اذا كانت مغاليق بعض الاعمال الابداعية و لا سيما القصة او الرواية تظل طي الكتمان او التأويل غير المدرك في محاولة لاكتناه ما وراء السطور فليس معنى ذلك ان ثمة خللا او اجترارا منظما لما هو مخفي وراء الستار فالكتابة عملية اجترار لكنها اجترار من نوع متفرد يمنحنا طاقة ديمومة التفكير لاكتشاف واستبطان ما هو مخفي لوضع بدائل اخر مع انها مدفونة نخلقها نحن لكي تتحول في النهاية الى شيء ضبابي لكن ثمة شموسا وراء هذا الضباب سيكشف التعتيم غي المقصود الذي لا يفهمه الا القلة لعجز في الفهم والادراك القصصي فحين تقرأ عملا ابداعيا فأنك لا شك ستتساءل وبشيء من الحيادية هل امسكت الخيط الذي اراده السارد ليكن كما قال (جان كوكتو) صادقا القصة او الفن ضرورة واه لو كنت اعرف لماذا ؟
فقيام القصة على مبنيين ظاهري وداخلي يمنح القصة عمقا خاصا يجعلها مليئة بالايحاءات قابلة للفروض والاحتمالات وبقوة الرمز وتجدد ضروب التفسير تحتفظ القصة بالديمومة وتجدد فيها الطاقات برغم تغير الظروف فاذا شاءت القصة التي تشبثت بالواقعية المطلقة ان تعوض الرمز كان لا بد لها ان تحفل بزخم فني عجيب اما ان تكتشف كقارئ انك اوحيت لنفسك انك الوحيد الذي فسر الامور واطاها من الانفلات الفكري ان صح التعبير فانك واجد نفسك في النهاية في بئر عميق لا قرار له .
وهذا يتوجب منك طاقة ذهنية عجيبة لاستبطان الامور المخفية خارج السرد الذي بين يديك فنحن حسب الناقد الفرنسي سوسير يمكننا مقارنة اللغة بصفحة من الورق الفكر وجهها الصوت ظهرها بحيث لا يمكن قطع الوجه من دون ان نقطع الظهر وهذا ما يدلل على الارباك الذهني الذي سيصيبك وانت تقرأ عملا لا يترك في نفسك بعدا خاصا وتفسير معقولا لما يحدث .
وهل تركت اعمال همنغواي ودستويفسكي وستيفان زفايج غي الوضوح في الطرح والمعالجة ومخاطبة الذات من دون الرجوع الة قواميس فلسفية وارهاصات وجدانية هي اقرب الى لعبة اطفال صغيرة فما هي اللعبة القصصية او الفنية اذا كانت بعيدة عن الروح المتجردة من كل المداخل التي توصلك الى حالة فهم واضح لما تريد وعلى هذا نكون قد حققنا هدفا غامضا هو اكتشاف ذواتنا في عمل ادبي مفعم بالنرجسية وحتى النهلستية التي هي في اخر المطاف عملية جنون غي منضبط وليس له ضلة بشيء اسمه الادب .