الدكتور رامي جوزيف يستقبل منسق وكالة تيكا في العراق ويبحث دعم المكونات الدينية      تصاعد العنف ضد المسيحيين في سوريا الجديدة      رئيس الديوان يستقبل رئيس طائفة الأدفنتست السبتيين الانجيلية لمناقشة أوضاع الطائفة      قداسة البطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني يستقبل وفدًا من سكرتارية الدولة السويسرية لشؤون الهجرة      اللغة السريانية في العراق هوية تتوارثها الأجيال      انفراج أزمة مدارس الكنائس في الجزيرة السوريّة      غبطة البطريرك يونان يستقبل سيادة مطران الأرمن الكاثوليك في العراق نرسيس زباريان، بغداد – العراق      الإعلامي ريكارد جورج درياويش ينال الماجستير من قسم الفلسفة – جامعة صلاح الدين/ أربيل      بالصور.. تذكار مار كيوركيس - كنيسة مار كيوركيس في ديانا/ 3 تشرين الثاني 2025      تصريح صحفي صادر عن المدير التنفيذي للمرصد الآشوري لحقوق الإنسان حول استهداف مستقبل أطفالنا عبر أزمة المناهج في شمال وشرق سوريا      من الخيال إلى الواقع.. خاتم ذكي يحاورك بصوتك      "جائزة السلام" الجديدة من الفيفا.. ما هي؟      ضريح بطرس الرسول ومذبح الاعتراف... قلب الفاتيكان النابض      مسرور بارزاني يعلن بدء مرحلة جديدة من التنمية والإعمار لتحويل أربيل إلى أهم المدن السياحية العالمية       مجلس القضاء الأعلى: إطلاق سراح 37 ألف مشمول بالعفو المعدَّل.. واسترداد أكثر من 40 مليار دينار      من الحقن إلى الأقراص.. سباق متسارع لإنتاج حبوب إنقاص الوزن      أوكرانيا "شريك متقدم" في قوة التدخل السريع الأوروبية      وزارة النقل: الخط السككي وصل لـ 83% والتنسيق مستمر بين بغداد وأربيل حول مشروع طريق التنمية      جيل Z والإجهاد الرقمي.. معضلة النوم في عصر الإنترنت      رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"
| مشاهدات : 855 | مشاركات: 0 | 2025-10-16 07:34:14 |

‏العراق بين عطش دجلة وصمت أنقرة

محمد النصراوي

 

 

‏‏صار النهر اليوم خبراً بيئياً لا حياةً يومية، فدجلة الذي كان يهب الرافدين خصبهما الأبدي، أصبح يهبط عاماً بعد عام، حتى غدا صوته أشبه بأنينٍ طويلٍ من أعالي الأناضول إلى مصب شط العرب، وبينما يتجادل السياسيون في بغداد وأنقرة حول "حصةٍ عادلة"، يعيش ملايين العراقيين تحت خط العطش، في قرىً جفت آبارها وحقولها وتبدلت ملامحها.

‏المشكلة لم تعد فنيةً أو هندسيةً فحسب، بل سياسيةً بامتياز، فتركيا بنت خلال العقود الماضية أكثر من ٢٠ سداً على دجلة والفرات، ضمن مشروع "غاب" العملاق، لتتحول منابع النهرين إلى أداة ضغطٍ جيوسياسي، في المقابل، ظل العراق يتعامل مع المياه كأنها قدرٌ سماوي لا يخضع للمساومة، ولم يبنِ سياسةً مائية واضحة ولا استراتيجيةً تفاوضية طويلة المدى؛ ولهذا، كلما تقلص منسوب النهر، تقلص معه نفوذ بغداد.

‏الأزمة اليوم ليست في فقدان الماء فقط، بل في فقدان التوازن بين الدولتين، فأنقرة تتحدث بلغة "المنافع المشتركة"، فيما بغداد ترد بلغة "الحقوق التاريخية"، الأولى تُحرك الجرافات، والثانية تصدر البيانات، هذا التفاوت في الرؤية جعل العراق يبدو كمن يطالب بالماء من موقف ضعف، لا من موقع شريكٍ او قوة.

‏لكن خلف كل هذا الجدل السياسي، هناك وجعٌ إنساني عميق، المزارع الذي كان يسقي أرضه من جدولٍ صغير صار يحلم بصهريج ماءٍ يشرب منه واسرته، والمدينة التي عاشت على رائحة الطين أصبحت تتنفس غبار التصحر؛ إن الماء في الخيال العراقي لم يكن مجرد مورد، بل جزءاً من الهوية، نهرٌ يربط الإنسان بأرضه، والتاريخ بذاكرته، حين يجف النهر، لا تجف الأرض فقط، بل تنكسر علاقة الإنسان بماضيه.

‏الأمر الأخطر أن هذا العطش يتسلل إلى السياسة نفسها، فيُعيد رسم خرائط النزوح والتوتر الاجتماعي، محافظات الجنوب تئن من تراجع الزراعة، والعطش يتصاعد، فيما النزوح الداخلي نحو المدن الكبرى يتزايد، إنها بداية هجرةٍ صامتة، لا تُقاس بالأرقام بل بتبدل الوجوه والأماكن.

‏أمام هذا المشهد، يحتاج العراق إلى ما هو أبعد من "اتفاقٍ تقني"، يحتاج إلى رؤيةٍ وطنية تجعل من الماء قضية أمنٍ قومي، لا بنداً تفاوضياً، فالأمن المائي هو وجهٌ آخر للأمن الاقتصادي والغذائي بل وللسيادة نفسها.

‏الماء في العراق لم يعد مجرىً طبيعياً، بل مرآةٌ تُظهر حجم العجز الإداري والسياسي، ومن يتأمل انعكاسها، يدرك أن النهر الذي كان يمنح الحياة، صار يقيس مستوى وعي الدولة، لا مستوى منسوبه.

 










أربيل - عنكاوا

  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    [email protected]
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    [email protected]
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2025
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.4551 ثانية