى النفوس في المجتمعات الشرقية التي تحتاج إلى عقود بل قرونٍ لردم الفجوة القائمة في العلاقة بين الرجل والمرأة بين الشرق والغرب.

 

البحث عن وطن مفقود وحق مسلوب

لقد أثبتت الانتفاضة التشرينية الثورية طابعها الوطني من حيث الشعور وإعمال الضمير والبحث عن مخارج لأبواب الفساد الإداري والسياسي والمالي والقصور المجتمعي بحق المرأة التي هبّت لمشاركة الرجل ودعمه وربط مصيرها بمصيره ومطالبه المشروعة باعتباره شريكًا مساويًا لها ومتساويًا معها في الحقوق والواجبات وفي الثورة ضدّ أشكال القهر والظلم والفساد ونهب ثروات البلاد على أيدي طبقة سياسية استهانت بقدرة الشعب واستخفّت بحقوقه وضحكت على عقول البسطاء منه باسم الدين والمذهب والشرع والولاية الظالمة على مقدّراته. فجاء صوت المرأة "النجفية" و"الكربلائية"، الباحث مع أخيها الرجل ومَن انتفض معه في محافظات جنوبية مسحوقة مظلومة، ومن عمق أعماق مدينة مقدسة لها أعرافُها وتقاليدُها وحدودُها، بمثابة الزئير الصارخ الباحث عن وطن مفقود وحق مسلوب ومطالب مشروعة مازال ساسة البلاد يرفضون التعامل بها مع الواقع الجديد للشارع المنتفض بقوّة ضدّ العملية السياسية الفاشلة برمّتها.  

مهما كانت وجهة نظر الجهة المقابلة المتهمة بصدّ المطالب المشروعة الصارخة في ساحات التظاهر والكرامة حيال هذه الخطوة التصعيدية من جانب العنصر النسائي ودلالاته المتقدمة في تطوّر الواقع السياسي والاجتماعي في المجتمع العراقي الناهض الرافض لكلّ اشكال الاستغلال غير المقبول وغير المشروع لحقوق الشعب وكرامة الوطن وسيادته، فمن المؤكد أنّ هذه الخطوة المباركة سيكون لها صدى في الداخل والخارج مع تزايد الرصيد الشعبي للشارع الثائر وما يتعاظم فيه من روح وثابة في الوطنية والانتماء. وهذه من الأمور التي يخشى منها الساسة والذيول من تابعي الدول الإقليمية الذين يتحكمون بمقدّرات الشعب العراقي ويسرقون ميزانية الدولة وينهبون الثروات الريعية المختلفة بالشراكة والمحاصصة فيما بينهم. فالدولة بمجملها أثبتت أنّها حاميها وحراميها في ذات الوقت.  

لقد ولدت المرأة العراقية لتكون حرة كريمة أبيّة عاقلة شجاعة صبورة، بل إنسانة تعرف واجبها في المنزل كما تعشق العمل خارجه تأكيدًا على جدارتها وقدراتها الجبارة التي وهبها إياها الخالق الجبار. من هنا، كان وقوفها ضدّ كلّ "تابوهات المقدّس" التي حاول البعض أسرها في قفصها وتكبيلها بما فرضه بعض هؤلاء من ممنوعات ومحظورات باسم الدّين الذي تم ويتمّ توظيفُه حين الضرورة للانتقاص من دورها وكرامتها وحريتها الطبيعية من أجل تحقيق غايات فئوية ومذهبية وشخصية ضيقة. فالمقدّس الوحيد بين أيديها وفي ضميرها وبتوافق واحد مع المنتفضين في ساحات الكرامة هو الوطن، وما زاد عنه فهو من صنع الدجالين والمنافقين والمراهنين على حقوق البسطاء وإرادات هؤلاء المكبّلة بأوامر الدين والعرف والشرع خارجًا عن المألوف والمقبول. ولعلَّ آخر الصيحات بعد الاحتلال في 2003 وصعود الأحزاب الدينية والإسلامية إلى السلطة، حصر المرأة العراقية فيما سُمّي بالغطاء الشرعيّ والملابس الشرعية التي كادت أن تطبع المجتمع بصورة سوداء قاتمة وأشكال من خيمٍ متنقلة تغطّي غطاء الرأس والجسد الجميل الذي خلقه الله حسنًا مثل صورته ومثاله. فما تفعله المرأة العراقية الثائرة بشأن ما يُفرض عليها منذ عام 2003، ليس قناعة من جانبها بل مجاراة للعرف وخوفًا من العائلة وخشية من المتربصين المنافقين ومن سوء تقدير هؤلاء وغيرهم في اتهامها بالتمرّد على هذه الفروض التي ليس لها أصلٌ ولم تعد مقبولة في مجتمعات تبحث عن التحرّر من مثل هذه القيود الظالمة بحجة الدين والشرف والعرف السلبي. من هنا صدحت أصواتٌ نسائية بشعارات وطنية قوية تستحق الثناء والدعم والتقدير. لذلك لم يعد غريبًا أنْ تُسمِعَ امرأةٌ أكاديميةٌ معروفة صوتها رافضة أية سطوة للتأثير على خياراتها، وهو أمرٌ يستحق التقدير بقولها: "نحن أحرار لم نخرج بفتوى ولن نتراجع بقرار، إنما جئتُ لأسترد الوطن الضائع الذي خربته الأحزاب والمحاصصة المقيتة ولأسترد الحقوق المسروقة وأطالب بدولة مدنية تحترم الإنسان." فقد خرجن حقًا من أجل الوطن ومن أجل استرداده من أيدي مختطفيه وناهبيه، وفي هذا كلّ الوطنية والجهادية ولا شيء غيره جهادٌا ونضالاً!

