الغلوتين هو مجموعة من البروتينات الموجودة في القمح والشعير (شترستوك)
عشتارتيفي كوم- الجزيرة نت/
هل يمكن أن يكون الخبز في شطيرتك، أو المعكرونة في سلطتك، أو القمح في فطورك.. سببا للاكتئاب؟
يعمل الباحثون على التحقق من هذه النظرية من خلال دراسات تظهر وجود صلة بين الغلوتين ومجموعة من حالات الصحة العقلية من قبيل اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه إلى الفصام.
تقول أستاذة الطب النفسي لأبحاث الأمراض العقلية في كلية الطب بجامعة ميريلاند في الولايات المتحدة الدكتورة ديانا كيلي لصحيفة تلغراف البريطانية: "كنت سأشكك لو قيل لي إنني سأدرس هذه العلاقة، كان تفكيري منصبا على العلاج والأدوية، لم أكن أعلم أن الطعام والنظام الغذائي يمكن أن يكونا دواء جيدا بالفعل".
وأمضت الدكتورة ديانا السنوات السبع عشرة الماضية في قيادة التجارب السريرية على الفصام والأمراض العقلية الشديدة، بالإضافة إلى نشاطها في أبحاث علم الأدوية النفسية، وبدأت ديانا رحلتها العلمية بتحليل بيانات من جنود خلال الحرب العالمية الثانية، وأظهرت الدراسة أن حالات دخول المستشفيات انخفضت خلال فترة نقص القمح.
ثم نظرت الدكتورة ديانا وزملاؤها في عمل الطبيب النفسي كورتيس دوهان في سبعينيات القرن الماضي، والذي كان ينشر حالات أشخاص مصابين بالفصام يتعافون باتباع نظام غذائي خال من القمح.
كما زار دوهان جزرا نائية في بابوا غينيا الجديدة، حيث لم يكن القمح جزءا من النظام الغذائي، ووجد أن الفصام غائب تقريبا، مقارنة بحدوثه لدى سكان المناطق الأخرى الذين يتناولون القمح.
ثم أتيحت للدكتورة ديانا فرصة إجراء تجربة سريرية واسعة النطاق لدراسة الأجسام المضادة التي ينتجها الجسم كرد فعل على الغلوتين، وما وجدته هو معدلات عالية جدا من الأجسام المضادة للغلوتين في أجسام المصابين بالفصام.
وقد قادتها نتائجها الآن إلى الاعتقاد بوجود صلة قوية بين وظائف الدماغ والأشخاص الذين يعانون من حساسية الغلوتين، وهي ليست الوحيدة.
وتشير الأدلة إلى أن تناول الأطعمة التي تحتوي على الغلوتين قد يكون مرتبطا بمجموعة من الأعراض النفسية، من خلال الاستجابة المناعية لدى ما يصل إلى واحد من كل 17 شخصا.
ما هي حساسية الغلوتين؟
الغلوتين هو مجموعة من البروتينات الموجودة في القمح والشعير، وهي حبوب أساسية موجودة في الخبز والمعكرونة والمعجنات والعديد من الأطعمة، ويعاني بعض الأشخاص من حساسية تجاه الغلوتين، وهذا يعني أن جهازهم المناعي يحارب الغلوتين كجسم غريب في الجسم.
ويعد الداء البطني (السيلياك) أشهر أنواع أمراض المناعة الذاتية المرتبطة بالغلوتين، ويسبب هذا الداء تلفا في الجهاز الهضمي، مما يؤدي إلى مجموعة من أعراض الجهاز الهضمي مثل الإسهال والانتفاخ وآلام المعدة، بالإضافة إلى التعب وفقدان الوزن والطفح الجلدي.
وينتقل الداء البطني (السيلياك) وراثيا، ويُشخّص عن طريق فحص الدم أو خزعة الأمعاء، ويرتبط هذا بنوع آخر من حساسية الغلوتين يسمى غالبا حساسية الغلوتين غير السيلياكية، وهو أكثر شيوعا بعشر مرات من الداء البطني. وغالبا ما تكون نتائج اختبارات الداء البطني سلبية لدى المصابين بحساسية الغلوتين غير السيلياكية. وتوضح ديانا أنه "من الصعب تشخيص شخص ما بحساسية الغلوتين غير السيلياكية".
الغلوتين والالتهاب
لم يدخل الغلوتين إلى أنظمتنا الغذائية إلا منذ حوالي 6000 عام، وترى ديانا "أن فكرة هضمه تمثل تحديا كبيرا لأجسامنا، ولا يتحلل تماما، فعندما يتناول شخص مصاب بحساسية الغلوتين شيئا يحتوي على الغلوتين -حتى لو كان معكرونة أو خبزا بنيا صحيا- يُنتج جسمه أجساما مضادة لمحاربته".
ويتحد نوعان من البروتين لتكوين الغلوتين هما الغليادين والغلوتينين، والنوع الأول هو الذي يحفز الاستجابة المناعية، ويمكن أن يسبب هذا التهابا ويساهم في تلف الأمعاء.
ويسمح ضعف جدار الأمعاء بتسرب الأجسام المضادة للغليادين من الأمعاء إلى مجرى الدم. تقول ديانا: "عندما يعبر الغشاء المخاطي للمعدة، يراه الجسم مادة غريبة لدى بعض الأشخاص".
الالتهاب والدماغ
ونتيجة لتسرب الأجسام المضادة للغليادين، قد يحدث الالتهاب في أجزاء أخرى من الجسم، بما في ذلك الدماغ. وعندما تصل الأجسام المضادة إلى الدماغ، قد تشمل الأعراض التي تظهر ليس فقط تشوش التفكير ونقص الطاقة، بل أيضا ضعف التحكم في المشاعر والقلق وتقلبات المزاج والهلوسة و/أو النوبات، والتي غالبا ما تكون مقاومة للعلاج بالأدوية.
تقول ديانا: "هناك سلسلة قصيرة من الأحماض الأمينية موجودة في القمح ترتبط ارتباطا وثيقا بالاستجابة المناعية، فإذا نظرت إلى تركيبها ستجد أنها مشابهة جدا لأحد المستقبلات الموجودة في الدماغ، لذلك قد لا تستطيع أجسامنا التمييز بينهما".
إحدى نظريات ديانا هي أن جهاز المناعة لدى بعض الأشخاص قد يهاجم بعض أنسجة الدماغ لأنها تشبه الغلوتين.
وتشير ديانا: "لدينا بحث يظهر أن هذه الأجسام المضادة لمستقبلات الدماغ تكون أعلى لدى الأشخاص الذين لديهم أجسام مضادة للغليادين".
ما الذي يسبب الاكتئاب والقلق؟
تعمل منطقة الدماغ المسماة اللوزة الدماغية على تهدئة الخوف والقلق. وتَبيّن أن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات القلق لديهم استجابة مبالغ فيها للوزة الدماغية عند تعرضهم لأحداث تثير القلق.