
عشتار تيفي كوم - بطريركية السريان الكاثوليك/
في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الأحد ٢٣ تشرين الثاني ٢٠٢٥، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة أحد بشارة العذراء مريم بالحبل بالرب يسوع، وذلك على مذبح كنيسة مار اغناطيوس الأنطاكي، في الكرسي البطريركي، المتحف - بيروت.
عاون غبطتَه الأب كريم كلش، وشارك في القداس الخوراسقف عماد حنّا الشيخ، والمونسنيور حبيب مراد، بحضور ومشاركة جمع من المؤمنين.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، استهلّ غبطة أبينا البطريرك كلامه بالإشارة إلى أنّ "اليوم هو الأحد الرابع من الآحاد الثمانية السابقة لعيد الميلاد، وهو أحد بشارة العذراء مريم بالحبل بالرب يسوع، كما سمعنا من إنجيل القديس لوقا الذي كان من أنطاكية. ويخبرنا تاريخ الكنيسة أنّ لوقا تعرّف على مريم العذراء، ومنها استقى المعلومات عن بشارة الملاك جبرائيل لها".
ورحّب غبطته "بحضرة الخوراسقف عماد حنّا الشيخ القادم من سان دييغو – كاليفورنيا، في الولايات المتّحدة الأميركية، وهو مؤسّس كنيستنا العامرة، كنيسة أمّ المعونة الدائمة في سان دييغو، ويخدم حوالي ٥٠٠ عائلة من أولادنا المغتربين هناك، وحصل على كنيسة وقاعات. بارك الرب خدمته وحفظه، نتمنّى له زيارة موفَّقة إلى لبنان والأردن والعراق".
ولفت غبطته إلى أنّنا "سمعنا، في ختام الإنجيل، هذه العبارة الرائعة لأمّنا مريم العذراء: ها أنا أمةٌ للرب، فليكن لي حسب قولك. نعم، سرّ التجسُّد، تجسُّد كلمة الله يبقى غير مفهومٍ لنا نحن البشر، لكنّنا نؤمن به، ونقبل مشيئة الله "لتكن مشيئتك"، كما نصلّي في الصلاة الربّانية".
وأشار غبطته إلى أنّ "مار بولس، رسول الأمم، هو من الفريسيين، أعيان اليهود، وكان مطّلعاً على العهد القديم ونبوءات الأنبياء والناموس. الناموس كلمة يونانية تعني الشريعة، الشريعة الموسوية. كان بولس يعرف هذه الشريعة جيّداً، هو يعتبر هذه الشريعة الموسوية مقدّمة لشريعة ابن الله الذي أتى لخلاصنا، إذ أنّنا أصبحنا أبناء وبنات الله، ولم نعد العبيد الذين يتمّمون الشريعة دون أن يفكّروا ويتأمّلوا سرّ خلاصنا بالرب يسوع".
ونوّه غبطته بأنّ "البشارة، التي نعرفها كلّنا، ولا بدّ أنّنا ليس فقط سمعناها، بل نقرأها في إنجيل لوقا، أنّ مريم كانت تهيّئ نفسها بطريقة حقيقةً تقيّة، وربّنا اختارها لتكون والدة الكلمة الأزلي. لذلك في قانون إيماننا نذكر دائماً أنّ ابن الله، والذي هو من جوهر الآب، ومساوٍ للآب، تأنّس ودخل تاريخنا البشري بتجسُّده وولادته من مريم العذراء البتول. وهذا ما ردّدناه ونردّده على الدوام في قانون إيماننا".
وتناول غبطته احتفال لبنان بعيد الإستقلال، فقال: "البارحة احتفل لبنان بالعيد الثاني والثمانين للاستقلال، وقد وجّهنا بهذه المناسبة رسالة تهنئة إلى فخامة العماد جوزاف عون رئيس الجمهورية اللبنانية. واليوم نطلب من الرب أن يقوّي إيماننا، وبشكل خاص في لبنان الذي لا يزال مضطرباً ومتخبّطاً قي الكثير من الأزمات، لأنّ هناك قسماً من اللبنانيين يفكّرون أنّهم هم مسؤولون عن لبنان ومصيره، ويخلطون الأمور، ولم نعد نعرف كيف يستطيع لبنان أن يسترجع هويّته وحضارته والوحدة بين أبنائه، هذه الوحدة التي تعني المِثال، وتعني أيضاً أنّ لبنان ليس فقط وطناً لطائفة معيّنة، إنّما هو وطن يجمع الكلّ، دينياً، مذهبياً وحضارياً. لذلك علينا أن نقدّر لبنان كرسالة في منطقتنا، منطقة الشرق الأوسط، لأنّ في لبنان وحده يحيا المواطنون بمختلَف مكوّناتهم بالمساواة بين الجميع حسب القانون والدستور. لبنان وحده يفصل الدين عن الدولة، لبنان وحده لا يميّز بين المواطنين، فلهم كافّة الحرّيات، ولو أنّ نظامه لا يزال طائفياً حسب توزُّع طوائفه".
وذكّر غبطته بأنّه "ليس هناك بلد بين البلدان العربية سوى لبنان يقرّ بفصل الدين عن الدولة، حيث فيه الجميع متساوون، أكان في إيمانهم أو في مشاركتهم في بناء بلادهم. لذلك نسأل الرب على الدوام أن يحمينا، ويقوّي جميع المواطنين ليحافظوا على لبنان، لا سيّما، وكما تعلمون، بأنّنا سنستقبل هنا في لبنان، بعد ظهر الأحد القادم في الثلاثين من تشرين الثاني الجاري، قداسة البابا لاون الرابع عشر، والذي سيبارك لبنان بزيارة رسولية هي الأولى لقداسته إلى هذا البلد، وستستمرّ زيارة قداسته أيضاً يومي الإثنين والثلاثاء ١ و٢ كانون الأول القادم، وستتضمّن هذه الزيارة نشاطات وفعاليات كنسية وروحية ومسكونية ووطنية".
وختم غبطته موعظته ضارعاً إلى الرب "كي تحمل زيارة الأب الأقدس هذه، لنا السلام والأمان، فنعزّز رجاءنا، بأنّ لبنان باقٍ لجميع أبنائه وبناته، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، سيّدة البشارة، وجميع القديسين والشهداء".