
عشتارتيفي كوم- ايبارشية اربيل الكلدانية/
احتفل راعي الأبرشية، مار بشار وردة، بقدّاس عيد ميلاد ربّنا يسوع في كنيسة الشهداء، يرافقه الأب أنيس يعقوب، راعي الخورنة، وبمشاركة جمعٍ غفير من المؤمنين.
انطلقت الاحتفالية عند الساعة الثامنة مساءً بإشعال شعلة الميلاد، في أجواءٍ روحية مفعمة بالفرح والرجاء، ثم دخل موكب الجوق والشمامسة إلى الكنيسة، ليبدأ بعدها قدّاسٌ احتفالي تميّز بتراتيل ميلادية وليتورجيا مهيبة عبّرت عن فرح الكنيسة بسرّ التجسّد. وقدّم سيادته الذبيحة الإلهية على نيّة مؤمني الأبرشية جميعًا، ولاسيّما على نيّة المؤمنين الراقدين.
وفي كلمته الافتتاحيّة، رحّب سيادته بالمؤمنين، معبّرًا عن شكره الصادق لكلّ من قدّم التهاني بأعياد الميلاد، ولاسيّما إخوتنا المسلمين الذين يشاركوننا أفراحنا وأحزاننا، كما نحرص نحن أيضًا أن نشاركهم مناسباتهم. وتوقّف عند حادثة التعرّض لمقابر المسيحيين في أرموطة وشقلاوة، معتبرًا إيّاها فعلًا مؤلمًا جرح الذاكرة وأثار القلق، من دون أن يمسّ كرامة أبناء هذه الأرض أو رجاءهم. وأكّد أنّ الحفاظ على العيش المشترك هو مسؤوليّة الجميع، لا طرفًا واحدًا ولا الحكومة وحدها، بل كلّ إنسان من خلال كلمته وتصرفه، مشدّدًا على الرجاء بأن يكون العراق بيتًا واحدًا يتّسع للجميع، وداعيًا إلى اختيار الحكمة والكلمة الهادئة وروح السلام التي يحملها عيد الميلاد.
وفي عظته، توقّف راعي الأبرشية عند العبارة الإنجيلية: «لم يكن لهما موضع»، موضحًا أنها لا تعبّر عن رفضٍ مباشر بقدر ما تكشف واقعًا إنسانيًا مألوفًا، حيث تمتلئ الحياة بالانشغالات والهموم فلا يبقى متّسعٌ لله. وأكّد أن الله غالبًا لا يُقصى بعداء، بل بالضجيج اليومي وكثرة المسؤوليات.
وأشار إلى أن الله، في سرّ الميلاد، لا يقتحم حياة الإنسان بالقوة، بل يأتي بهدوء طفلٍ ينتظر أن يُستقبل، طالبًا لا مكانًا مثاليًا، بل قلبًا مفتوحًا ولو كان صغيرًا ومتعبًا. ودعا المؤمنين إلى إعادة النظر في تفاصيل حياتهم اليومية، مؤكّدًا أن صنع موضع لله يبدأ بخطوات بسيطة: لحظة صمت، صلاة قصيرة، إصغاء صادق، أو موقف غفران.
كما شدّد على أن الخلاص لا يتحقّق بالسيطرة أو التخبّط، بل بالثقة وفتح الأيدي لله، الذي لا يجذب الإنسان بعنف، بل يحمله بحنان. وختم بالتأكيد أن الميلاد دعوة دائمة لإفراغ مساحة في القلب والحياة، لأن استقبال الله يبدّل الداخل، ويجعل الإنسان أكثر رحمة وسلامًا، ويحوّل أبسط الأمكنة إلى موضع يليق بحضوره الإلهي.
وفي ختام القدّاس، بارك سيادته راعي الخورنة والمؤمنين، متمنيًا للجميع عيد ميلادٍ مملوءًا بالسلام والرجاء والفرح.