عشتار تيفي كوم - الفاتيكان نيوز/
تمحورت الكلمة التي ألقاها الحبر الأعظم حول مواضيع متعددة من بينها الكرامة والريبة والجمال والخوف والتهميش والانثقاف، فضلا عن الصلاة والعمل والمرافقة والتربية. وشاء لاون الرابع عشر أن يعبّر لشعب الروم والسنت، والغجر عموماً، عن قرب الكنيسة الكاثوليكية من جماعة تعيش غالباً على هامش المجتمع، مشجعاً إياها في الوقت نفسه على أن تكون رائدة للتغيير، وطلب من ضيوفه أن يسيروا جنباً إلى جنب مع الأشخاص ذوي الإرادة الصالحة، وأن يتخطوا مشاعر الريبة، وأن يكشفوا للجميع عن جمال ثقافتهم وأن يتقاسموا الإيمان مع كل الأشخاص. ولفت إلى أن إيمانهم قوي وأن رجاءهم في الله لا يتزعزع، ولا يستسلم أمام متاعب الحياة التي تكون غالباً على هامش المجتمع، وتمنى أن يكون سلام المسيح في قلوبهم وفي قلوب العديد من الأشخاص الذين يسيرون إلى جانب هذه الجماعات دون أن يعرفوا التعب.
بعدها ذكّر الحبر الأعظم بأن هذا اليوبيل يتزامن مع الذكرى السنوية الستين لأول لقاء عالمي عقده البابا بولس السادس مع شعوب الروم والسنت في منطقة بوميتسيا، القريبة من روما، وذلك في السادس والعشرين من أيلول سبتمبر ١٩٦٥، ويبقى شاهداً على هذا اللقاء التاريخي تمثال العذراء المعروض في الفاتيكان بعد أن حملته هذه الجماعة خلال رحلات حجّ، ثم سلمته إلى كنيسة روما. وشدد لاون الرابع عشر على أن لقاءات الأحبار الأعظمين مع شعوب الروم والسنت شكلت وتشكل علامة للحوار الحيّ والخدمة الرعوية الخاصة بهم، هم من يشكلون جزءاً لا يتجزأ من شعب الله الحاج. وقال في هذا السياق إن الله الآب يحبهم ويباركهم، كما أن الكنيسة تحبهم وتباركهم، ولا بد أن يضعوا ثقتهم بالله وحده، وألا يتسمكوا بالممتلكات الأرضية، وأن يعكسوا إيمانهم المثالي قولا وفعلا.
هذا ثم شدد البابا على أن قلب الكنيسة، بطبيعته، متضامن مع الفقراء والمبعدين والمهمشين، ومع جميع الأشخاص الذين يُعتبرون من رواسب المجتمع. وذكّر بأن الرحّل والحجاج عاشوا لمئات السنين في بيئات كانت فيها نماذج التنمية مجحفة وغير مستدامة. ولهذا السبب قامت المجتمعات المسماة بالمتقدمة بإبعاد هذه الجماعات وإقصائها فوجدت نفسها تعيش على هامش المدن، كما على هامش الحقوق والتربية والثقافة. ولفت إلى أن هذه المجتمعات نفسها هي التي خلفت، في القرن الماضي، أوضاع الظلم الاجتماعي، وأحدثت خللا اقتصادياً بين الأشخاص والشعوب، وولّدت أزمات مالية لا سابق لها، وكوارث بيئية وحروبا. وإزاء هذا السيناريو القاتم أطلقت الكنيسة رسالة معاكسة للتيار، مشيرة إلى أن القيم التي يجسدها الفقراء بكرامة كبيرة وفخر هي التي ينبغي أن ننظر إليها إذا ما أردنا أن نغيّر المسار.
تابع لاون الرابع عشر خطابه متوقفاً عند كلمات البابا الراحل بندكتس السادس عشر الذي دعا الأشخاص إلى التحرر من تجربة الامتلاك، ومن التعلّق بالأمور المادية، كي يتمكنوا من متابعة المسيرة بالروح القدس، وكي يكونوا فقراء بالروح، وبالتالي طوباويين. كما ذكّر أيضا بكلمات البابا فرنسيس الذي شدد على أهمية أن يكون للإنسان قلباً كبيراً لا يعرف الحقد والضغينة، كي يسير إلى الأمام بكرامة الأسرة والعمل والصلاة وكرامة كسب لقمة العيش بعرق الجبين.
في ختام خطابه توجه البابا إلى العاملين الرعويين وشجعهم على مواصلة العمل من أجل بلوغ الأهداف التي صاغها المؤتمر العالمي الرابع لرعوية الغجر، ألا وهي التربية، التنشئة المهنية، الاهتمام بالعائلة والجماعة، انثقاف الليتورجيا والتعليم المسيحي، فضلا عن الحوار المسكوني والحوار ما بين الأديان. وتمنى لاون الرابع عشر أن تطور كل أبرشية برامج تولي اهتماماً رعوياً خاصا بتلك الجماعات، وتعزز التنمية البشرية المتكاملة.
وبعد أن ألقى الحبر الأعظم كلمته أجاب على أسئلة طرحها عليه بعض الصغار، من بينها سؤال بشأن علاقة الصداقة مع يسوع، وأجاب قائلا إن هذه العلاقة تولد بواسطة الصلاة وكلمة الله، كما من خلال الأسرار وحياة الكنيسة، مشيرا إلى أن علاقة الصداقة تنمو وتتقوى من خلال التعرف على الآخر بشكل أفضل. وفي معرض إجابته على على سؤال بشأن الحرب قال إن جميع البشر يريدون أن يعيشوا في عالم خال من الحروب، لذا لا بد أن نعمل دائماً على تعزيز السلام وبناء الجسور تحركنها القناعة الراسخة بأن العيش بسلام أمر ممكن وليس مجرد حلم.