رغم الظروف الحياتيّة في لبنان وثقل الأزمات التي تطغى على يوميّات سكّانه، نراهم يستعدّون لاستقبال طفل المغارة بقلوب مطمئنّة هذا العام. وقد مثّلت رحلة البابا لاوون الرابع عشر إلى لبنان إشراقة سلام أعادت الفرح إلى القلوب وفتحت بابًا واسعًا لتأمّل معنى العيد.
لم تكُن زيارة الحبر الأعظم مجرّد حدثٍ بروتوكوليّ، بل هي حضورٌ روحيّ ترك أثره العميق في النفوس. الطُرق التي سَلَكها البابا ازدانت بألوان العيد وأضوائه، كأنّها استعادت دورها الطبيعيّ كمساحات فرح ولقاء، يمرّ فيها الناس مبتسمين، يتوقّفون ويتأمّلون الزينة في عينَي طفل. وفي بعض الوجوه، تمتزج الدموع بالابتسامة، علامة الأمل الذي لم ينطفئ.
تلك الشوارع نفسها ممتلئة بصلوات صامتة وهمسات داخليّة. شجرة مضيئة، مغارة صغيرة، شمعة عند نافذة... تفاصيل بسيطة تحمل معانيَ كبيرة. أدخلت زيارة البابا طمأنينة عميقة إلى القلوب، وفتحت مساحة لتأمّل سرّ التجسّد العظيم: «وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا» (يو 1:14). هكذا، أصبح العيد دعوة حيّة إلى اكتشاف حضور الله في هشاشتنا اليوميّة، والإيمان بأنّ النور الإلهيّ قادرٌ على أن يسكن الأماكن الأكثر تعبًا وظلمة.
في هذا العيد، لم ينكر اللبنانيّون واقعهم الصعب، بل واجهوه برجاء متجدِّد، مستمدّين قوّتهم من لقاء زرع سلامًا داخليًّا. وتحوَّل العيد إلى فعل إيمان، واستعداد هادئ مكلّل بالتفاؤل لاستقبال طفل المغارة، لا بالزينة وحدها، بل بقلوب متعبة لكنّها مفتوحة للبهاء الإلهيّ، وعيون تتطلّع إلى إشراقة لا تخبو.




















