نظرة إلى كنيسة اليوم
إذا حاولنا أن نرسم صورة حقيقية لكنيسة العراق اليوم سنتألم كثيراً، ربما نقول أنها رسالة قاتمة، ولستُ متشائماً إذا قلتُ أنها تمرّ في أسوأ حكايات التاريخ.
فالفساد والمحاصصة والمصلحة والسياسة والكذب يسودونها، وربما أحياناً يتخللها أضواء خافتة وآمال ضعيفة. فقد أصبحت السياسة منهجها الثابت – كما قلتُ سابقاً – ولا أحد يبالي بالآخر بل كل كنيسة طائفية بشكل نوعي ولا تهتم إلا بجماعتها. فالكنائس عديدة والطوائف مثلها والرؤساء عديدون والمسؤولون يخافون الواحد الآخر ولا بنت كلمة مع رفاق كنيسة أخرى خوفاً واحتراماً واستبعاداً للمشاكل. فهل ممكن أن تقول أن الكنيسة الجامعة هنا في العراق منقسمة على ذاتها؟ ربما ذلك يكون الجواب إنهم كنائس وليس كنيسة واحدة، وربما إيمان واحد ولكن ليس بالوحدة التي نُنشدها، وربما معمودية كلٌّ على طقس كنيسته، والويل لنا إذا أصبحنا كنائس متعددة، ولا يجوز التردد من كنيسة طائفة إلى أخرى. فالمسيح مسكين بيننا، وأصبحنا نحن مسيحاً واستبعدنا المسيح الحقيقي عن مسارنا، ويا ليت كان هذا فقط، فهذا ظاهرياً ما نراه، ولكن ما نراه روحياً غير ذلك تماماً، فهذا قليل مما نراه وإن كان الإنسان أحياناً يفتش عن المسيح فهو ما يقع فيه هو انسجامه مع روح العولمة.
فالكنيسة هي لأشخاص معروفين كما هي متشبّثة أحياناً بأمجاد الماضي وتقاليده، وأحياناً أخرى كل كاهن يتصرف كما يشاء إنْ كان في الطريق الصحيح أو في الطريق الغير المستقيم ودون أن ينظر إلى الذي "طعنوه" (يو37:19) فهي تخاف من الحاضر ومن مشاكله ولا تتهيأ للمستقبل لأنه لا يُسمَح لها، فهي ترفض كل تجدد ولا زالت تعيش متخلفة عن ركب التقدم الجاري في هذا العصر وهذا الزمان، هل لأن قيادتها ضعيفة؟ لا أعلم. هل لأن قيادتها غير قادرة وغير موحَّدة وليس لديها الشعور بالمسؤولية، والتي يجب أن تكون بالمسؤولين بسبب الفوضى التي أُصيبت بها لعدم الاستشارة وبسبب الكذب الذي لازم كبار الزمن وما أكثرهم أو وبسبب رؤساء لا يملكون حق الجلوس على الكراسي وهذا ما يحصل اليوم أو بسبب حياة روحية في الاكليروس والتي ضعفت إلى حد الهزال، ومن المؤسف أن ذلك أصبح قانوناً وأصبحت معيباً لها.
إضافة إلى طغيان المادة في مختلف فئات الكنيسة والمجتمع ونتائجها الوخيمة و... و... وإن كان هناك كبار لا يهتمون لهذه الأمور، محاولات فردية أو جماعية في سبيل بعض الخورنات والكنائس والرعايا، وما هذه إلا محاولات محدودة وذات تأثير ضعيف. فإن قمة الهرم الكنسي والكبار والمسؤولين أصبحت وباتت غير فعّالة، ويبقى الأمل كله في هؤلاء الصغار وفي الناس البسطاء. فالمشكلة أننا نعمل جميعاً من أجل أنفسنا ولا نعمل من أجل المسيح الذي أحبنا وأعطانا ذاته ومات وفدانا على الصليب، ولهذا تراجعنا وأصبحنا كنيسة طائفية لا غير... (وإلى الحلقة الثالثة)