«خريطة طريق» تهدف إلى معالجة الأزمة في محافظة السويداء وضمان استقرار الجنوب السوريّ | مصدر الصورة: المرصد السوري
عشتارتيفي كوم- آسي مينا/
السويداء, السبت 20 أيلول سبتمبر، 2025
في خطوة لافتة، أعلنت كلٌّ من سوريا والأردن والولايات المتّحدة الأميركيّة التوصّل إلى «خريطة طريق» تهدف إلى معالجة الأزمة في محافظة السويداء وضمان استقرار الجنوب السوريّ. الاتّفاق الذي وُصف بأنّه ذو أبعاد سياسيّة وأمنيّة واجتماعيّة، يُثير تساؤلات واسعة لناحية انعكاساته على مسيحيّي المحافظة الذين عانوا في يوليو/تمّوز الماضي التهجير والاعتداءات على بيوتهم وممتلكاتهم.
من أبرز ما تضمّنه الاتّفاق، نشر قوّات تابعة لوزارة الداخليّة السوريّة (لا وزارة الدفاع) على طريق السويداء – دمشق، بدعم مباشر من الأردن والولايات المتّحدة. ويُفترض أن تُسهم هذه القوّات في تأمين حركة المواطنين والتجارة، وإرساء حدّ أدنى من الأمان. كذلك، نصَّ الاتّفاق على انسحاب القوّات الحكوميّة من داخل المحافظة، والاكتفاء بنشرها قوّات شرطة على حدودها. أمّا داخل السويداء فسيتكوّن جهاز الشرطة وقادته من أبناء السويداء أنفسهم، في خطوة يُنظر إليها على أنّها نوع من «الحكم الذاتيّ الأمنيّ».
تفتح «خريطة الطريق» هذه البابَ أمام عودة مسيحيّي السويداء إلى قراهم المدمّرة التي يُقدَّر عددها بنحو 12 قرية هجّرت منها حوالى 130 عائلة مسيحيّة، وذلك على الرّغم من تعرّض ممتلكات هؤلاء للحرق أو النهب. وأعلنَ الاتّفاقُ التزامَ الحكومة السوريّة إعادة إعمار القرى المتضرّرة كلّها، بما فيها الممتلكات الخاصّة، على أن تُساعد المملكة الأردنيّة والولايات المتّحدة على تأمين التمويل اللازم. ويُعدّ هذا الالتزام من النقاط الأكثر حساسيّة، إذ يعكس اعترافًا رسميًّا بالمعاناة التي عاشها سكّان السويداء، بمن فيهم مسيحيّوها، ويطرح تساؤلات حول مدى إمكان تطبيقه بكلّ تفاصيله المُعلَنة.
كذلك، نصَّ البند العاشر من الاتّفاق على مبادرة الأردن (بالتنسيق مع دمشق) بدعوة المكوّنات المحلّية في السويداء، ومن بينها المسيحيّون، إلى عقد اجتماعات تُسهم في تحقيق المصالحة. واعتبر ناشطون أنّ هذه الترتيبات تُشبه «فدراليّة غير مُعلَنة رسميًّا». وهو ما عبَّر عنه الأب طوني بطرس، كاهن كنيسة القدّيس فيليبس في مدينة شهبا - السويداء، والذي قال في فيديو مصوّر: «لم تعد هناك ثقة في التعامل، لذلك نريد تقرير مصيرنا وأن نعيش ضمن فدراليّة مستقلّة، وهذا لا يعني تقسيم سوريا».
هشاشة الأمن تعصف بالمسيحيّين
في موازاة هذه التطوّرات، تتواصل الاعتداءات الفرديّة على المسيحيّين في مناطق أخرى من البلاد، وسط فوضى أمنيّة. في طرطوس، تعرّض «بار زاروب» الذي يملكه شاب مسيحيّ، لعمليّة اقتحام نفّذها مسلّحون ملثّمون حطّموا محتوياته واعتدوا على أحد العاملين فيه، وذلك للمرّة الثانية في خلال أربعة أشهر، وهو ما يعكس غيابًا فعليًّا للقانون. هذا الأمر أقرَّ به أحد عناصر الأمن في محطّة الحافلات (القابون - دمشق) عندما منع أحد الراكبين من السفر وهو يلبس «الشورت»، قائلًا له: «لا يوجد قانون يمنع ذلك، لكن هذا ديننا وشريعتنا».
أمّا في حمص، فخُطِف شابّ مسيحيّ (ش. ل) قرب كنيسة الأربعين شهيدًا، وتعرَّض للضرب والسرقة والإهانة، ووُصف بـ«الكافر»، وأجبِر على ترديد عبارات دينيّة إسلاميّة، ثمّ تُرِكَ في منطقة نائية. وفي حادثة أخرى، اختُطِف عبد الرزاق حبابة، وهو مسيحيّ من قرية «زيدل» بريف حمص، قبل أن يُفرج عنه في قرية «كفر عبد» بعد أقلّ من 12 ساعة، وسط أنباء عن تدخّل خارجيّ في قضيّته.
كنيسة سيّدة البشارة في قرية المزرعة - السويداء بعد تخريبها في الصيف الماضي. مصدر الصورة: صفحة «المسيحيّون في سوريا» في فيسبوك