لم أجد شيئاً أشد وجعاً وألماً ومللاً من الإنتظار، فهو يميت الأمل تدريجياً، ويقتل الروح على مهل كقتل السرطان للإنسان، يجتاح الخلايا واحدة تلو الأخرى، حاملاً معه الأوجاع، هكذا الأنتظار، يحمل القلق والتفكير ساعة بعد ساعة، ويوماً بعد الآخر، تاركاً خلفه قلقاً نفسياً يفور داخلنا، بحثاً عن حقيقة الإختفاء المفاجئ، والرحيل المبكر، دون أسباباً تذكر، أو إخبارنا بإنهم سيختفون.
رحيلك عني بلا سبب أقعدني بين طريقين، طريق اللاعودة، الطريق الوعر الموحش الذي لا انس فيه ولا جان ولا حياة، وطريق العودة المليء بالمارة، وأحدهما أشد من الآخر، فطريق اللاعودة جعل مني انساناً يائساً انتظر طيفك وقوفاً، وافتش عن سراباً يدخل السرور داخلي، حتى ان لم يكن ذلك السراب ماءاً، وطريق العودة جعل مني انساناً يستجدي كلمات الطمأنينة من المارين به، ويسأل كل شخصٍ عنك دون إجابات منهم.
ورغم كل شيء، سأنتظرك، كإنتظار شعبي المسكين لحكومة عادلة، تنصفه وتعطيه حقوقه، صبر كثيراً وتحدى كل المحن الصعاب، وقتل الأمل بداخله لكنه لم يمت، مازال ينتظر أملاً يولد من رحم المعاناة، ليعيش ما تبقى من عمره القليل، فأنا الشعب الذي لا يمل ولا يكل، مهما تعب وأعيى، وانت الحكومة غير المنصفة، وسأتظاهر لإصلاحك، مهما كلفني ذلك من قمعٍ وإرباكٍ وتخويف، فالشعب لا يموت.