مشروع محافظة سهل نينوى ... بين العائدية او الاستقلال

محاضرة للكاتب والصحفي لؤي فرنسيس

الهدف من المحاضرة : تدارس وضع المكونات المتعايشة في سهل نينوى بعد التحرير .

لماذا الان : كوننا نسعى لعبور مرحلة بعد تحرير مدينة الموصل ومحافظة نينوى والتي كانت مؤلمة وصعبة .

الاسباب : هي طموحاتنا بايقاف الهجرة التي تنخر بابنائنا من جميع المكونات ، والسعي بالعيش الكريم متاخين متعايشين في محافظة سهل نينوى مستقبلا .

في البداية نورد تعريف سهل نينوى جغرافيا وديموغرافيا ...

سهل نينوى هو منطقة جغرافية تابعة اداريا لمحافظة نينوى إلى شمال وشرق مدينة الموصل ، وتتألف من ثلاث أقضية هي الحمدانية والشيخان وتلكيف وفي النية اضافة ناحية بعشيقة بعد تحويلها الى قضاء لتصبح اربعة اقضية .

ويعتبر سهل نينوى الموطن التاريخي لعدد من المكونات وهم الكلدان والسريان والاشوريين والايزدية والشبك والكاكئية والتركمان وبعض القرى العربية وما يزال تواجد هذه المكونات مكثف فيه.

اعتبرت هذه المناطق من المناطق المتنازع عليها بحسب المادة 140 من الدستور العراقي لسنة 2005.

كما شهدت السنوات الأخيرة دعوات من بعض الساسة بإقامة منطقة حكم ذاتي أو محافظة خاصة بالأقليات في هذه المنطقة وخصوصاً بعد تزايد حدة الهجمات عليهم في مدن عراقية أخرى.

وقد كان البعض من السياسيين العراقيين معارضين لهذه الدعوات .

واليوم ربما يمتعض البعض من دعاة الوحدة السياسية من الاخوة الحضور عند ذكر محافظة سهل نينوى ويعتبرها اداة او اسلوب تقسيمي يؤدي الى الضعف ...

لكن علينا ان نفكر باسلوب اكثر انفتاحا عن ما كنا نعتقد به سابقا فدخول داعش واحتلاله لمحافظة نينوى والظلم الذي وقع على المكونات من المسيحيين الكلدان والسريان والاشوريين ومعهم الاخوة الايزدية والشبك والكاكئية ،

 كما اهمال الحكومة الاتحادية للمكونات وتهميشهم ضمن مايسمونها بديمقراطية الاغلبية لدى الحكومة الاتحادية للعراق الفدرالي ،  وابعاد هذه المكونات عن الشراكة السياسية والادارية في السلطة ، واصدار تشريعات قانونية باطنها يخدم معتقد معين دون الاخرين ،  كما ازدياد حالات التطرف حولنا ....

 جميعها نقاط تجعلنا ان نفكر كيف نحمي انفسنا وخصوصا الالاف من ابناء شعبنا يغادرون مهاجرين الى حيث لارجعة.

لذلك علينا ان نتحد ونتكاتف ونطالب بمحافظة  نحمي بها وجودنا وتبعدنا عن التطرف الذي يحوم بمخالبه حولنا .

ايهما افضل لنا ، محافظة تابعة للحكومة الاتحادية ام تابعة الى اقليم كوردستان ، ام اقليم تحت حماية دولية خاصة .

تدارس وضعنا اذا كانت محافظة سهل نينوى تابعة للحكومة الاتحادية

بعد التغيير الذي حصل منذ 2003 الى يومنا هذا ونحن نعاني من المفخخات والتهجير والقتل والتهميش واختتم كل هذا بحالات من السبي لنسائنا واحتلال مناطقنا وطردنا منها عنوة وكان للحكومات المتعاقبة على دفة الحكم في بغداد يدا طولى في هذا الظلم من خلال ضعفها اولا ، وصراعها الانتقامي مع المكون العربي السني ، ثارا سياسيا لما كان قبل التغيير وشعورها بالظلم من حكومة النظام السابق الذي حكم 35 سنة بالحديد والنار ، وهذا ما سهل دخول داعش الارهابي الى محافظة نينوى واحتلالها باسلحة الجيش العراقي والتي بلغت قيمتها عشرات المليارات من الدولارات ، لذلك اقول بان ادارة سهل نينوى من خلال الاتحادية اصبحت حالة صعبة بسبب الفجوة الكبيرة التي اتسعت بين مكونات سهل نينوى وجيرانهم كما تهميش الحكومة الاتحادية لهم ، مايعيدنا الى نقطة الصفر بعد 2003 .

