رحلة البطريرك إلى طور عبدين: القيادة، الذاكرة، والهوية في شرق أوسط مضطرب      اليوم الثاني من مهرجان الصليب 2025 – مزار مار إيليا، عنكاوا      «تحدّي القراءة العربيّ»… طفلة سوريّة سريانيّة تطمح إلى تحقيق حلمها في الإمارات      دفاع ترامب عن المسيحية: نافذة تاريخية لمسيحيّي لبنان      رسامة ثلاثة كهنة جدد في ابرشية مار بطرس الكلدانية في اميركا      غبطة البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان يحتفل بقداس الأحد الثالث عشر بعد العنصرة في كنيسة قلب يسوع الأقدس في نورث هوليوود – لوس أنجلوس      في ذكراه الـ1700… كنيسة المشرق الآشوريّة تستعدّ لإطلاق مؤتمر يحتفي بمَجْمَع نيقيا      وفد مجلس سوريا الديمقراطية يزور مطارنة حولب (حلب)       زاخو تحتضن الأمسية الختامية لمدرسة الآحاد التابعة لطائفة الأرمن      أنطلاق مهرجان عيد الصليب 2025      زراعة إقليم كوردستان: اكتفاء ذاتي في إنتاج لحوم الدجاج والبيض وتسويق الفائض بالعراق      مجلس النواب الأمريكي يلغي تفويضات الحرب في العراق      ملابسات مقتل حليف ترامب ونتنياهو.. رصاصة في العنق      كأس القارات للأندية.. "الفيفا" يحدد مواعيد وأماكن المباريات      وداعا للمخاوف.. الأطعمة المجمدة أفضل مما تظن      إعادة عزف أقدم أورغن مسيحي في العالم بعد نحو 800 عام من الصمت      البابا لاوُن الرابع عشر في مقابلته العامة مع المؤمنين: لنتعلّم من الرب يسوع صرخة الرجاء      البابا: هجوم إسرائيل على حماس في قطر يشكّل وضعًا خطيرًا للغاية      إنطلاق مشروع لتنقية مياه الصرف الصحي في أربيل وإعادة استخدامها في الزراعة      تراجع المنسوب لأدنى مستوياته.. التلوث وانتشار الطحالب وزهرة النيل يهددان نهر الفرات
| مشاهدات : 1543 | مشاركات: 0 | 2011-03-13 15:40:24 |

فاطمة الربيعي . . تسمو في اطراف الحديث

مروان ياسين الدليمي

              

 

     "كنت اتمنى ان يتم تكريمي في العراق قبل اي مكان اخر" .

 

توقفت امام  هذه الجملة التي  قالتها الفنانة العراقية  فاطمة الربيعي اثناء حوار كان قد أجراه معها الاعلامي مجيد السامرائي ضمن برناج اطراف الحديث الذي بثته قناة الشرقية في ليلة يوم الاحد 6/ 3/ 2011 . .

الربيعي قالت هذه الجملة و كانت تبدو عليها حسرة واضحة في نبرة الصوت والتعبير والملامح علت وجهها المُعبّر دائماً عن الاصرار والتحدي والتفاؤل رغم السنين الطوال التي مرت عليها وهي تمارس بكل جد واخلاص العمل في الميدان الدرامي، مسرحاً وسينما وتلفزيون، دون ان تفكر ولو للحظة واحدة حسب ماقالت في ذلك الحوار أن تكسب من وراء عملها في الفن أيّة ثروة كبيرة كما هو الحال لدى زملائها في هذه  المهنة في معظم البلدان العربية والاجنبية .

