هذهِ الدنيا اشبه بقاعة دراسية، وانت مدرساً فيها، ولسوء الحظ ان اختصاصك الإنكليزية، وناسك المحيطين كالطلبة، ستعاني ما تعانيه في سبيل إيصال فكرتك ودرسك لطلبتك، كونها لغة مختلفة عن لغتهم، وستظل باحثاً عن مجتهدين طوال العام الدراسي، ولن تجد الا القليل من المجتهدين، والتاقنين لها، وستبقى مكروهاً ممن مستوياتهم ضعيفة، ولن يفهمك الكثير منهم.
هكذا انا .. أعاني من صعوبة التعامل مع الآخرين، اتحدث بصدق وعفوية، فيفهمه المقابل بطريقةٍ خاطئة دائماً، ليت لي مترجماً يترجم لهم ما افكر وأقصد، فطوابير المنتظرين سبباً ليرحلوا قد ملئِت، ولم يبقَ لهم مكان للوقوف، والراحلون يزدادون عن الواقفين بكثير، الأمر الذي جعلني أُفكر بالتقصير تجاههم، رغم بحثي الدقيق وفشلي في ايجاد مبرراً لإفعالهم السيئة معي.
في السابق كان من يزرع الخير، لا يحصد الا خيراً مشابهاً له، ويفوقة بعشرات المرات، اما انا، فزرعته في العديد من الترب، وسقيته بماءِ الإخلاص، واسمدة المحبة والطيبة، وتعبت كثيراً لإقتلاع النباتات الطبيعية التي ظهرت بجواره، خوفاً من ان يضايقوه، ولم احصد إلا الخذلان، والأذية، والخناجر التي مزقت ما مزقته من الأحشاء، بغض النظر عن تعب زراعته وسهر لياليه، ربما الإستفادة من النباتات الطبيعية المقتلعة كان اكثر، لكن لن ينفع الندم، فقد مضى عليها الزمن وماتت.
عجباً للبشر! اما يعلمون بإن الجميع راحل؛ ليسكن وحيداً بعيداً عن الناس، في بيت لا يتجاوز الشبرين، ولا يبقَ سوى الذكر الطيب، والكلام الحسن، لماذا يكونوا كعود البخور؟ يوقد نفسه وينتهي، تاركاً خلفه ذكرى جميلة، من الرائحة الزكية، التي تملى مكان موته، ليذكروه بالخير، فكم مَن مات وذكره في البالي باقياً، وكم من حيٍ في الحياة لا يذكرُ.