كما ان الحكومة الاتحادية تنظر الى سكان سهل نينوى وخصوصا سكان بخديدا وتلكيف وبعشيقة وبرطلة على انهم كانوا بعثيين ، واضعة اياهم في نفس الخانة التي وضعت فيه ابناء العرب السنة ، من الاقصاء والتهميش والاجتثاث ولا تعتبرهم مواطنين من الدرجة الاولى لهم الحقوق كما عليهم الواجبات .

طلب اقليم سهل نينوى تحت الحماية الدولية

قد يكون مفهموم “التدخل الدولي” بجميع أشكاله، أحد أكثر المفاهيم السياسية اثارة للجدل في العلاقات الدولية وفي مفاهيم القانون الدولي والقانون الدولي الانساني لحماية حقوق الانسان، تحديدا لجهة تعارضه مع مفهوم “السيادة” ومبدأ “عدم التدخل” في الشؤون الداخلية للدول، أو عدم المساس بسيادة الدولة واستقلالها السياسي .

لكن الكثير منا يفكر بهذا الحل بان يكون هناك اقليم سهل نينوى محمي دوليا والحماية الدولية تقتصر على الحماية الجغرافية عسكريا ، وربما هذا الطرح يزيد من مخاوفنا لعدة نقاط منها :

أ‌- مايجعل اقليم سهل نينوى ربما منطقة صراعات داخلية سياسية وادارية بين مكوناته كون المجتمع الدولي لايتدخل بالامور والخصوصيات الداخلية وتبقى سلطته لحماية الحدود الخارجية للاقليم.

ب‌-     يكون هذا الامر مرفوض كليا من الحكومة الاتحادية واقليم كوردستان كونه يدخل ضمن حالة الاحتلال داخل البلد والتدخل بشؤونه الداخلية ،وفقدان السيادة ،  مايزيد الفجوة السلبية بين مكونات اقليم سهل نينوى وجيرانه من العرب والكورد . كما  يزيد من مخاوف المكونات في الاقليم على المدى الزمني البعيد.

ت‌-     ان الاقليم المحمي دوليا يعتبر سجن لساكنيه وسوف تترتب عليه امور اقتصادية ربما لايستطيع تحملها .

ث‌-     اقليم سهل نينوى لايمتلك مقومات اقتصادية لجعله اقليما مستقلا .

محافظة سهل نينوى تابعة لأقليم كوردستان ...

انه احد الخيارات المطروحة على الساحة السياسية لدى ساكني سهل نينوى وربما يكون الخيار الافضل لهذه المكونات بحسب وجهة نظر الغالبية،  كون التجارب التي مرت بها المكونات في سهل نينوى تنبيء بان اقليم كوردستان هو الخيار الافضل لعدة اسباب منها .

1-    الامتداد الجغرافي لسهل نينوى كما الامتداد التاريخي لمكونات السهل مع اقليم كوردستان وتعايشهم لمئات السنين دون أي مشاكل .

2-    اعتراف المجتمع العراقي وخصوصا السياسيين المتصدين على دفة الحكم (ضمنيا ) بعائدية سهل نينوى من خلال جعل منطقة سهل نينوى ضمن المناطق المتنازع عليها في المادة 140 من الدستور العراقي والتي تنص على اجراء ثلاثة عمليات دستورية وهي التطبيع والتي تشمل اعادة المهجرين من خلال التعريب الى مناطقهم الاصلية،  و الاحصاء والذي يشمل احصاء كامل وشامل لسكان المنطقة ومن ثم الاستفتاء ليكون القرار بيد سكان المنطقة .. وان هذا الاعتراف يؤكد بان سهل نينوى هو امتداد تاريخي وجغرافي لاقليم كوردستان .