دورٌ في المجتمع لا مناص منه

الدول المتحضرة استفاقت منذ سنوات للدور المهمّ والمركزي الذي يمكن أن تلعبه المرأة في المجتمعات على شتى الأصعدة الحياتية. فمن الدراسات البحثية مَن تقدّر نسبة مشاركة المرأة مثلاً في سوق العمالة في منطقتنا الشرق أوسطية مقارنة مع شريكها الرجل بما لا يتجاوز 20%. وهذه النسبة المتدنية للمرأة الشرقية في هذا الخصوص دليلٌ على تراجع حقوق المرأة ونسف طموحاتها في المساواة مع الرجل كإنسانة لها ما للرجل من حقوق وواجبات وطموح ومبادرات لتحقيق الهوية الشخصية وإثبات القدرات الكامنة. ومع كلّ ما نراه من تحرّر وتقدّم في صفوف المرأة وحقوقها، فما تزال المرأة العراقية وضيعة في تمرّدها مقارنة مع غيرها من نساء العالم المتطور. لكنّها في خطواتها ومبادراتها واقتحامها الأخير لساحات التظاهر على الظلم والتعسّف والبحث عن الوطن المفقود، قد أثبتت بحقّ تمرّدها على الواقع المزري الظالم ورفضت اشكال التسلّط الذكوري في السلطة المستبدّة التي سعت لتقييدها بأغلال الشرع والدين والمذهب والعرف الاجتماعي حصرًا لحريتها المكفولة في الخلق والدستور والقانون وحقها في إسماع صوتها ضدّ الظلم وأشكال الاستغلال ومنها تعرّضُها للتحرّش وأشكال العنف الأسري والاغتصاب وهي ساكتة.

اليوم، قالت المرأة العراقية بصوت واحد: لا للظلم ولا للتعسّف! نعم لحرية المرأة وخوضها غمار الحياة أسوة بالرجل، شريكة كاملة في الحقوق والواجبات من دون تمييز كي ينتهي عصر العبودية والاستغلال والتوظيف باسم الدين وشخوصه محاصِرَةً إياها ولدورها الطبيعي، إلاّ فيما حرّمه ربُّ السماء والعزّ. كما أن تجارب الدول والشعوب أثبتت أنّ مشاركة المرأة في القرار السياسي وصيانة النظام المجتمعي وسوق العمالة قد أسهم في تحقيق أهداف سامية في التنمية البشرية المستدامة وفي رفد الاقتصاد الوطني بطاقات متعاظمة وإضافات في الجدوى وزيادة في الموارد والناتج المحلّي بدل عزلها وركنها وحصرها في مهمّة زيادة الإنجاب كالأرانب وترك الأطفال فريسة في الشوارع من دون رعاية صالحة ولا توجيه منزلي متقدم ومتحضّر.  

في خطوة جريئة كهذه الأخيرة، تستلهم نساء العراق القوة والعزم لتحقيق الذات واختصار الوقت الضائع المفقود بسبب ظلم الزمن وقهر الساسة والحكومات المتعاقبة الفاشلة وما قبلها من حكومات لم تُصلح حالَ النساء. وهذا من شأنه أن يختصر طريق الألف ميل ويقلل من الفجوة المفروضة بين الرجل والمرأة ضمن الشراكة الإنسانية المطلوبة عالميًا واجتماعيًا ووطنيًا. فلم يعد زمن انتظار المعجزات ينفع ولا نيلُ المطالب بالتمنّي. إنّما اليوم زمنُ ردم الفجوات بالإرادة الصلبة وفرض المطالب المشروعة بالصوت الصارخ والصورة الواضحة غير المتكلّفة ولا المواربة. وهذه فقط ستقلّل المسافات في تحقيق المعجزات وإزالة الفوارق وتنفيذ المطالب مهما كانت عصية وغير قابلة التنفيذ من أيدي طغمات السياسة والأحزاب المتسلطة بقوة المال والسلاح والنفوذ والاستغلال العرفي.

 










أربيل - عنكاوا

  • موقع القناة:
    www.ishtartv.com
  • البريد الألكتروني: web@ishtartv.com
  • لارسال مقالاتكم و ارائكم: article@ishtartv.com
  • لعرض صوركم: photo@ishtartv.com
  • هاتف الموقع: 009647516234401
  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    info@ishtartv.com
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    article@ishtartv.com
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2024
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.7043 ثانية