البابا يستقبل فيليبو غراندي ويتطرق معه إلى أوضاع اللاجئين في العالم (ANSA)
عشتارتيفي كوم- فاتيكان نيوز/
19 أيلول سبتمبر 2025
استقبل البابا لاون الرابع عشر يوم الخميس في الفاتيكان مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي وتم التطرق خلال اللقاء إلى قضايا عدة من بينها التهجير القسري، المصير المأساوي لضحايا الحروب، فضلا عن الأوضاع الراهنة في المناطق التي تشهد صراعات مسلحة، من بينها غزة وميانمار وأوكرانيا.
مما لا شك فيه أن المواضيع التي تناولها الحبر الأعظم مع الضيف الأممي ما فتئ يتحدث عنها ويسلط الضوء عليها منذ بداية حبريته لأربعة أشهر خلت، لاسيما الدعوة إلى احترام حياة الأشخاص وحقوقهم، والتنديد بعنف الحروب الذي يحمل انعكاسات خطيرة على حياة المدنيين. وقد جاء اللقاء بين الرجلين في الفاتيكان قبل أشهر قليلة على انتهاء ولاية فيليبو غراندي في الحادي والثلاثين من كانون الأول ديسمبر المقبل. وقد تطرق الرجلان بنوع خاص إلى الأوضاع الراهنة في غزة وأوكرانيا وميانمار ومناطق أخرى من العالم حيث يبدو جلياً أن القانون الإنساني الدولي بات يحتضر كما قال المسؤول الأممي في حديث لموقعنا الإلكتروني مضيفا أن صوت البابا لاون الرابع عشر واهتمام الكرسي الرسولي بالأزمات المنسية يكتسبان أهمية قصوى اليوم.
أكد غراندي أن لقاءه مع البابا، وهو الأول من نوعه، كان إيجابياً جداً، لافتا إلى أن البابا بريفوست وعلى غرار سلفه البابا فرنسيس، ملتزم جداً على صعيد الدفاع عن حقوق اللاجئين والمهاجرين. وأكد أنه تناول مع الحبر الأعظم أيضا الأزمات الراهنة في فلسطين وأوكرانيا، فضلا عن أفريقيا وصولاً إلى ميانمار. هذا ناهيك عن أزمات الهجرة التي تعاني منها أمريكا اللاتينية وهي قارة يعرفها البابا جيدا. وقال إن اللقاء كان مثمراً مع رأس الكنيسة الكاثوليكية الذي بدا مهتماً ومطلعاً على الأوضاع.
بعدها أوضح المسؤول الأممي أنه حدّث البابا عن النتائج التي تترتب على اقتطاع الإدارة الأمريكية للأموال المخصصة للمساعدات الإنسانية، وهو قرار يشمل عدداً كبيراً من المنظمات الإنسانية، ومنظومة المساعدات ككل. وهذا الواقع لا ينطبق على الولايات المتحدة وحسب إنما أيضا على عدد من الدول الأوروبية، شأن ألمانيا، فرنسا، والمملكة المتحدة، التي قلّصت مساعداتها، ووضعت المنظمات والوكالات الأممية في حالة من الأزمة المالية فباتت عاجزة عن تقديم الخدمات كما كانت تفعل في السابق.
وقال إنه حدّث البابا عن التشاد حيث كانت المساعدات الأمريكية تصل إلى نسبة خمسين بالمائة من مجموع المساعدات الدولية، العام الماضي، وقد تم تخفيضها بشكل كبير اليوم، مع العلم أن البلد يستضيف أسبوعياً مئات آلاف النازحين القادمين من السودان لاسيما من إقليم دارفور. ونظرا لغياب الدعم المطلوب يسعى المتاجرون بالبشر إلى إقناع هؤلاء الأشخاص البؤساء بالتوجه إلى ليبيا، ومنها إلى أوروبا، وأشار المسؤول الأممي إلى أن خفض المساعدات الدولية، فضلا عن كونه خطيرا من وجهة النظر الخلقية والإنسانية، تترتب عليه نتائج سلبية على الدول القلقة حيال تدفق المهاجرين غير الشرعيين إليها.
ردا على سؤال بشأن الأوضاع في غزة، قال غراندي إن المفوضية التي يرأسها ليست متواجدة في القطاع لأن مهمة إغاثة اللاجئين الفلسطينيين أُسندت إلى وكالة أخرى هي الأونروا، والتي تتعرض اليوم لضغوط كبيرة. وأضاف المسؤول الأممي أن اللسان يعجز عن وصف ما يجري في غزة، مشيرا إلى المجازر المرتكبة وإلى الضغوط الممارسة على السكان المدنيين، لطردهم من بيوتهم ومن أرضهم، هذا ناهيك عن الأعداد الكبيرة للقتلى، ومن بينهم أطفال، لاسيما من يُقتلون بحثاً عن لقمة العيش أي عن المساعدات التي مُنعت من الدخول إلى القطاع. واعتبر أن الوضع يشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي، وستبقى آثاره الكارثية لعقود، ولن تقتصر على الفلسطينيين وحسب، إنما ستعني أيضا إسرائيل والبشرية برمتها، لأنها لم تعرف كيف تتحمل المسؤوليات.
هذا ولفت غراندي إلى أن البابا لاون الرابع عشر عبر له عن ألمه الكبير حيال ما يجري في غزة، وقد أثار هذا الموضوع مرات كثيرة وبشكل واضح لا لبس فيه. وقال إن نداءات البابا من أجل وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن لم تلق آذانا صاغية، والمأساة لا تعرف وقفة. وأضاف أن الوضع سيء أيضا في الضفة الغربية حيث السياسات التي يمارسها المستوطنون تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، مشيرا إلى أنه أمضى سنوات طويلة من حياته في فلسطين، وكان الحوار صعباً آنذاك، شأن الدفاع عن حقوق الفلسطينيين وانتقاد الاحتلال، لكننا اليوم وصلنا إلى مستويات أشد خطورة وفداحة من الماضي.
في ختام حديثه لموقعنا الإلكتروني سُئل مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين عن وضع القانون الإنساني الدولي اليوم، وقال إنه يحتضر مع أننا نسعى إلى إنقاذه، مشيرا إلى ضرورة أن تُدرك أوروبا، التي تنعم بالسلام والأمن والطمأنينة، أن نهاية القانون الإنساني الدولي تشكل خطراً كبيراً على العالم كله، ليس فقط بالنسبة لسكان غزة أو ميانمار أو الكونغو، بل بالنسبة لنا جميعاً، لأنه عندما تزال الحواجز التي يفرضها هذا القانون لن يعرف العنف حدودا ويمكن أن يستهدفنا نحن أيضا.