3-    يمكن ان ننظر لمحافظة سهل نينوى من زاوية اخرى وهي سكان هذه المنطقة هم من المسيحيين الكلدان والسريان والاشوريين وهم ليسوا عربا والاخوة الايزدية والذين هم من الكورد الاصلاء وكذلك الشبك والكاكئية  فهم كورد ، ولا يوجد شيئ للعرب في سهل نينوى الا القليل وقد جاء من خلال عمليات التعريب التي مورست بحق المنطقة ابان النظام السابق.

4-    لا احد يستطيع نكران دور اقليم كوردستان الايجابي في مناطق سهل نينوى من خلال الحماية المقدمة من البيشمركة طيلة فترة التغيير منذ 2003 والخدمات التي كانت تقدم للمنطقة من ميزانية الاقليم للنهوض بها .

5-    بالنسبة للشراكة السياسية والادارية المقدمة من اقليم كوردستان فان دور هذه المكونات في حكومة الاقليم لايقل عن دور الكورد وخصوصا المسيحيين منهم، فهم وصلوا الى قمة القيادة في حزب السلطة والذي هو الحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي يتعامل بالعدالة كاساس مرتكز في منهجه...

كما في الاماكن الادارية لأقليم كوردستان  فلا يخلو مجلس اداري او محافظة دون ان يكون للمسيحيين والمكونات الاخرى دورا مهما فيها ، هذا مع اعطاء جميع الحقوق الادارية والاجتماعية والدينية لهم وفتح مراكز ثقافية ومؤسسات اجتماعية خاصة بهم ، حيث استطاع اقليم كوردستان بحكمة الرئيس مسعود بارزاني ان يضع اسس طويلة الامد لضمان حقوق الجميع دون تفرقة او تمييز ، بحسب نهج مدرسة البارزاني الخالدة .

6-    اما من ناحية نسب التواجد السكانية فلو نقيس أي مكون من المكونات في سهل نينوى نجد الاتي : نسبة المسيحيين في العراق لاتتجاوز 0.02 بالالف بينما في اقليم كوردستان سوف تتجاوز ال8 بالمئة وهذا مايجعلهم اصحاب قرار وراي داخل مركز القرار في اقليم كوردستان ، وهذا ماينطبق على الاخوة الشبك والايزدية .

7-    اقليم كوردستان استطاع ان يبني مؤسساته بمهنية ورصانة خصوصا الامنية منها ،  في الفترة من 1990 الى اليوم واصبح القانون هو السائد فوق الكل ولا يوجد أي تخوف من نشوب أي نوع من الصراعات بين مكونات محافظة سهل نينوى .

في الختام وعذرا على الاطالة فان ماقدمه اقليم كوردستان في هذه الفترة الصعبة من حياة مكونات سهل نينوى وما قبلها ، والرعاية الكاملة من لدن قيادة الاقليم وخصوصا السيد الرئيس مسعود بارزاني للمكون المسيحي والايزيدي والشبكي وعيشهم الكريم بعد ان تركوا كل شيء هربا من ظلم داعش يفند جميع الاقاويل  التي تقف ضد وضع محافظة سهل نينوى تحت حماية اقليم كوردستان او جزء منه ، كون ابناء سهل نينوى بمختلف مكوناته يعتبرون مواطنين من الدرجة الممتازة في التعامل الاجتماعي والسياسي والاداري في الاقليم .

كما ان انشاء قوات من المسيحيين والايزدية والشبك ومنحهم رتب ضباط ومسؤولين من داخل هذه القوات واعطائهم الشرعية الكاملة من خلال درجهم ضمن وزارة الداخلية في الاقليم ضمانا لهم ولعوائلهم، وتعيين عشرات الالاف من ابناء سهل نينوى ضمن ملاكات وزارات الاقليم  كان خير دليل على ان اقليم كوردستان سوف يكون الدرع الحامي لهم مكانيا وزمانيا  .

شكرا لأصغائكم