الرسالة البطريركيّة لقداسة البطريرك مار آوا الثالث، لمناسبة رأس السنة الآشوريّة الجديدة 6774      الثقافة السريانية وفرقة شمشا للتمثيل يحتفيان بيوم المسرح العالمي- عنكاوا      سوق خيري‏ بمناسبة عيد القيامة المجيد - عنكاوا      تخرج دفعة جديدة من طلبة كلية نصيبين اللاهوتية المسيحية الاشورية في سيدني      الثقافة السريانية تهنئ المسرحيين السريان بيومهم العالمي      القداس الالهي بعيد بشارة العذراء مريم بالحبل الالهي‏ - كنيسة ام النور في عنكاوا      البطريركية الكلدانية تلغي المظاهر الخارجية للاحتفال بعيد القيامة      بمشاركة مدير قسم الدراسة السريانية في تربية البصرة .. وفد مشترك يقدم محاضرات توعوية وهدايا لطلبة المدارس      العيادة المتنقلة التابعة للمجلس الشعبي تزور قرية افزروك شنو      الرسالة البطريركيّة لقداسة البطريرك مار آوا الثالث لمناسبة العيد العظيم لقيامة ربّنا للعام 2024      البابا فرنسيس: لنطلب من الرب نعمة ألا نتعب من طلب المغفرة      الإبداع والتميز مع الشابة العراقيّة فبيانا فارس      ليس العمر.. ميسي يتحدث عن "العامل الحاسم" في اعتزاله      خبيرة ألمانية تدعو إلى الصيام عن البلاستيك      كلمة رئيس الوزراء مسرور بارزاني بشأن القرارات المُتخذة في اجتماع مجلس الوزراء      الكهرباء العراقية تعتزم شراء غاز حقل كورمور بإقليم كوردستان      الخارجية الروسية: أنشطة "الناتو" في شرق أوروبا والبحر الأسود تهدف للاستعداد لمواجهة محتملة مع روسيا      الولايات المتحدة تعرض 10 ملايين دولار مكافأة مقابل معلومات عن "القطة السوداء"      العراق يتجه لحجب "تيك توك"      الاتحاد الاسباني يرفض تخفيف عقوبة تشافي
| مشاهدات : 961 | مشاركات: 0 | 2020-06-15 11:05:44 |

والخلائق تسبح بحمده " الماء"

المونسنيور د. بيوس قاشا

 

نعم ، المخلوقات، مهما كانت صغيرة وتافهة، تعكس بطريقة أو بأخرى ،  حكمة ومحبة ورسالة... وكلما كان الإنسان صالحاً وخالياً من الأنانية والكراهية ، وجد سهولة في فهم المعنى العميق لحوادث الحياة اليومية. فالقلب إذا ما خلا من الأنانية والكراهية ، أمتدّ تبصّره إلى عمق أعمق وأبعد، لأنه لا يتوقف عند سطحية الأمور، بل يفحص كل شيء ليصل إلى الغاية المنشودة والتي من أجلها كانت رسالة الله في المسيح الحي ، والتي فيها علّمنا ودرّبنا ورسم لنا طريقاً واحدة تقود إليه، وجعل الدنيا وما فيها من أجلنا عبرة ولغة وحقيقة.. وما الحقيقة إلا الله. فها هي المخلوقات تقودنا إلى الأمور العظيمة رغم الحواجز والفشل، وإلى الاستسلام لإرادة الله لأنه الخير الأسمى والعبرة السامية والغاية القصوى . فعبرَ مقالات  من " والخلائق تسبح بحمده" أُدرج هنا مخلوقات تعكس لنا ولكم محبة ورسالة وحقيقة .

                لاشيء أكثر شذوذاً من الماء فهو يتمدد عند الإنجماد. ولا شيء أكثر تناقضاً من الماء فهو يجمع ما بين التفاهة والضرورة. وبدون الماء لا يمكن للإنسان العيش على سطـــح الأرض. فالماء يُستعمل للشرب والطبخ والسباحة والغسيل، كما يُستعمل في الآلات التجارية والتبريـد، والماء موجود في كل مكان: في باطن الأرض، وفي عيون الجبال، وفي المستنقعات، وفي أعماق الآبار، وداخل الحقَن الطبية، كما أن أكثر من ثلثي جسم الإنسان يحتــــوي على الماء. فقد اعتبر الفلاسفة الإغريق الماء واحداً من العناصر الأساسية في الكون. ولكن علماءَنا منذ أن قاموا بتحليله كهربائياً إلى حجمين من الهيدروجين وحجم واحد من الأوكسجين، فَقَدَ الماء جاذبيته وسحره. وعندما أخذتْ حضارتنا المعاصرة العمل على تدجينه وتسييجه فسجنتْه داخل السدود والخزانات، فَقَدَ الماء كلَّ أبَّهته وبريقه وأصبح من الأشياء المألوفة التافهة لاسيما عندما حصروه داخل الأنابيب ووزّعوه على البيوت والمرافق العامة بواسطة النافورات. فالماء قديمٌ قِدَم الأجيال، ولم يتغيّر منذ أنْ خُلق، إنما الذي يتغيّر هو لهفة الإنسان وشوقه له عندما يتكرر العطش، فيهب للماء صفات الشباب والاستمرارية والتجديد الأزلية. لأن الماء يختلف مذاقه في كل مرة، وعطشي لا يمكن أن يكون شبيهاً لنفسه تماماً مرّتين. فلا أحد يشعر بالعطش أمام آنيةٍ مملوءةٍ بالماء، لأنه باستطاعته أن يشرب منها بحرية متى شاء.

