محافظ نينوى عبد القادر الدخيل يفتتح نصب الخلود تخليداً لأرواح شهداء فاجعة عرس الحمدانية الأليمة الذي شيد في باحة مطرانية الموصل للسريان الكاثوليك في قضاء الحمدانية      قداسة البطريرك مار آوا الثالث يزور سعادة السيد فرنسيسك ريفويلتو-لاناو رئيس مكتب التمثيل الإقليمي لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (UNAMI) في أربيل      البطريرك ساكو يستقبل سماحة السيد احسان صالح الحكيم وشقيقته      قداسة البطريرك مار آوا الثالث يزور دير مار يوسف لرهبانية بنات مريم المحبول بها بلا دنس الكلدانيّات للتهنئة بعيد الميلاد المجيد في عنكاوا      غبطة البطريرك يونان يزور غبطة أخيه روفائيل بيدروس الحادي والعشرين ميناسيان بطريرك الأرمن الكاثوليك للتهنئة بعيدي الميلاد ورأس السنة      صور لقرية كوماني تكتسي بحلّةٍ بيضاء ناصعة بعد تساقط الثلوج بكثافة، في مشهدٍ يفيض جمالًا وهدوءًا      بالصور.. بغديدا في اعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة      قداسة البطريرك مار كيوركيس الثالث يونان يستقبل معالي الدكتور رامي جوزيف آغاجان      قداسة البطريرك مار آوا الثالث يستقبل سعادة السيد بريجيش كومار القنصل العام لجمهورية الهند في أربيل      بالصور.. الأحتفالية السنوية التي تقام في كاتدرائية مار يوخنا المعمدان البطريركية في عنكاوا بمناسبة اعياد الميلاد      تحذير طبي: قطرات الأنف قد تتحول من علاج إلى إدمان      الفيفا يتجه لإحداث تغيير "ثوري" في قاعدة التسلل      ظاهرة "دودة الأذن".. لماذا تعلق بعض الأغاني في أذهاننا؟      خلود الرجاء... تقرير عن عدد المرسلين المستشهدين عام 2025      الديمقراطي الكوردستاني يستبدل مرشحه لمنصب النائب الثاني لرئيس مجلس النواب العراقي      البابا لاون الرابع عشر رجل العام ٢٠٢٥ وفقاً لمعهد موسوعة "تريكّاني" الإيطالية      طنين الأذن.. العلاج بالموسيقى والعلاج السلوكي المعرفي      الديمقراطي الكوردستاني يلوّح بالانسحاب من العملية السياسية      بعمر 58 عاما.. أسطورة اليابان "الملك كازو" يوقّع مع فريق جِدي      الثلوج تكسو مدن إقليم كوردستان بـ "نصف متر".. ومنخفض قطبي جديد يهدد بانجماد حاد
| مشاهدات : 329 | مشاركات: 0 | 2025-12-31 06:40:59 |

‏فجر برلماني جديد يطل على العراق

محمد النصراوي

 

‏الاثنين، بعد الظهر، مرت أربع وعشرون ساعة على جلوس نواب العراق على مقاعدهم الحمراء، وسنوات على انتهاء الحرب ضد داعش، واثنان وعشرون عاماً على سقوط النظام السابق، وما يقارب القرن على أول تجربة برلمانية في تاريخ البلاد.

 

‏لم يفتتح اليوم كما يحلم الدستور، في قاعة فسيحة تليق بتمثيل الشعب، تحت قبة رمزية، مرةً، وقبل عقود، تحدث مثقفون عراقيون عن برلمان يشبه البرلمانات الديمقراطية في شكله ووظيفته، كان المشهد يتهيأ ليكون طبيعياً، مثل أي برلمان في العالم، لكنه ظل محروساً بأسوار كونكريتية وأبراج مراقبة، كذكرى عالقة لزمن لم يُنقض.

‏لم يفتتح أيضاً كما يتخيله المنظرون، بانتصار كاسح لتحالف على آخر، أو بزعيم واحد يفرض إرادته على الكل، قيل لي إن المشاورات استمرت حتى اللحظة الأخيرة، وأن الاتفاقات جرت في غرف مغلقة، على غرار المشاهد التي عاشها العراقيون في السنوات الماضية، لعله درس من تجارب سابقة، حيث كان الفراغ يهدد، والخلاف يصل إلى حافة الهاوية، مؤكدٌ أن النواب الجدد انتبهوا لصور الجماهير المنتظرة خارج المنطقة الخضراء، والغضب المكبوت الذي قد ينفجر إذا فشلوا مرة أخرى، لا ريب أن لهذه المقاعد ثقلها، لعلها تثقل تحت وطأة المسؤولية، لكن الثابت أن لا شأن للكراسي بوعود الناخبين، فهي تظل صامتة، جامدة، تنتظر من يجلس عليها ليعطيها معنى، وجاء رئيس البرلمان، أخيراً، بعد اتفاق سريع، بلا أزمة كبيرة هذه المرة.

