© Photo / unsplash/National Cancer Institute
عشتارتيفي كوم- وكالة سبوتنك/
حتى وقت قريب، كان سرطان الزائدة الدودية من الأمراض النادرة لدرجة أن معظم الناس لم يولوها أي اهتمام. فعلى مدى عقود، كان هذا المرض من النوع الذي قد يصادفه الطبيب مرة أو مرتين فقط خلال مسيرته المهنية، وكان يُشخَّص في الغالب لدى كبار السن.
وقال موقع "ساينس أليرت" إن ثمة اتجاهًا مقلقًا بدأ يظهر الآن، حيث ارتفعت معدلات تشخيص سرطان الزائدة الدودية، وانتشر بين الأشخاص في الثلاثينيات والأربعينيات من العمر وحتى الأصغر سنًا. هذا التحوُّل أثار حيرة الخبراء وجعلهم يبحثون عن إجابات.
كشفت دراسة جديدة نُشرت في "Annals of Internal Medicine" عن زيادة كبيرة في حالات سرطان الزائدة الدودية بين المولودين بعد سبعينيات القرن الماضي، بل تضاعفت معدلات الإصابة ثلاث أو أربع مرات بين الأجيال الأصغر سنًا مقارنة بمن وُلدوا في الأربعينيات.
ورغم أن الأعداد الإجمالية ما زالت صغيرة (إذ يصيب هذا النوع من السرطان بضعة أشخاص فقط من كل مليون سنويًا)، إلا أن الارتفاع السريع ملفت. والأكثر لفتًا للانتباه أن نحو ثلث الحالات تُشخَّص الآن لدى أشخاص تقل أعمارهم عن 50 عامًا، وهي نسبة أعلى بكثير مقارنة بأنواع سرطانات الجهاز الهضمي الأخرى.
لا أحد يعرف على وجه اليقين سبب هذه الطفرة، لكن أحد أبرز العوامل المشتبه بها هو التغير الكبير في نمط الحياة والبيئة خلال العقود الماضية. فقد ارتفعت معدلات السمنة بشكل كبير منذ السبعينيات، وهي عامل خطر معروف للعديد من السرطانات، بما فيها سرطانات الجهاز الهضمي.
في الوقت نفسه، تحولت الأنظمة الغذائية نحو المزيد من الأطعمة المصنعة والمشروبات السكرية واللحوم الحمراء أو المصنعة، وكلها مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بالسرطان في أجزاء أخرى من الأمعاء. كما انخفض النشاط البدني، مع قضاء المزيد من الناس ساعات طويلة في الجلوس أمام المكاتب أو الشاشات.
احتمال آخر يتمثل في تعرضنا لعوامل بيئية جديدة لم تواجهها الأجيال السابقة، مثل التصنيع الغذائي، والاستخدام الواسع للبلاستيك والمواد الكيميائية، والتغيرات في جودة المياه. لكن الأدلة على ذلك لا تزال في مراحلها الأولى.
ما يزيد من صعوبة التعامل مع سرطان الزائدة الدودية هو صعوبة اكتشافه. فبخلاف سرطان القولون الذي يمكن اكتشافه مبكرًا عبر الفحوصات، عادةً ما يمر سرطان الزائدة الدودية دون أن يُلاحظ.
الأعراض، إن ظهرت، تكون غامضة وسهلة التجاهل، مثل ألم خفيف في البطن أو الانتفاخ أو تغيرات في حركة الأمعاء، وهي شكاوى شائعة لحالات غير خطيرة. نتيجة لذلك، تُكتشف معظم الحالات بعد الخضوع لجراحة استئصال الزائدة الدودية بسبب الاشتباه بالتهابها، وغالبًا ما يكون الوقت قد فات للتدخل المبكر.
ورغم ارتفاع الحالات، لا يوجد فحص روتيني لهذا النوع من السرطان نظرًا لندرته، كما أن تصوير الزائدة الدودية بالطرق التقليدية صعب. لذا، يجب على المرضى والأطباء أن يكونوا متيقظين. فإذا استمرت أعراض البطن غير المعتادة، خاصة لمن هم دون الـ50، فلا يجب تجاهلها، لأن الكشف المبكر والعلاج السريع يمكن أن يُحدثا فرقًا كبيرًا في النتائج.
حاليًا، أفضل نصيحة هي التركيز على الوقاية والتوعية. فالحفاظ على وزن صحي، واتباع نظام غذائي متوازن غني بالفواكه والخضروات والحبوب الكاملة، وممارسة النشاط البدني، كلها إجراءات تقلل خطر الإصابة بالعديد من السرطانات. كما أن تجنب التدخين والحد من الكحول مهمان أيضًا.