أما في الكتب المقدسة فَحَدِّثْ عن الماء ولا حرج. فمنذ اليوم الأول من الخليقة حتى عبور بني إسرائيل" مياه البحر الأحمر"( خروج 21:14) ، وحتى "عمادك ياسيدي يا مسيحي يا ربي والهي بمياه نهر الأردن( مرقس 9:1)، وتحوّيلك " الماء إلى خمر في قانا الجليل" ( يوحنا 48:2)، وفي عشيّة الآلام والصلب عندما تأزَّرْتَ وغسلتَ أرجل تلاميذكَ بالماء (يو5:13)، وإبان المحاكمة عندما غسل بيلاطس البنطي يديه بالماء أمام الملأ متبرّئاً من دمكَ الزكي (متى25:27). فالناس العِطاش هم وحدهم الذين يفهمون قيمة قدح الماء البارد الذي يُعطى إلى فقير متسوّل، وأنّ جزاء واهبه لا يذهب دون " ثواب حسب قولك"( متى 42:10). إن الذيـن يعيشون بعيداً عن مجرى المياه، ولا يملكون جرعة ماء إبان حرّ الصيف هم الذين يفهمون معنى كلامك:"إنّ مَن يعطش فليأتِ إليّ ويشرب" (يو37:7). فهل يجب عليّ أن أكون بعيداً عنكَ كثيراً يا إلهي لكي أدرك قيمة محبتكَ؟!، وهل لكوننا قريبين منكَ جداً؟ هل لاننا اعتدنا أن تكون حاضراً بيننا فوق المذبح؟ فهل يجب أن يكون حضوركَ بيننا أمراً تافهاً؟! في الكنيسة نتلفّتُ يمنةً ويسرى ولا نبالي،نثرثر، وتتيه أفكارنا في شتى الأمور بعيداً عنكَ، فهل يجب أن نفقدكَ لكي ندرك قيمتكَ الحقيقية؟ ونشعر بحاجتنا الماسّة إليكَ؟، هل يمكن أن تكون سعادة المسيحيين باقتنائكَ سبباً في الابتعاد عنكَ وعدم التفكير فيكَ بجديّة؟.

إننا نعتبر أنفسنا مُلْكاً لكَ، يا سيدي ،  ونعتبرك مُلْكاً لنا، ونحن تحت ستر حمايتكَ نتمتّع بحيازتكَ كما يتمتّع البرجوازي الصغير بامتلاك أرضه ومنزله، فلم يعد ينتابنا أيّ قلق أو ضيق من خشية ضياعكَ، لأننا نمتلككَ بواسطة النعمة في هذه الحياة، وسوف نمتلككَ في السعادة الأبدية بعد الممات. هنالك مسيحيون يتصرّفون كذلك بأسرار الكنيسة وبِنِعَم المسيح وبهبات الله المجانية. إن في تمتّعهم الكامل بكل سكينة وغبطة بامتلاكهم النعمة، يكمن خطر ضياع النعمة وفقدانها. الشرائع!. الطقوس!. كتب الصلوات التي حفظتُها على ظهر القلب!. ما لي ولها إنْ لم أكن متعطشاً إلى ينبوع الحياة الذي أنت تعطيه،  بل أنت هو!؟. لماذا التوقف في منتصف الطريق؟. إذا لم تتجاوب رغباتي الغير المحدودة مع كمالكَ اللانهائي، يا سيدي، فإن جميع اجتهاداتي وجهودي فاشلة!.لأجل معرفتكَ حقاً يا سيدي، يجب الشعور المؤلم بالحاجة الماسّة إليكَ، إذ بدونك سأبقى عطشاناً، لذا أخشى يا سيدي أن يتحوّل رجائي الأبدي إلى ملجأٍ أمين أحتمي به وأتجمَّد!.وأخشى أيضاً ، يا سيدي،  أن أكون مغتبطاً بامتلاككَ، ممتلئاً منكَ، غارقاً فيكَ، قافلاً على نفسي مثل قوقعة بدون الحاجة إلى ماء ولا هواء، وبدون شهوة للطعام، بدون أي مرض، بدون وعكة، بدون لوعة، بدون اضطراب. عندئذٍ سوف أكون أنا وحدي بدون أمل للمستقبل، بدون حاجة إلى مخلّص، بدون مسيح يتجدد صلبه يومياً في ذبيحة القربان!!.وهذا ما حصل في زمن الكورونا فبيوتنا أُفرغت ربما من إلهها بسبب خوفنا من الاخر الغريب ، ونسينا أنك أنت حقيقة المياه وليس كبار دنيانا ورؤساء زماننا .وهذا ما أخشاه يا سيدي أن يتحوّل إيماني المشرق بكَ ، إلى ظلمة أتلفّع بها وأحتمي بهم من كوابيس الليل المخيفة!. فتتحول يا سيدي صلواتي وتأملاتي إلى مجرد صِيَغ طقسية جامدة وعقيمة أردّدها بدون محبة ولا تفكير!.وتنقلبَ ملحمة الفداء الإلهية بكل ما رافقها من مجازفات غريبة وآلام وإهانات، إلى سكينةٍ مطمئنةٍ من ذاتها وهي تمتلك مفتاح بيت القربان، مكتفيةً بوظيفة الحراسة!.