ويكفيها فخراً انها كسبت من كل هذا الجهد وهذا الكفاح المضني محبة الناس ورضاهم عنها فقط ، رغم الخسارات المادية التي تكبدتها وهذا امرٌ لم يكن يعلم به احد طيلة مشوارها الفني الطويل الذي يمتد لاكثر من اربعة عقود ولم تكشف عنه سابقاً الاّّّّ في برنامج اطراف الحديث ،الذي عرفنا من خلاله  أنّ الربيعي سليلة عائلة ثرية جداً ، وقد ترك لها والدها مع اشقائها بعد وفاته قبل سنين مضت املاكاً واسعة،ولو كانت قد نالت نصيبها منها حسب مايقتضيه الشرع والقانون لأصبحت الان من طبقة الاثرياء والملاكين ، لكنها مع شقيقتها زهرة قد حرمتا من حقهما الشرعي بهذا الميراث من قبل  اشقائهما، لا لشيء الاّ لانّهما كانتا قد اصرّتا على المضي في مشوارهما الفني حتى النهاية ولم تستجيبا لرغبة اشقائهما بالتوقف نهائياً عن العمل مقابل الحصول على حصتيهما  ، ولو كان لهذه الفنانة الكبيرة وشقيقتها زهرة طمع في مال الدنيا لتخلتا تماماً دون لحظة تفكير وتردد عن الفن الذي لم يمنحهما شيئاً سوى محبة الناس،ولجلستا في بيتهما تنعمان بثراء واسع لن تنالا ولو بجزء بسيط منه حتى لو عملتا  بكل جد واجتهاد الى اخر لحظة من حياتهما في حقل الفن .

 مالذي دفعهما لان تضعا نفسيهما في مثل هذا الموقف الدرامي الذي لايليق الاّ بالابطال التراجيدين الذين قرأنا سيرهم في النصوص المسرحية الرومانسية عندما كانوا يجدون انفسهم في لحظة ما امام مفترق طرق يضعهم اما خيارين لاثالث لهما امّا الاندفاع وراء  مشاعر الحب النبيلة او الخضوع لسلطة الواجب الذي  تفرضه القوانين والاعراف الاجتماعية .لم يكن امامهما الاّ ان تختارا  الوقوف مع نبل مشاعرهما وعواطفهما بمواجهة تراجيدية ضد سلطة اعراف ٍمجتمعية ٍلامنطق يسندها  .

هكذا كانت فاطمة وزهرة الربيعي في مشوارهما الحياتي والفني. .  فأنت هنا امام انموذج الفنان المتصالح والمتطابق مع نفسه الانسانية ، ولن تستطيع ان تفصل مابين شخصية الفنان والانسان بعد ان تداخلا ببعضهما واصبحا وجهان لعملة واحدة .

 وبعد هذا الموقف المشّرف والمشرق الذي جاءت به هذه الفنانة الكبيرة فاطمة الربيعي لصورة وحقيقة الفنان وهو يعلو بأهدافه واحلامه الى مراتب تسمو به عالياً فوق مايسعى اليه عامة الناس في مجتمع عربي شرقي همُّهُ الرئيسي كسب المال والتمتع بالدنيا في ظل بحبوحة من العيش الهادىء مجتمع مازال يخضع تحت سطوة قوانين واعراف تنظر بازدراء واضح  لشخصية الفنان رغم الدور الكبير الذي يضطلع به باعتباره واحداً من ادواة الثقافة المهمة في عملية التغيير والبناء والتجديد في بنية وشكل الحياة ولتسمو به ايضاً فوق مايسعى اليه الساسة  دائماً من اعتلاء مراتب السلطة والوجاهة دون ان يقدموا شيئاً مفيداً لحياة ورفاهية شعوبهم .

