عشتار تيفي كوم - الفاتيكان نيوز/
استهل البابا كلمته لافتا إلى أنه شاء هذا اللقاء كي يتعرف على إكليروس أبرشيته روما، ويبدأ معهم المسيرة، وشكر الحاضرين على تكريس حياتهم لخدمة ملكوت الله، وعلى جهودهم اليومية والسخاء الذي يمارسونه من خلال خدمتهم، وقال إن الخدمات التي يقدمونها متنوعة لكنها كلها ثمينة في عيني الله ومهمة من أجل إتمام مخططته، مشدداً على أن أبرشية روما قادرة على القيام برسالتهم بفضل كل واحد من الحاضرين، وذلك في إطار رباط النعمة مع الأسقف والمسؤولية المشتركة الخصبة مع شعب الله كله. وذكّر بأن ميزة الأبرشية هي أنها تضم كهنةً قدموا من مختلف أنحاء العالم، خصوصا بدافع الدراسة، ما يجعل الحياة الرعوية مطبوعة بهذا البعد الكوني وبالضيافة المتبادلة التي يتطلبها هذا البُعد.
هذا ثم توقف الحبر الأعظم عند موضوعي الوحدة والشركة، وذكّر بأنه في الصلاة "الكهنوتية" التي رفعها يسوع إلى الآب، طلب الرب أن يكونوا جميعهم واحدا، وأوضح لاون الرابع عشر أن الله يدرك أنه من خلال الوحدة معه ومع بعضنا البعض يمكننا أن نحمل الثمار، وأن نقدم للعالم شهادة ذات مصداقية. ولفت إلى أن الكاهن مدعو في المقام الأول لأن يكون رجل الشركة، لأنه يتعين عليه أن يعيشها وينمّيها، على الرغم من العراقيل التي تتمثل في انتشار ثقافة الانعزال والمرجعية الذاتية. هذا بالإضافة إلى حواجز "داخلية" تتعلق بالحياة الكنسية والعلاقات الشخصية خصوصا عندما يسيطر التعب.
وقال البابا إنه يود أن يرافق الكهنة في مسيرتهم طالباً منهم أن يعطوا دفعاً للأخوة فيما بينهم التي تستمد جذورها من حياة روحية صلبة، ومن اللقاء مع الرب ومن الإصغاء لكلمته. كما أن الشركة – تابع يقول – تُترجم في التزام الأبرشية، مع تعدد المواهب ومسارات التكوين المختلفة والخدمات المتنوعة، مع إيلاء اهتمام خاص بالمسيرة الرعوية للكنيسة المحلية والجامعة، مدركين أن السير معاً يضمن الأمانة للإنجيل، ويساعدنا على إغناء الكنيسة بمواهبنا، ونحن كلنا أعضاء في جسد واحد، والمسيح هو رأسه.
بعدها تحدث الحبر الأعظم عن المثالية. وتوجه إلى الحاضرين طالباً منهم، كأب وراعٍ، الالتزام في أن يكونوا كهنة مثاليين، يتمتعون بالمصداقية. وأضاف أننا ندرك تماماً محدودية طبيعتنا البشرية، والرب يعرفنا في العمق، لكننا نلنا نعمة استثنائية، وأوكل إلينا كنز ثمين، نحن خدامه، ولا بد أن يكون الخادم أميناً. وقال البابا إن كل إنسان قد يبتعد عن الرغبة في عيش حياة مقدسة، لكن ينبغي أن تجذبنا دائما دعوة المعلم، لكي نشعر بحبّ "اللحظة الأولى" ونعيشه، هذا الحب الذي حملنا على اتخاذ خيار شجاع. وإذا ما كنا مثاليين وعشنا حياة متواضعة، يمكننا أن نختبر القوة المجدِّدة للإنجيل لدى كل رجل وامرأة.
لم تخل كلمات لاون الرابع عشر من الحديث عن ضرورة توجيه الأنظار نحو تحديات زماننا من منطلق نبوي، وقال إن ما يجري في العالم يومياً يؤلمنا ويقلقنا، كالعنف الذي يولد الموت، وانعدام المساواة والفقر وكل أشكال التهميش الاجتماعي، لافتا إلى أن هذه الأوضاع لا تحصل في مناطق بعيدة إذ إنها موجودة أيضا في أبرشية روما، حيث هناك أشكال متعددة من الفقر فضلا عن أزمة الإسكان. وأشار الحبر الأعظم إلى أن الرب شأنا أن نعيش في زمن التحديات هذه التي لا بد أن نقبلها ونقرأها في ضوء الإنجيل، ونعيشها كفرصة للشهادة. وتمنى البابا أن يصبح الالتزام الرعوي مدرسةً نتعلم فيها كيف نبني ملكوت الله، مذكرا بأن الماضي القريب عرف كهنة قديسين تمكنوا من التوفيق بين محبتهم للواقع التاريخي وإعلان الإنجيل، من بينهم Primo Mazzolari و Lorenzo Milani اللذين كانا نبيَّين للسلام والعدالة.
في الختام عبر البابا عن قربه ومحبته لضيوفه واستعداده لمرفقتهم في مسيرتهم وقال: لنوكل إلى الرب حياتنا الكهنوتية وليساعدنا على النمو في الوحدة والمثالية والالتزام النبوي كي نخدم زمننا هذا.