(صوتك يبني) من هذه العبارة المقتضبة ذات المعنى الكبير، تنطلق حملة لتوعية المواطن حول المشاركة الفاعلة في الانتخابات، التي كانت أمنية فيما سبق، والان أصبحت واقع يستطيع منها الناخب تغيير ما يمكن تغييره من حال البلد، ونقله من مكانة إلى ما هو أرقى وأسمى...
لذلك عندما نقول: التوازن قانون عقلي يتفق عليه الكل، يحقُ لنا أن نسأل: لماذا يريد البعض عدم حصول التوازن السياسي؟! وذلك بعدم المشاركة في الانتخابات أو بالحث على عدم المشاركة!
مِنْ لم يقرأ كتاب (جمهورية أفلاطون) فهو إنسان يجهل بناء الدولة وإدارتها؛ في هذا الكتاب بَيّنَ أفلاطون عدة أنظمة لإدارة الدولة، وبغض النظر عن الغث والسمين، والرديء والسيء، في أنواع هذه الانظمة، يوصلك الكتاب إلى نتيجة مفادها: لا بُد من وجود نظام سياسي قادر على تنظيم أمور الدولة.
حتى لا نعود للماضي السياسي في العراق ومآسيه، دعونا نتحرك فيما بعد النظام البعثي القمعي الدكتاتوري، بمعنى بعد عام 2003م؛ لأول مرة في العراق يكتب دستور يتم التصويت عليه بالاقتراع العام، حيثُ بَيّنَ وحدد هذا الدستور المُصوت عليه من الشعب، نوع سياسة الدولة وكيفية إدارتها ونوع نظامها السياسي، وأن السبيل لوصول أشخاص معينين لإدارة كفة الحكم يكون عن طريق الانتخابات.
كفل الدستور والانتخابات توازناً سياسياً يتم من خلاله اختيار ممثلين عن كافة شرائح المجتمع العراقي، يصلون من خلال تشريعاتهم إلى حلول لجميع المشاكل العالقة للمواطن والمجتمع، وإقرار السلم والأمان والتطور في كافة مجالات الحياة، مع ادارة التفاهمات الخارجية مع الدول الاخرى، وبغير ذلك يصبح مجتمعنا تحت حكم وتحكم العصابات، وتعمه الفوضى والانفلات لا سمح الله.
إن الذين يقاطعون الانتخابات ويدعون لمقاطعتها إنما هم يعلنون رفضهم للتوازن السياسي، وليس للعملية السياسية كما يدعون، وإلا فقد كفل الدستور المعارضة ورفع صوت الحق (كما يرون)، وإيصال آرائهم ومقترحاتهم من خلال قبة البرلمان أو الخروج بمظاهرات لبيان مطالبهم، فإن كانوا أقلية في تكوينهم السياسي، ويريدون فرض ارادتهم على الاخرين فهذا مرفوض عقلاً ووجداناً، لأن النظام الديمقراطي يعني حكم الأغلبية لا التفرد بالرأي والتي تعني الدكتاتورية لا محال.
يذمون الفاسدين، ويتركون الانتخابات! إذن كيف تطلبون التغيير!؟ (كُلُّ حِزْبٍ بمَا لَديْهِمْ فَرِحُونَ) كل حزب لديه جمهوره الذي سينتخبه، وأنت مِن لكَ؟ كيف تحصل على حقوقك وأنت تترك حقك بالانتخاب؟
للمواطن حق أساسي، وهو أن يشارك في الحكم وإدارة الشؤون العامة لبلاده. كما يحقّ له أن ينتخِب ويُنتخَب في انتخابات دورية من دون التعرّض لأي تمييز، لأنّ إرادة الشعب التي يعبّر عنها في صناديق الاقتراع هي مصدر السلطة في الحكم الديمقراطي. تنصّ المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكذلك المادة 25 من الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية، إضافة إلى صكوك دولية أخرى حول حقوق الإنسان، على تلك المفاهيم التي يتمحور حولها المبدأ القائل بأنّ الانتخابات هي ملك الشعب، وأبرز مقومات الديمقراطية الحقّة. فلا تهدر حقك.....
بقي شيء...
صوتك يبني المستقبل، لك ولعائلتك ولأولادك، فلا تضيعه وتذهب وراء المجهول، ولات حين مندم.