‏لم يفتتح أيضاً كما خشي المتشائمون، بتصادم أو شجار أو مقاطعة، أو كما طالب المتظاهرون، بحل كل الطبقة السياسية وبدء عهد جديد، ويعرف العراقيون أن الديمقراطية الوليدة لا تزال تعرج، وأن بناء المؤسسات يحتاج صبراً، وأن الناخب، بعد كل المعاناة، منحهم فرصة أخيرة، لكنهم آخر الأمر اجتمعوا فعلاً، وصوتوا، واختاروا هيئة مكتبهم مثل أي برلمان عادي.

‏وعلى لسان أحد المراقبين الذي حضر الجلسة الافتتاحية أنها كانت "هادئة وتمت بإنسيابية واضحة"، ثم مضى النواب إلى جلسات التشاور، مئات النواب يدلون بأصواتهم بهدوء ورسمية، لحظة إعلان فوز هيبت الحلبوسي برئاسة البرلمان، بدت الوجوه متحفظة، محسوبة، فالتفكير في حجم المهمة شيء بشري، أول الطريق.

‏لم يفتتح أيضاً كما كان يشتهي محتجو تشرين، برلماناً ثورياً، يمحو كل رموز المحاصصة، ويشرع لقوانين تنتشل البلد من الفساد والخراب، تم محو أساطير الماضي، نوري السعيد وصدام حسين، بهذا الأسلوب العنيف قبل عقود، واليوم، جاء التغيير عبر صندوق الاقتراع، بطيئاً، متعباً، لكنه قد يكون الأكثر بقاء.

‏ولم يفتتح كما يشتهي أنصار الماضي، عودة النظام الشمولي، أو هيمنة طائفة على أخرى، لو تحققت هذه المخاوف لكانت نكسة جديدة، جاء النواب بفعل صناديق الاقتراع، وبها يثبتون أو يسقطون، يجلسون بفعل إرادة ناخبين تعبوا من الفراغ، وبهمة هؤلاء الناخبين نفسها سيُحاسبون.

‏قبل سنوات، هدد الإرهابُ كل العراقيين بأنه لن يغادر إلا بعد أن يحول البلاد إلى ساحة حرب طائفية، وكان لخطاب التقسيم والكراهية أدعياء ومتصنعين، مثلما كان ناكثاً للوعد الوطني بامتياز، أحال بلد الحضارة والتاريخ إلى ساحة للصراعات الخارجية، صار العراق، قبل أن ينهض من كبوته، بلداً مهشماً، مجتمعاً ممزقاً، كادت أن تنهار فيه فكرة العيش المشترك، لقد كاد العدو أن ينفذ وعده فيه.

‏قيل إن الأمة، مثل الشجرة المصابة، لا تتعافى بين عشية وضحاها، من عساه يصلح كل هذه السنوات من الهيمنة، والطائفية، والخوف من الآخر، والارتياب من المصافحة، والإسراف في اتهام النوايا، والاختباء وراء الهويات الضيقة، والقلق من مستقبل مجهول؟

‏كنت أشتهي أن أرى بداية حقيقية، وللحق، أشهد أن لحظة رفع اليد للتصويت كانت لحمة الأمل الوحيدة في تاريخ سنوات من الانتظار القاتل، يوم رأيتهم يتفقون على اسم واحد، شعرت أن شيئاً ما قد يتحرك، لم تعُد اللحظة مجرد طقس شكلي، بل أصبحت نبضاً جديداً في شرايين السياسة المتعبة.

‏والحق أقول أيضاً إني حدقت بشاشة التلفزيون لحظة أعلن النتيجة، شاركتني هذا الترقب والدتي التي عاصرت كل الحروب والعقوبات، كانت ترى أن أي جلسة برلمانية هي "لمسة ضوء" في نفق مظلم، فأينما وجد الحوار، وجد الأمل تباعاً، لكنها أدارت وجهها بعيداً بعد قليل، قائلة "الكلام كثير، ونحن ننتظر الفعل"، اكتشفنا عمق التشكك الذي نما فينا بعد كل هذه الخيبات على مدى سنوات من وعود مابقي منها الا الحبر والورق.

‏ثمة برزخ ما زال يتسع بين جزء من العراقيين وجزء من جيرانهم في النظر إلى هذا المشهد البرلماني، وفي النظر إلى ديمقراطية ما بعد الصدمة ذاتها.

