حرارةٌ تصل لنصف درجة الغليان، وكورونا تحصد بالأرواح جملةً، وفقراً يفتك بالناس جوعاً، وكهرباءً منعدمة تماماً، وعاطلين عن العمل يفترشون أرصفة المسؤولين بحثاً عن وظيفة، وحظراً للتجوال يمنع المساكين من البحث عن لقمة العيش، ومرضى عجزتا رئتيهم عن التنفس بسبب الحر الشديد، وأرضاً يفور ترابها لهباً في السيدية، وبراكيناً نارية تشق الأرض في كربلاء، كل هذا يحدث الآن في عراق الخيرات والأموال، في عراق عجز عن مجابهة قاتل أبناءه، صغارهم وكبارهم، مجرمٌ يسمى "تموز" حاملاً سيفاً مسلولاً، يقطع رقاب الذين لا حول لديهم ولا قوة، في عراق عجز ان يخرج جزءاً بسيطاً من أمواله ليأمن الكهرباء لإبنائه، ليقاوموا بها ذلك العدو القاتل، شديد الحرارة.
في هذا القرن المتطور، وما زلنا نفتقر لإبسط الحقوق، وهي الكهرباء، التي أصبحت كهلال العيد، ينتظره الجميع، ويعدون ساعات مجيئه، وإن جاء لا يلبث سوى ثلاثة أيام في الفطر، وأربعة في الأضحى، أي سبعة أيام في السنة الكاملة، أصبحت الكهرباء من العجائب عند العراقيين ان دامت لإكثر من ساعة متواصلة في اليوم.
جميع الحكومات التي توالت على حكم البلد، عجزت عن توفير الطاقة الكهربائية بصورة صحيحة ومستمرة، سبعة عشر عاماً من هدرٍ وضياعٍ لمليارات الدولارات، وما زالت المنظومة الكهربائية عاجزة عن توليد الكهرباء، ومتهالكة دون إصلاحٍ وصيانة، حتى الحكومات التي سبقت في الحكم ما قبل الـ2003، عجزت عن توفير الكهرباء، وكأن هناك اتفاق على عدم توفيرها.
كل ما ذكر جعل التجار يستغلون هذه الأزمة من أصحاب المولدات الأهلية، وحتى الحكومية، لبيع أمبيرات الكهرباء بإسعارٍ باهضة على المواطنين، ليزيد من كاهلهم، حتى أصبحت المناطق السكنية تمتلئ بمولدات توفير الطاقة الكهربائية، ليبيعوها بعشرات الآلاف، والتشغيل يكون بمزاجهم، كل ذلك يدفع ثمنه المواطن المسكين، الذي لا حول لديه ولا قوة.