كلمة حق وحقيقة، إنها الطريق الأمين والسيدة الأولى بل الشاهدة والشهيدة لقناتكم (تيلي لوميار ونورسات). فعالم اليوم يجعل من الصدق حماقةً، ومن الذكاء كذباً، والعدل ضعفاً، ومن النظام محسوبية، والتواضع مذلّةً، والإخلاص تملّقاً، والشجاعة وقاحةً، ومن الأدب سذاجةً، والغنى السليم فساداً، ومن الطريق طائفةً ومحسوبية، وأخرى وأخرى، وفي كل ذلك لا تقول "تيلي لوميار" إلا قول المسيح
الرب "قولوا الحق والحق يحرركم" (يو32:8) لذلك فهي تُظهر الحق أينما كانت وأينما حلّت ومهما كان فهي ترسم طريق الرب الذي قال "أنا الطريق والحق والحياة" (يو6:14).
طوبى لكم، فأنتم عبر قناتكم الموقرة دخلتم كل بيت ومدرسة، وأصبحتم درساً أميناً وزائراً وفيّاً للعائلة والفرد والمجتع، للأطفال الصغار والشباب والصبايا. دخلتم عبر عيونهم وقلوبهم فكنتم لهم رحمة ومحبة وعلامة للبشارة والخلاص، ورسمتم لهم وعبر قناتكم طريقاً نحو العلى ونحو الإنسان الآخر، وجعلتم من أيامكم العصيبة عزاءً وتسليةً، فلم تبالوا بالألم والمآسي التي مرّت وتمرّ عليكم وعلى بلادكم بل عملتم بقول الرب أنْ "أحبوا أعدائكم، باركوا لاعنيكم، صلّوا من أجل الذين يضطهدونكم" (متى44:5) لذلك عبّرتم عن حقيقة وجودكم ورسالتكم ووفاء قناتكم لله وللبشر.
طوبى لكم ولقناتكم والتي أمست الكنز الثمين حيث السماء نصبت خيمتها، فلا تخاف العثّ والفساد والسوس ولا الدنيا الزائلة ببهرجتها وأيضاً بحقدها وإرهابها، ورسمتم عبرها طريقاً للتوبة لأنكم كنتم ولا زلتم الأب الرحوم الذي قَبِلَ إبنه العائد إليه وذلك عبر مقابلاتكم وأحاديثكم وإعلامكم، وبذلك عملتم ولا زلتم من أجل المسيح وبالمسيح وللمسيح، ومعه تبقون سائرين في هذه الطريق شهادة لحقيقة مسعاكم ورسالة عطائكم من أجل كل إنسان.
طوبى لكم فأنتم وقناتكم مبادئ ولستم منظمة ولا مصلحة ولا طائفية، فأنتم عرفتكم "للكل لتربحوا الكل" (1كور19:9-22) كما يقول بولس الرسول، وليس لتربحوا الكبير والقوي وصاحب الشأن كما هو شأن كبار الزمن والدنيا. فنعمة الرب قد أُفيضت عليكم، وهدفكم معروف أنه الحقيقة ولا شيء غير ذلك، وبهذا تعلنون بكل تواضع عبر السيرة والمسيرة مجد الله الذي تجلّى بالمسيح يسوع، فأنتم مؤتَمنون على نوركم والذي اختار "النصيب الأفضل" (لو42:10) ولا زال يعطي في ذلك مثلاً رغم مطبّات الحياة التي مرّ بها، إنه بالذات حقيقة الزمن.
طوبى لكم لأن قناتكم تعمل في بدء النهار لمجد الرب عبر صلاة السبحة للأمّ القديسة ثم القداس الإلهي، ويتواصل برنامج قناتكم عبر البرامج الدينية المختلفة والاجتماعية المتنوعة والمتميّزة والمفيدة لمسيرة الإنسان وعبر مستمعيكم ومشاهديكم، وليس تديّناً ولا حقيقةً مزيّفة بل إيماناً وصلاة، بشارةً وإعلانا لمحبتكم، فما أنتم إلا نور وإن كنتم بصيصاً من السماء فما ذلك إلا زلزال لمكان حقيقتكم (أعمال 31:4).
طوبى لكم ولقناتكم فهي لا تنادي إلا بوطن واحد حُرّ ومستقل عبر مبادئ وطنية مملوءة بحبّكم لأرضكم ولشرقكم والتي أعطاكم إياها ربّ السماء وتنادون فيه بكنيسة واحدة ومقدسة بل جامعة ورسولية، مملوءة من إيمان واحد تَدين للرب الواحد والخالق، وتعملون ذلك بكل هدوء من أجل هدفكم. فجذوركم معروفة في ربٍّ واحد وإيمانٍ واحد ومعموذيةٍ واحدة، وبذلك تكتبون تاريخاً ناصعاً واحداً للوطن كما هو للكنيسة، إذ لا يمكن تجزئته، وتعلنون ذلك في وجه الأقوياء وكبار الزمن من أجل حقيقتكم، فأنتم رسالة للشرق، وجمعتم بذلك شرقكم بهمومه وأفراحه... فأنتم رسل مخلصون لإعلان الحقيقة، بل حقيقة الإنسان والحياة.
طوبى لكم لأن قناتكم لا تفتش عن المركز والمنصب والسلطة بل أنتم من أجل الخدمة خُلقتم، من أجل البسطاء والفقراء والبؤساء كنتم ولا زلتم وستبقون، إنهم أحباب الله لأنهم وأنتم تحت أنظار السماء. فليس لكم حماية العسكر ولا خفير لكم بل أنتم من أجل الإنسان، كل إنسان وخلاصه للحياة الدائمة في سماء الرب. فمَن كان لله يُدرك ويفهم فحوى رسالتكم وديمومتكم ولا يخاف فأنتم حقيقة الحياة، ومن أجلكم وقناتكم كانت هذه الكلمات عبر هذه الأسطر، فما أنا إلا مَدينٌ لكم، والتاريخ والأيام شاهدة على الحقيقة، فما أنتم إلا شهود وشهداء، وما الحقيقة إلا رسالتكم وبكل شجاعة تعملون من أجل حرية أبناء الله، فأنا معكم ومن أجلكم كنتُ وما زلتُ وسأبقى وفياً لكم وأميناً لحقيقتكم ووجودكم ودمتم... نعم وآمين.