
عشتار تيفي كوم - الفاتيكان نيوز/
استقبل البابا لاوُن الرابع عشر الاثنين ٢٤ تشرين الثاني نوفمبر المشاركين في المجمع العام لرهبنة خدام مريم. وفي بداية كلمته إليهم أعرب الأب الأقدس عن سعادته للقائهم لمناسبة المجمع العام الـ ٢١٥ والذي يشكل حسبما ذكر عودة إلى المنابع وفي الوقت ذاته نظرة إلى المستقبل. وشدد قداسته على أن الأمرين لا ينفصلان، فكلما عدنا إلى الأصول كلما صرنا أكثر قدرة على الإبداع والنبوة.
وواصل قداسة البابا مشيرا إلى أن المنبع الأول الذي يجب العودة إليه هو الإنجيل. وذكَّر هنا بحديث البابا فرنسيس في رسالته في ٢١ تشرين الثاني نوفمبر ٢٠١٤ إلى المكرسين لمناسبة سنة الحياة المكرسة عن أن القانون المطلق لمؤسسي ومؤسِّسات الجمعيات الرهبانية كان الإنجيل، بينما كانت كل القوانين الأخرى تعبيرا عن الإنجيل وأدوات لعيشه بالكامل. وواصل البابا لاوُن الرابع عشر مذكرا بما كتب سلفه حول كون المَثل للمؤسسين والمؤسسات المسيح والالتصاق به بالكامل، وذلك للتمكن من القول مع بولس الرسول "فالحَياةُ عِندي هي المسيح" فيلبي ١، ٢١). وكان للنذور معنى فقط لتحقيق حبهم الشغوف هذا، كتب البابا فرنسيس. وشدد البابا لاوُن الرابع عشر بالتالي على ضرورة العودة إلى الإنجيل قبل كل شيء.
ثم تحدث الأب الأقدس عن عودة أخرى، ألا وهي العودة إلى القوانين، والتي هي في حال ضيوفه اليوم من خدام مريم قوانين القديس أغسطينوس، وإلى الدساتير والإرث الروحي الذي يأتي من تاريخكم، قال البابا للحضور. وتابع أن هذه المنابع تقدم لهم بشكل ما مفتاح التفسير الذي يمكن من خلاله بمساعدة الروح القدس قراءة وتحليل ما تقول لكم كلمة الله.
عودة ثالثة تحدث عنها البابا لاوُن الرابع عشر بعد ذلك هي الإصغاء إلى صرخة الفقراء. وقال قداسته إن هذه عودة إلى اليوم كنعمة يجد فيها المعنى ما وهبكم الرب. وأضاف أن هذا يعبِّر عنه بشكل جيد الموضوع الذي اختاره ضيوفه محور مجمعهم العام، أي أن نكون خداما في عالم مستقطَب من أجل بناء ما يوحدنا من خلال تثمين الاختلافات. وواصل البابا قائلا للحضور إنه يريد، وكي يتمكنوا من أن يعيشوا بأفضل شكل تلك العودات الثلاث لا فقط خلال هذه الأيام بل بشكل دائم، أن ينصحهم بثلاث وسائل ترتبط بتقاليدهم: الأخوّة، الخدمة والروحانية المريمية.
وفي حديثه عن الوسيلة الأولى، الأخوّة، قال البابا إن من المؤثر كون رهبنة خدام مريم كحالة وحيدة تقريبا في تاريخ الجمعيات الرهبانية قد تأسست لا حول مؤسِّس واحد بل مجموعة من سبعة أصدقاء. أي أن المؤسس لم يكن شخصا واحدا بل أكثر من شخص تجمعهم صداقة قوية في المسيح. وأضاف الأب الأقدس أن هذه، في عالم مثل عالمنا، علامة واجب ودعوة خاصة: عيش الأخوّة وحملها خاصة حيثما يتفرق البشر بسبب النزاعات والثراء والاختلافات الثقافية، العرق أو الدين. وقال البابا لضيوفه إنهم مدعوون إلى أن يكونوا حمَلة صداقة وسلام.
ثم تحدث الأب الأقدس عن الوسيلة الثانية، أي الخدمة، فقال لضيوفه إن من الهام بالنسبة لهم أن أعضاء الرهبنة الأوائل قد اختاروا أن يُطلقوا على أنفسهم اسم الخدام، وأن الرهبنة ذاتها قد قامت بخطواته الأولى لصالح الفقراء. وذكَّر البابا بالمستشفى الذي كان فيه مؤسسو الرهبنة يقدمون الخدمة للمرضى والحجاج مانحين إياهم كل ما كان لديهم. ولقد جعلتهم خبرة خدمة الله في جراح المتألمين يلتقونه في التأمل على جبل سيناريو، قال البابا وذكَّر بالقانون الثالث للرهبنة: قلب واحد وروح واحدة في الله. وتابع الأب الأقدس أن هذه هي الحياة حسب الإنجيل، شغف بالله وبالإنسان يقود إلى محبة السماء والأرض بالقوة ذاتها. وأراد البابا تشجيع ضيوفه في خدمتهم للفقراء، المهاجرين، السجناء والمرضى، وأيضا في التزامهم من أجل إيكولوجيا متكاملة للعناية بالخليقة وبالأشخاص في الأماكن التي يعملون فيها.
أما في حديثه عن الوسيلة الثالثة أي الروحانية المريمية فذكَّر البابا لاوُن الرابع عشر بأن تأريخ تأسيس الرهبنة قد أعطى في البداية لمؤسسيها السبعة اسم المحبين الاستثنائيين الكبار للعذراء، لمريم. وقال قداسته لضيوفه إنهم يواصلون تعزيزهم في الكنيسة لتعبُّد لمريم يقوم على كلمة الله ومرجعيات لاهوتية وإكلسيولوجية راسخة. وأشاد الأب الأقدس هنا بما يقوم به خدام مريم من عمل من خلال جامعة ماريانوم اللاهوتية وأيضا عبر العناية الرعوية في المزارات المريمية الموكلة إليهم. وختم قداسة البابا متضرعا كي تُعَلمهم مريم، القريبة من الصليب بقوة وأمانة، كيف يمكنهم التوقف بالقرب من الصلبان الكثيرة التي لا يزال يتألم عليها المسيح في أخوته، وكي تحمل لهم مريم العزاء والشركة والمعونة وخبز المحبة الثمين.