-----
الحزب الشيوعي العراقي تأسس في 31 - 3 - 1934 ويعتبر من اقدم الاحزاب السياسية
الوطنية والثورية التي لا زالت تعمل على الساحة السياسية العراقية منذ تأسيسه
ولغاية اليوم وخاض نضالا وطنيا وثوريا ومسلحا وديمقراطيا فقد كان يعتبر
واحداً من أقوى الاحزاب الوطنية على الساحة السياسية العراقية وكان ينظر اليه كحزب
مناضل ذو قاعدة جماهيرية واسعة وكانت الاحزاب العراقية الاخرى الوطنية والقومية
والدينية منها تحسب لدوره وجماهيره ومواقفه ورؤيته الف حساب في اي موقف او قضية
وطنية او قومية او اقليمية او دولية مطروحة
وهذا الموقف طبعا يعكس دور ومكانة هذا الحزب لقربه من الجماهير ونضاله الوطني
والثوري والديمقراطي وتضحياته الكبيرة وكان ابرز مثقفي وادباء وفناني وعلماء
وصحفيي وكتاب العراق أما أصدقاء أو قياديين او أعضاء في الحزب الشيوعي
العراقي وامتد نفوذه الى اغلب ابناء الشعب العراقي من العمال والفلاحين
والطلبة والنساء والمهنيين بكل مكوناته القومية والدينية الكبيرة والصغيرة من دون
تفرقة او تميز ومنها شعبنا الكلداني السرياني الاشوري المسيحي
حيث من خلال مسيرة نضال الحزب المذكور منذ التأسيس قدم الالاف الشهداء من كل
اطياف الشعب العراقي من زاخو الى الفاو قرابين على مذابح الوطنية والحرية
والعدالة
لكن المؤسف ان وضع الحزب المذكور الجماهيري والسياسي والانتخابي بعد
2003 اصبح مربكا وضعيفا وفي وضع لا يحسد عليه حيث مثلا خاض الانتخابات الديمقراطية
في كل الممارسات الانتخابية البرلمانية والمحلية في بغداد والمحافظات واقليم
كوردستان تارة بقائمة مستقلة وتارة اخرى بقائمة تحالف والنتيجة كانت واحدة
اما مقعد برلماني واحد او مقعدين او ثلاثة ومثلها في بعض المجالس المحلية وهذا
يؤكد مدى انحسار دوره وعزلته عن الجماهير وتحجيم مكانة بحيث اليوم لا يحسب أحد اي
حساب له ولموقعه ولنضاله وتضحياته وتأريخه ؟!! وأصبح شبه معزولاً عن الجماهير
وبالاخص الاجيال الجديدة من الشبيبة هذا من جهة ومن جهة اخرى حيث فقد
الكثير من المناضلين الشيوعيين السابقين ثقتهم بالحزب المذكور حاليا ونهجه
وسياساته ومواقفه وبصدد ما تقدم اوضح رأي الشخصي بهذه الاسباب :
1 - اليوم الكثير من قيادات وكوادر وقواعد الحزب المذكور يتهربون من المسؤولية
وكشف الحقيقة ويعزون سبب هذا التراجع والانحسار في دور وجماهيرية
الحزب بسبب انهيار الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية السابق وكأن
التأريخ تجمد واصبح العمل الوطني والثوري والنضالي والديمقراطي في خبر بدون
دعم خارجي في ظل غياب الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية انها
مغالطة عجيبة غريبة لان النضال الوطني والثوري والديمقراطي من أجل الحرية
وحقوق المواطنة والانسان والمرأة والعدالة الاجتماعية مستمر في الكثير من
مناطق العالم بلا توقف
2 - خلال العشرين سنة الماضية او اكثر من حياة الحزب المذكور قاد الحزب نفس
الاشخاص والوجوه والتي انغمس الكثير منهم في المغريات المادية والمصالح الشخصية
والانانية والركض والصراع حول المناصب الوظيفية واستخدام الاساليب البيروقراطية في
العمل التنظيمي وأستغلال مواقعهم ومناصبهم القيادية في الحزب
للاستفادة القصوى من الامتيازات التي تأتي من المناصب والمواقع الوظيفية من
رواتب ومخصصات وسيارات ورواتب تقاعدية وحمايات واراضي في الاقليم وبقية المحافظات
ومنح مالية وسفرات وقصور وشقق وغيرها بحيث تم تحويل الحزب الى مؤسسة شبه
شخصية لبعض القيادات واصبح وسيلة للوصول الى مبتغاهم الشخصي من خلال تمتين
العلاقة مع احزاب السلطة في بغداد والاقليم لهم وللموالين لنهجهم واسلوبهم وهذا يعتبر
نوع من الفساد المالي والحزبي
ان بعض هذه القيادات بحق اساءت الى تاريخ ونضال وتضحيات ومبادىء وقيم ومنهج الحزب
المذكور والمؤسف والادهى من ذلك ان بعض قيادات وكوادر الحزب الشيوعي العراقي ضعفت
امام هذه المغريات المادية والوظيفية والانانية وغادرت وتركت الحزب وانضمت الى
احزاب السلطة في بغداد والاقليم من اجل المال والسيارات والسكن والنفوذ ويقال ان
تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي اليوم من اعلى الهرم للقاعدة مخترقة في بغداد
والاقليم من قبل احزاب السلطة واجهزتها الامنية كما كان في فترة الجبهة الوطنية مع