                كلنا نعلم أنه قد اندثرت آثار القوافل المؤدية إلى ينابيع المياه في الصحارى القاحلة والرمال المحرقة ، بسبب هبوب الرياح العاتية. إنّ مَن لا يملك حاسّة الجَمَل القوية لمعرفة المسالك المؤدية إلى المياه، سيموت عطشاً لا محالة. إنّ ينبوعاً صغيراً واحداً ينبثق من واحةٍ مجهولة في أحد أطراف الصحراء، لأَكثَرُ روعةً وجمالاً من جميع قصور الملوك الفخمة!. سيدي ، هذا الينبوع الضئيل هو الذي يستقطب جهود السالكين في الصحراء، ويوجّه القافلة بأسرها، إنه يجتذب إليه الناس قبل أن يهبَ نفسَه لهم. إن غيابكَ هو درس! إننا بكل ما نملك نستطيع أن نفهم مَن أنتَ، إن العطش الذي يتكرّر بدون انقطاع هو ما يهب للماء طراوته الأبدية، عليكَ يا صاحبي أن تمرّ في منتصف تموز وسط صحراء أفريقيا المحرقة وقد اشتدّ بكَ أوار العطش، أو أن تدوس قدماكَ الرمال الملتهبة في الصحراء الكبرى لجزيرة العرب، حتى تعرف القيمة الحقيقية لقطرة واحدة من الماء!.

كلماتك يا سيدي ، تعالوا إليّ أيها العطاش.!" (يو37:7)، فاسأل ، هل بإمكانكَ يا سيدي أن تؤثّر إلاّ في المعذّبين وغير القانعين؟، أمّا القانعون السعداء، الراتعون في بحبوحة الحياة ونعيمها، فإن ماءَكَ ستكون تافهةً بالنسبة لهم، وسوف يشربون منها بدافع المجاملة، ولكنهم سوف لا يدركون أبداً ما تحتويه من أسرار!!!. فهبني يا إلهي أن أشعر دوماً بالعطش!، كي اتوجه اليك يا ينبوع الحياة. أنتَ يا إلهي ثابت أزلي، ولا يمكن أن تتكرّر فيك الحقيقة نفسها مرتين، فعندما أكون قد أكملتُ الشريعة كلّها، فهل يا ترى يعوزني شيء آخر؟، أليس ما يتبع واجب الشريعة هي المحبة الكبرى والتضحية الكبرى والسخاء الأكبر؟، وبعد أن أكون قد وهبتُكَ كل شيءيا سيدي ، ألم يبقَ شيء صغير مختبئاً في زاوية حقيبتي يمكنني أن أتقدم به هدية لكَ؟. فكن مبارَكاً يا الله، لأنكَ تركتَ في زاوية من حقائب نفوسنا لهفةً صغيرة، بل عطشاً مستمراً نحو الكمال، يحنّ دوماً إلى الامتلاء بكَ من دون أن تمتلئ، واجعلني أصرخ دائما كما السامرية " يا سيد أعطني من هذا الماء لكي لا أعطش" ( يو 15:4) . نعم يا سيدي، نعم وامين.

 










أربيل - عنكاوا

  • موقع القناة:
    www.ishtartv.com
  • البريد الألكتروني: web@ishtartv.com
  • لارسال مقالاتكم و ارائكم: article@ishtartv.com
  • لعرض صوركم: photo@ishtartv.com
  • هاتف الموقع: 009647516234401
  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    info@ishtartv.com
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    article@ishtartv.com
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2024
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.5799 ثانية