‏كنت أقول في دخيلتي إن أكثر العرب لم يذق طعم الحروب الطائفية، ولا طعم العيش تحت رحمة الفساد المنظم، ولكن لا، ثمة قصور عميق في فهم التعقيد العراقي في طول العالم العربي وعرضه، فالتعليقات بمعظمها انصبت على الشكل: هل هذه ديمقراطية حقيقية أم محاصصة مقنعة؟ إن البرلمان الجديد هو ابن الاتفاقات الإقليمية والدولية، قال لي صديق من بلد عربي: "هذا يخدم إيران (أو أمريكا)، لذا أرفضه" أو أن العملية كلها تحت الاحتلال السابق أو النفوذ الحالي، أو أن النواب "عملاء أجنبيون"، أو أن الانتخابات كانت مزورة، أو: لا استقرار في ظل التدخلات.

‏كانت أصوات تنتقد من الخارج تطالب ببرلمان "خالص" للعراق، أي في ظل سيادة مطلقة، ناسية أن السيادة اليوم تُبنى حجراً حجراً.

‏الغائب الوحيد في هذه التصورات كلها "المواطن العراقي" الذي ذاق وبال الحروب والدكتاتورية والطائفية والإرهاب، والذي خرج ليصوت، رغم كل شيء، طامحاً في مدرسة تبنى، ودواء يصل، ووظيفة تتوفر.

‏أتذكر قولةً في "العقد الاجتماعي" أن الحكومة عقد بين الحاكم والمحكوم، فهي اعتراف بإرادة الشعب، وإقرار بأن السلطة تستمد شرعيتها منه، ثمة أساس دستوري لهذا البرلمان، لكن البعض يحبون النقد من بروج عاجية، بدون التفكير في تعقيدات الواقع.

‏من نكد الدنيا أن السيرة السياسية للديمقراطية العراقية باتت سيرة أمة بأسرها على مدى اثنان وعشرون عاماً، في نظر كتاب تقاريرهم (وبخاصة محللو المؤسسات الدولية) كان مسار العراق "بمثابة مختبر فاشل للديمقراطية في المنطقة" نعرف ثمن هذه الكلمات، فإزاء كل حرف مثقال من التشاؤم.

‏ما الأثر الذي يمكن أن تخلفه هذه الحقبة؟ قد تكون إعادة بناء مقومات المدنية، دولة ومجتمعاً، في هذه المرحلة، قد تتحول المؤسسات من أشخاص إلى قوانين، قد نعود القهقرى خطوة لكي نتقدم خطوات، في نوع خاص من المصالحة الوطنية (تتلمس طريقها في أكثر من بلد عربي).

‏لن أغفر لنفسي، أو لجيلي، أو لقادة الرأي، ووسائل الإعلام، قط، ترويجهم لليأس المطلق، كلنا مسؤولون عن منح هذه التجربة فرصة، فثمة خلل في كيان المنطقة، في قيمها السياسية، وطرقها في الحكم، وكلنا مسؤولون عن هذا الفراغ الديمقراطي الذي ورثناه من نظم الحزب الواحد، والفرد القائد.

‏لم أعجب قط لرثاثة الخطاب السياسي أحياناً، وفوضى بعض الجلسات السابقة، وفجاجة بعض ممثلي الشعب، ذلك أن الرثاثة، في عهد التشتت والانتقال، قد تصبح عادة يصعب كسرها، ما لم تكافأ بالإنجاز الملموس.

‏يصف الروائي العراقي محسن الرملي في روايته "حدائق الرئيس" كيف أن المدينة نفسها صارت تشبه سجانها لطول المعاناة، وبالقياس ذاته، بات المجتمع السياسي (ودولته الناشئة) في العراق، يحاول أن يتخلص من شبح دكتاتوره العجوز، مثلما يحاول الاسد الجريح أن يلعق جراحه، إنها محاولة للشفاء من ابتذال العنف وقسوته وفجاجته، متى تكتمل هذه السيرة؟

‏اليوم، اختاروا رئيساً للبرلمان، وفي الغد، يشرعون في تشكيل حكومة، الطريق طويل، وشائك، ومليء بالأشباح، لكن كراسي البرلمان الحمراء، التي التقطتها الكاميرات، تقول شيئاً واحداً "اللعبة السياسية، رغم كل عيوبها، لم تعد لعبة دم"، ومن يدري، فلعلها خطوة صغيرة، في مسيرة الألف ميل.

 









أربيل - عنكاوا

  • رقم الموقع: 07517864154
  • رقم إدارة القناة: 07504155979
  • البريد الألكتروني للإدارة:
    [email protected]
  • البريد الألكتروني الخاص بالموقع:
    [email protected]
جميع الحقوق محفوظة لقناة عشتار الفضائية © 2007 - 2025
Developed by: Bilind Hirori
تم إنشاء هذه الصفحة في 0.4365 ثانية