دائما ماكان المجتمع في معظم فعالياته النخبوية يتعمد اذلال الفنان بتجاهله ، فهو غائب تماماً عن كل المشاريع التي عادة  ماتطرح بعد اي تغييرسياسي يحصل في اي بلد عربي ،  ولافرق في هذا الموقف  بين بلد مهم وكبير مثل مصر له تاريخ عريق في الحراك الثقافي والسياسي يمتد لعقود طويلة  وبين بلد اخر مازالت تحكمه الاعراف القبلية مثل اليمن او السودان او لبنان او العراق ، فالقادة والنخبة السياسية في كل البلدان العربية قاطبة ودون اتفاق مسبق  تلتقي جميعاً عند نقطة اذلال الفنان بتجاهله ، ومايؤكد هذا القول اننا لم نشهد حتى هذه اللحظة ان تم استدعاء اي نخبة من الفنانين من قبل قادة العهد الديموقراطي الجديد حتى يشاركوا جدياً في صياغة مستقبل اي بلد من تلك البلدان ! والعراق بعد التاسع من نيسان عام 2003 هو اقرب شاهد على مانقول، كذلك هو الحال مع تونس ومصراللتان  شهدتا بشكل متتابع تحولات سياسية جذرية مع مطلع العام 2011 في منظومة الحكم التي كانت تمسك بهما طيلة نصف قرن من الزمان  لتخرجهما من ظلمة مستنقع آسن ٍ  اساسه دكتاتوريات فردية عائلاتية حزبية شمولية فاسدة مجرمة متخلفة ،وانعطفت بهما هذه التحولات  الى اعتاب مجتمع آخر يقوم في جوهره على  تقديس الحريات المدنية ،وعلى عكس التصريحات والشعارات والحوارات والخطابات الرنانة المعلنة التي تمجد الحرية ، بدأنا نسمع ونشهد مواقف صادمة لعدد من قادة ورموز العهد الجديد في العراق تفوح منها بكل صراحة ووضوح رائحة مخيفة لاأشد منها تخلفاً الاّ جماعة طالبان في افغانستان،وقد خلّفت فينا تلك المواقف والتصريحات التي حرّمت تدريس الفن الموسيقى والمسرحي في المعاهد والكليات الحكومية مشاعر مختلطة مابين الحيرة والدهشة والخيبة، وبتنا نستشعر نواقيس الخطر وهي تدق معلنة الخوف على مستقبل الفن والفنان في بلد يحرص قادته في كل مناسبة يتواجدون فيها على اعلان تمسكهم الجاد والصادق  في بناء نظام ديموقراطي تعددي برلماني فدرالي يحترم الحرية والكرامة الانسانية بعد ان كان المجتمع والفرد معاً  قد حرما من كل هذه الحقوق  في ظل النظام السابق !.

ان الفنان العراقي بصورته المشرقة التي عبرت عنها  الفنانة فاطمة الربيعي بكل مسيرتها الفنية ، لاشك هو الان في  محنة  اكبر مما كانت عليه في العهود السابقة منذ تأسيس الدولة العراقية في مطلع العقد الثاني من القرن العشرين، لان مكانته ودوره في المجتمع  تتعرضان الى ازدراء واضح وكبير لم  يشهد له مثيلاً ، بل ان مايشهده الفنان خلال الاعوام القليلة الماضية من تضييق واضح للمساحة التي يتحرك فيها والخطوط الحمر الكثيرة التي باتت توضع امامه سواء كانت دينية أوطائفية أوسياسية عندما ينوي الاستعداد لتقديم اي عمل فني تجعلنا  لانتردد في رسم صورة قاتمة لما تخبئه لنا الايام والاعوام القادمة .

اقف هنا لاستعيد تلك الجملة التي قالتها  الفنانة فاطمة الربيعي واشاركها اياها تلك الامنية واقول لها : ياسيدتي ،  لقد نلت من التكريم مالم ينله ولن يناله اي سياسي يتربع على عرش السلطة حتى لو بقي  طيلة حياته   متوهماً ومخدوعاً مع نفسه بأن الناس تكن له مشاعر الحب والاحترام ، بينما هي في حقيقة الامر تكن له كل مشاعر الكره والاحتقارفي دواخلها  .

 لقد كنت  ياسيدتي على درجة كبيرة من الصواب عندما قلت " انا بسبب الفن فقدت ثروة مالية كبيرة ، لكنني في مقابل ذلك  كسبت حب الناس وهذي ثروة لايمكن تقديرها  بثمن ما " .. فشكراً لك مرة اخرى ،لانك تستحقين ان تكوني فخراً لنا ولبلدك بما قدمت ، ولك كل التكريم وليس لغيرك .

                                                 مروان ياسين الدليمي /اربيل

                                                [email protected]

                                                 

 










أربيل - عنكاوا

  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    [email protected]
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    [email protected]
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2025
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.6074 ثانية