هدوء وسكينة يلف الطائرة ( طائرة الخطوط الجوية السورية ) المغادرة من الشام الى إيطاليا وكنتُ على ما أعتقد العراقي الوحيد على متنها مع جمع من المسافرين الأجانب والسوريين .
لقد عشقتُ الشام وعطر الياسمين بعد سنين رحيلي وهجرتي مرغماً اليها من بغداد
عشقتُ عبق الشام وشوارعها ومقاهيها وطعم القهوة والشاي فيها وأحببتُ حاراتها واحترمتُ شعبها الأصيل المتعلم المحب للجميع .
تجد في الشام وباحاتها وأطرافها من كل الشخصيات والهويات ، للشام نكهة خاصة وهذا يجعلها ذو ميزة مختلفة عن المدن الأخرى
كُنتُ سارحاً غارقاً في تفكيراً عميقاً وانا في هذا المقعد الذي سيأخذني للغربة من جديد والاغتراب الى البعيد بعد أن تركتُ بغداد وأهلها ، دجلتها وأحبتي وأحلى مرابع طفولتي وشبابي فيها
فبغداد تبقى بغداد مهما طال الزمن ومهما كثر الحديث عنها ومهما ابتعدتُ تبقى عروستي التي حلمت ُ بها والتي لازلتُ أحلم بها وسابقى أحلم بها حتى أعود الى ترابها .
أخذتني النومة وانا المرهق بعد ليلة وداع مؤثرة وسهرة جميلة مع الأصدقاء الذين توددتُ ، تعرفت ُ وتقربتُ اليهم في سوريا الحبيبة
وإلا أسمع صوت المضيفة صاحبة الطول الفارع تنادي بقرب هبوط الطائرة .
واما أن نزلنا ووصلنا إلى بوابة المطار ( القادمين ) وقدمتُ جواز سفري العراقي المنتهية صلاحيته
حتى قام ضابط الجوزات وبحركة وكلمات وبلكنة إيطاليا جميلة وبإشارة منه تقدم إثنين من ضباط المطار ( الامن ) وأخذوني الى غرفة التحقيق.
س : من أنت
ج: أنا المكتوب أسمي في جوازي جلال يوسف
س: جوازك غير صالح للسفر وهو مزور
ج: وجواز من منا أصبح صالح وبلدي في حالة حرب
س : كيف حصلت على الجواز
ج: هذه قصة طويلة وعذاب
س : ما تعني بقصة طويلة قد تكون مجرماً او هارباً من العدالة
ج: أنها قصة وطن مجروح مُعذب وأنا واحداً منهم وأطلب اللجوء
س: سنقوم بحبسك كي نقرر ونفكر بأمرك
ج : افعلوا ما يرضيكم لكن أسمي هو الحقيقي المكتوب .... ونعم جوازي مزور لكني عراقي
شاءت الظروف أن أتعذب ، أتغرب وأتعب في حَيَاتِي لكني لست بمجرماً او هارباً من العادلة
بل أنا من تكلمت من اجل الحق والحقيقة وتمنيت وكتبت وناضلت من اجل العادلة ، بل حاربت الفاسدين وبسببها تركتُ بلدي مرغماً مجروحاً فقد كانت أيامي فيه معدودة
فافعلوا من يرضيكم ؟؟؟؟؟؟!!!!!!!
فتم اعتقالي وتوقيفي رهنُ التحقيق .
--------------
جاني
والبقية تأتي