عشتار تيفي كوم - الفاتيكان نيوز/
بمناسبة مسيرة الحياة السنوية التي تنظّمها اليوم في شيكاغو مؤسسة Les Turner ALS Foundation، وجّه قداسة البابا لاوُن الرابع عشر رسالة أبوية عبّر فيها عن قربه الروحي وتشجيعه لجميع المشاركين، من باحثين وعلماء ومقدّمي رعاية وعائلات وأصدقاء المتعايشين مع مرض التصلّب الجانبي الضموري (ALS). وأعرب الحبر الأعظم عن إعجابه بالتقدّم العلمي في فهم أمراض العصب الحركي وتخفيف معاناة المرضى، مذكّراً بأن قيمة الحياة البشرية لا تُقاس بالإنجازات بل بالمحبّة التي تُبذل في خدمة الآخر. كما شجّع المرضى على الثقة بعناق الله لهم، مؤكداً أنّ المحبّة أقوى من الموت، موجهاً كلمة عزاء ورجاء خاصّة إلى العائلات المفجوعة بأحبّائها.
قال الأب الأقدس يخبرنا إخوتنا وأخواتنا اليهود أن أحد المشاريع الكبرى التي أوكلها الله إلى العائلة البشرية هو إكمال وتحسين الخلق الجميل الذي وهبنا إياه، ويسمونه تيكون عولام (إصلاح العالم). وقد كتب سلفي البابا يوحنا بولس الثاني إن كان لا يمكن منع الفنان من استخدام إبداعه، كذلك لا ينبغي منع الذين يتمتعون بمواهب خاصة من أجل تقدم العلوم والتكنولوجيا من توظيف مواهبهم التي وهبهم الله إياها في خدمة الآخرين.
أضاف الحبر الأعظم يقول خلال السنوات العشر الماضية – باستخدام كل ما تملكون من معرفة وتعاطف لفهم أمراض العصب الحركي وتخفيف معاناة الأمراض التي تسببها – أحرزتم تقدماً ملحوظاً. وكما يشعر جميع الحاضرين هنا، أشعر أنا أيضاً بامتنان عميق لكم. وعن الساعات التي لا تُحصى التي تقضونها بمفردكم باحثين عن طرق للتقدم في أبحاثكم أو عن الموارد اللازمة لمواصلة عملكم الثمين، أطلب من الرجال والنساء الذين يجرون أبحاثاً علمية في مركز Les Turner ALS في مستشفى Northwestern Medicine وفي أماكن أخرى أن يقبلوا امتناني وتشجيعي.
تابع الأب الأقدس يقول كما أشعر بالامتنان لوجود هذا العدد الكبير من مقدّمي الرعاية: الأطباء والممرضين، اختصاصيي العلاج الوظيفي، اختصاصيي العلاج الفيزيائي، اختصاصيي علاج النطق، الأخصائيين الاجتماعيين، وقبل كل شيء الأصدقاء وأفراد العائلة. إن رعايتكم وتعاطفكم مع الذين يعيشون مع مرض التصلّب الجانبي الضموري (ALS) وغيره من أمراض العصب الحركي هو مصدر إلهام لي وللكثير من الأشخاص الآخرين. وكما يروي لنا أصدقاؤنا المسلمون، يقال في الحديث الشريف إن ٧٠ ألف ملك يحضرون عند قدوم مقدّمي الرعاية صباحاً، و٧٠ ألف ملك آخرين عند قدومهم مساءً. وأؤمن أنكم أنتم أيضاً ملائكة.
أضاف الحبر الأعظم يقول بتفانٍ ومعرفة ومهارة، أنتم تعتنون بإخوتنا وأخواتنا المصابين بمرض التصلّب الجانبي الضموري من العائلة، الأصدقاء، وأشخاص كانوا غرباء في الماضي. وغالباً ما تُقدَّم هذه الرعاية بتضحية شخصية كبيرة. وباعتباركم أفراد عائلة وأصدقاء يشاركون في العناية اليومية بالمصابين بمرض التصلّب الجانبي الضموري، أنتم تُظهرون لنا أجمل ما في الإنسانية. أنتم السامريون الصالحون الذين تحدّث عنهم يسوع.
تابع الأب الأقدس يقول اسمحوا لي أن أقول كلمة لكم أنتم الذين تعيشون مع مرض التصلّب الجانبي الضموري: أنتم تحتلون مكانة خاصة في أفكاري وصلواتي. لقد نلتم عبئًا ثقيلاً لتحملوه. وكم أودُّ لو لم يكن الأمر كذلك. لكن مع ذلك، فإن معاناتكم تقدم فرصة لاكتشاف وتأكيد حقيقة عميقة: إن قيمة الحياة البشرية لا تعتمد على الإنجازات التي نحققها. إن جودة حياتنا تعتمد على المحبة. ففي معاناتكم يمكنكم أن تختبروا عمقاً جديداً للمحبة البشرية لم تعرفوه من قبل. يمكنكم أن تنموا في الامتنان لكل ما كان، وللأشخاص الذين يعتنون بكم اليوم. يمكنكم الآن أن تنمّوا إحساساً عميقاً بجمال الخليقة، وبالحياة في هذا العالم، وبسرّ المحبة. أصلّي من أجلكم. أصلّي لكي لا تدعوا الإحباط أو فقدان الأمل أو اليأس يتغلبوا عليكم، بل أن تستسلموا لسرّ الوجود البشري، ولمحبة مقدّمي الرعاية لكم، ولعناق الله لكم.
وخلص البابا لاوُن الرابع عشر إلى القول وأخيراً، بضع كلمات لأولئك الذين يعيشون الحداد. بعد أن اعتنيتم بأحبائكم المصابين بمرض التصلّب الجانبي الضموري، أنتم الآن تبكون رحيلهم. أنتم لم تنسوهم. بل إن محبتكم قد تنقّت بخدمتكم لهم، ثم بألم فراقهم. لقد تعلمتم، ومع كل يوم تتعمقون أكثر في السرّ الأعمق: الموت ليس الكلمة الأخيرة، وإنما الحب ينتصر على الموت. كما أود أن أوجه تحية خاصة إلى هارفي وبوني غافن. لحوالي خمسين عاماً، أيها السيد والسيدة غافن، حافظتما على ذكرى – لا، على حياة – ليس تيرنر. إنَّ محبتكما للسيد تيرنر، وكذلك إخلاصكما وحيويتكما، قد أغنيا حياة الكثيرين. انظروا حولكم اليوم. جميع هؤلاء الأشخاص هم هنا من أجلكم، ومن أجل عظمة قلبيكما. شكراً لكما، هارفي وبوني. ومرة أخرى، أشكركم جميعًا على حضوركم. شكراً لدعوتكم لي. شكراً لمؤسسة Les Turner ALS التي جمعتنا اليوم. وليكن هذا اللقاء مصدر بركة لنا جميعاً.