البعث المقبور في نهاية السبعينات من القرن الماضي
3 - قمع حرية الرأي والرأي الاخر داخل تنظيمات الحزب حيث ان اغلب قيادات الحزب
المذكور تتصرف بشكل بيروقراطي ومتعالي وتقمع الاراء والافكار الجديدة المخالفة
لرأيها واسلوبها من الكوادر والقاعدة الحزبية للسيطرة على مجريات التنظيم وفقا
لمنهجها الكلاسيكي بحيث يتم سد الطريق امام صعود دماء جديدة من الشباب
في سلم التنظيم بعيدا عن روح العصر الذي يتطلب التجديد والتحديث وإفساح
المجال للآراء والاساليب البناءة الجديدة من أجل تطوير الحزب وتجديده وجذب الشبيبة
الى صفوفه والتي عملت بالنضال الثوري المسلح في زمن النضال ضد
الدكتاتورية في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي وهي متعطشة للعمل
السياسي الديمقراطي ويتصرف بعض هذه القيادات كأنهم في احزاب السلطة الحاكمة
!! وقد أدت هذه التدابير والمواقف الى خروج أعداد كبيرة من الشيوعيين من
صفوف الحزب بالأخص الشبيبة التي شعرت بأن هذا الحزب لم يبقى حزب المستقبل وحزب
التجدد والديمقراطية بل اصبح حزب مجموعة أسماء وأشخاص يعيشون على
التأريخ والامجاد ومشددوين الى الماضي وليس المستقبل
4 - المشكلة ان قيادة الحزب الشيوعي العراقي استمدت تقيمها وتحليلها
لظروف العراق بعد 2003 على ضوء علاقتها النضالية والتأريخية القديمة بأحزاب السلطة
في بغداد والاقليم او بعلاقاتها الشخصية مع قادتها والتي اقيمت خلال سنوات
النضال المشترك ضد نظام البعث الشوفيني ناسين او متناسين الموقف المستجد لاحزاب
السلطة بعد استلامها لسدة الحكم وانغماسها وانفرادها في السلطة
والمغريات بحيث اصبح التقيم على اساس الماضي والعلاقات الشخصية غير صحيح
ومجدي لان المعادلات السياسية تغيرت لذلك كان يجب على الحزب
ان يكون تقيمه على أساس برامج ومواقف احزاب السلطة الوطنية ومدى
مساهمتها في تعزيز الديمقراطية وارساء دولة القانون والمؤسسات والمواطنة ورغم ان
اي شىء من هذا لم يتحقق في العراق لكن الحزب الشيوعي العراقي لم يغير موقفه
وتحليلاته للتغطية على اخطاء وسلبيات احزاب السلطة لغاية في نفس يعقوب
خاصة ان احزاب السلطة تحولت من احزاب وطنية او قومية او دينية تناضل ضد
الدكتاتورية الى أحزاب للسلطة تملك مال وجيش وشرطة واجهزة مخابراتية ولم تستطع
قيادة الحزب المذكور أن تميز بين هذه التحولات وكيف تتعامل معها كما أن بقاء اغلب
القيادات التقليدية للحزب في سدة الحزب وأعمارها تجاوزت السبعين سنة
واستغلالها لسمعة النضال الوطني الطويل للحزب ألحق أذى كبيراً بالحزب والذي
أدى الى تضارب مع مصالح الحزب وتوجهاته وتعامله مع التطورات السياسية النوعية التي
طرأت على الوضع والعلاقات السياسية في العراق بحيث تفهم من مواقف
الحزب انه أصبح جزءاً من الحكومة العراقية يخضع لمشيئة أحزاب السلطة
بدون ان تكون له أي سلطة أو دور حقيقي متميز عدا المساومة مع احزاب السلطة ومباركة
اخطاءها ونواقصها
5 - تجاهل بل تواطىء الحزب الشيوعي العراقي وصرف النظر عن هيمنة وتدخل الجانب
الايراني في الشأن العراقي أقتصاديا وسياسيا و ثقافيا واجتماعيا
ودينيا من خلال السلطة الحاكمة واحزابها الشيعية في بغداد و هذا يعكس مدى
خطورة هذه المعادلات الجديدة على المصالح الوطنية والمستقبلية للشعب العراقي
في بناء دولة مدنية ديمقراطية تقوم على اساس القانون والمؤسسات والمواطنة على
المدى القريب و البعيد نتيجة هذه المصالح ووشائج سياسية وأقتصادية مشتركة بين
النخبة الحاكمة واحزابها وايران ولمعالجة الانتحار السياسي للحزب المذكور
6 - الحل ارى على قيادة وكوادر الحزب الشيوعي العراقي الاستماع بجدية
وموضوعية لرأي القاعدة الجماهيرية والحزبية للحزب وكذلك الاستماع الى
الرأي المخالف لرأيها والشروع بعقد مؤتمر استثنائي للحزب بسرعة وقبل
فوات الاوان وخروج القيادة الحالية وانتخاب قيادة جديدة من الجيل الشباب 70%
والجيل القديم 30% لتفادي السياسات الكلاسيكية واخطاء الماضي والركض وراء
المغريات المالية والمناصب
ملاحظة :
----
الموضوع مطروح للمناقشة الهادفة والهادئة وكل الاراء والمداخلات محترمة اذا كانت
مؤيدة او مخالفة لرأي اتمنى ان تكون منسجمة مع الذوق والاحترام وقواعد النشر
في الموقع تماشيا مع التقاليد الديمقراطية وحرية الرأي والرأي الاخر
انطوان الصنا